محاكاة الأعمال الإبداعية الكبرى.. من فتحي رضوان إلى طارق إمام
محاكاة الأعمال الإبداعية الكبرى أمر طبيعي في ثقافتنا العربية، وهذا يتجلى في العديد من الأعمال الإبداعية التي أشار أصحابها تأثرهم بتلك الأعمال ومنها "عشرة شخصيات تحاكم مؤلفا"، للكاتب الراحل فتحي رضوان وجاءت محاكاة لأعمال الكاتب الإيطالي "لويجي بيراندللو"، لم يقتصر الأمر على الثقافة العربية فهناك كتاب في حجم الساحر ماركيز كتب روايته "الحزينات النائمات "محاكاة لرواية الياباني كاوباتا "الجميلات النائمات" وجاءت رواية الروائي طارق إمام "طعم النوم" للتقاطع معهم.
في هذا التقرير نرصد أبرز الأعمال الإبداعية التى تقاطعت مع أعمال روائية عالمية.
يقول ماركيز عن رواية كاواباتا "الجميلات النائمات" هذه هي الرواية الوحيد ة الذي وددت لو أكون كاتبه هو "الجميلات النائمات"، الذي يحكي قصة منزل غريب في ضواحي "طوكيو"، يتردد إليه بورجوازيون، يدفعون أموالا طائلة للتمتع بالشكل الأكثر نقاء للحب الأخير. قضاء الليل، وهم يتأملون الفتيات الشابات الأكثر جمالا في المدينة واللواتي يرقدن تحت تأثير مخدر، إلى جانبهم في السرير، لا يملكون حتى إيقاظهن ولا لمسهن، ولا يحاولون على أي حال، لأن الاكتفاء الأكثر صفاء لهذه المتعة الناجمة عن الشيخوخة، هو إمكانية الحلم إلى جانبهن!".
ومن المعروف أن ماركيز رغم إبداء إعجابه وتصريحه بتمنى كتابة هذه الرواية إلا أنه لم يكتف بهذا، وكتب رواية على غرارها، أو موازية لها، هي "ذاكرة غانياتي الحزينات" .
في نفس السياق جاءت رواية "طعم النوم" بعوالمها السحرية للروائي المصري الشاب طارق إمام لتكون معارضة روائية للجميلات النائمات لـ كاواباتا، و"غانياتي الحزينات " لماركيز. وتصبح الامتداد العربي والإنساني بعوالم وأجواء مختلفة لعالم ماركيز، وكاواباتا رغم تقاطعها "طعم النوم" مع "الجميلات النائمات" لكاواباتا و"ذاكرة عاهراتي الحزينات" لماركيز معَا، لتقدم معارضة روائية تستلهم" ألف ليلة وليلة" حكائية، لكن "إمام" هذه المرة يقلب لعبة الروايتين السابقتين منطلقَا من وجهة النظر العكسية بالضبط، والمسكوت عنها "روائيا". هذه المرة، الفتاة النائمة هي من تكتب روايتها، مستعرضة تقاطع التاريخ الشخصي بتاريخ وطن وجرح الذاكرة الفردية بألم الذاكرة الجمعية، على شرف مدينة قلقة هي "الإسكندرية"، المتخبطة في سؤال هويتها، والتي تحضر هنا بطلَا حقيقيَا وليس مجرد مسرح للحدث. إنها رواية جميع النساء اللائي لم يتحدثن أبدَا: رواية حب وجريمة، تأريخ وتأمل، يمتزج فيها الواقع بالخيال.
في نفس السياق جاءت مسرحية الكاتب المسرحي ووزير الثقافة الأسبق فتحى رضوان "عشر شخصيات تحاكم مؤلفا" محاكاة لمسرحية “ست شخصيات تبحث عن مؤلف” الإيطالي لويجي بيراندللو.
ويقول فتحي رضوان في حوار جمعها بالناقد المسرحي فؤاد دوارة الواقع أننى قرأت مسرحية “ست شخصيات تبحث عن مؤلف” ليبراندللوا بعد أن كتبت مسرحيتي "عشر شخصيات تحاكم مؤلفا"بما لايقل عن ثلاث سنوات. ولست أقول هذا لأنفي عن نفسي تهمة محاكاة بيراندللو، فأنا لا أجد غضاضة في الاعتراف بأني تأثرت به أو حاكيته، فالعمل الفني ليس مجرد الوقائع ولا شيء أكثر، بدليل أن الأساطير اليونانية القديمة التي تناولها أكثر من أديب وفي أكثر من عهد، وكانت وحيا لأكثر من عمل أدبي. وقد قرأت لبيراندللوا أخيرا، وهو أديب كبير ومن ذوى المقام الرفيع في عالم المسرح ، ولكني لست من هواته.