«اهتم بشعبي وشعري».. الأبنودي يكشف سر العلاقة المتماسكة بينه وبين جمهوره
"قضية الأداء عندي ليست موهبة بقدر ما هي موقف واكتشاف ومران وجهد كبير ليتحقق لي ما تحقق، فمنذ الطفولة حين استمعت إلى الشاعر الشعبي أبو ربابة واكتشفت هذه الصلة العبقرية بينه وبين جمهوره وهذا الالتحام الذي لا يتحقق إلا في حالة من حالات الصدق الشديدة والوعي النادر بطبيعة الجمهور الذي يخاطبه".. هكذا كبر الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي على هذه الصورة، واستمرت خلال رحلته الشعرية في محاولة لتبوأ هذه المكانة التي كانت لشاعر الربابة.
وفي حوار لعبد الرحمن الأبنودي بمجلة "أدب ونقد" بعددها رقم 11 الصادر بتاريخ 1 فبراير 1985، ردا على سؤال "هل كان سيكون بنفس الشهرة لو لم تكن طريقة إلقائه وأدائه بنفس هذه اللهجة الخاصة جدا التي يتميز بها الأبنودي ويحرص عليها"، قال: الأداء عندي عنصر من عناصر الإبداع، من عناصر العملية الشعرية ذاتها، فأنا لا أكتب للورق، وإنما أقول على الورق ودائما في ذهني أثناء الخلق "عدا الأشعار الخاصة بي" أن هذا الشعر يصدر مني ليقال بين الجماهير.. خاصة وأن كتابة الشعر العامي على الورق تفقده الكثير من سماته وعناصره الأصلية كفن للقول والأداء وليس فنا للقراءة، وإنما القراءة ما هي إلا وسيلتنا الوحيدة للتسجيل.
وتابع: وإذا فليس مهما أن يكون صوت الشاعر الشعبي جميلا، وإنما يجب أن يقبض على روايته بشكل واع ويعرف أحوال جمهوره وهمومهم يعرف أسماءهم وأحوالهم حتى يقف بينهم بلا غربة ملتحما بهم، فقضية الأداء أساسية عندي وهذا لا يأتي بالتعلم، فمثلا أنا أشفق جدا على هؤلاء الذين يقلدونني وأعرف أنهم قد يضحكون الجمهور وقد يسلونه ولكنهم أبدا لن يهزوه من الأعماق، فاللغة الصعيدية عندي ليس فاكهة الريف للمدينة أو لون من التسرية عن الجمهور وتسليته.. وإذا كنت قد وفقت في صنع هذه العلاقة المتماسكة بيني وبين جمهوري، فليس لأني شاعر محظوظ ولكن لأني أهتم فعلا بشعبي وشعري وأحاول أن أجهل منهما شيئا واحدا.