أبرزها مذكرات ابنة «ليف تولستوي».. أحدث ترجمات «الرافدين» للعربية
صدرت حديثا عن دار الرافدين للنشر والتوزيع٬ النسخة العربية لعدد من المؤلفات الفكرية والفلسفية. من بينها٬ كتاب "اللغة والإنسان"٬ من تأليف ماكس بيكارد٬ ترجمة وتقديم قحطان جاسم. ويقع الكتاب في 192 صفحة من القطع الوسط.
وبحسب مترجم الكتاب قحطان جاسم: كتاب "اللغة والإنسان" للكاتب والفيلسوف السويسري- الألماني ماكس بيكارد 1888-1965، هو الكتاب الثاني من سلسلة روائع "بيكارد" الفلسفية والأدبية، التي أقوم بترجمتها، بعد الكتاب الأول "عالم الصمت" والذي صدرت ترجمته الكاملة عن دار الرافدين في بيروت وبغداد.
وقد صدر الكتاب في أكثر من 19 طبعة، وبلغات متعددة، بين الأعوام 1953- 2019. ورغم ترجمة أعمال بيكارد إلى معظم لغات العالم، فإن القاريء العربي يكاد يجهل تماماً هذا الفيسلوف والكاتب اللاهوتي المهم الذي أُطلق عليه اسم «ضمير أوروبا»، والذي تشغل أفكاره مكانة مهمة في الفلسفة و اللاهوت المعاصر، ناهيك عن الأدب، والتي جعلت كلاً من الروائي "هيرمان هيسه" والشاعر "ريلكه" من بين أشد المتحمّسين لكتاباته.
ــ أسباب أهمية فكر ماكس بيكارد
تنبع أهمية فكر بيكارد من تميّز وطرافة الموضوعات التي عالجها، والقضايا الحسّاسة التي شرع بها منذ العام 1919. وقد تنوعت معالجاته و تراوحت بين الأدب، الفلسفة، اللاهوت، والفن.
تتمحور الأفكار الرئيسية في أعمال بيكارد حول وقوف الإنسان بين طرفي معادلة شاقة؛» مسؤولية محتومة وإمكانية أن يختار".
وانطلاقاً من ذلك، فقد أعتبر كلّ ما لحق بالبشرية من مآسٍ تالية نتيجة منطقية لانعدام التوازن بين طرفي هذه المعادلة، وبسبب غياب الإنسجام، سواء في العالم الخارجي الذي يعيش فيه الإنسان أو عالمه الداخلي، ولهذا يعيش الإنسان في العصر الحديث، بحسب تصوره، حالة تشرذم وهروب جماعي دائم.
إذا كان كتاب "عالم الصمت" قد ركز على فكرة الصمت وعلاقته بالإنسان، وكيف أن هذه العلاقة تتأثر بطبيعة الصمت ومداه وعمقه ومجالاته، فإن كتاب "اللغة والإنسان" يتعلق بالكلمة وأهميتها في وجود الإنسان وعلاقتها بثيمات مختلفة تشكل مركزا مهما في حياة الإنسان و حياته الروحية والمادية، وكيف تتغير قيمة وأهمية تلك الثيمات بتغير هذه العلاقة وطبيعتها مع الكلمة واللغة.
ومن بين هذه الموضوعات التي تناولها الكتاب؛ "اللغة والصوت، اللغة وعالم الكائن النقي، معنى اللغة، الزمن والمكان واللغة، اللغة والشعر". وتهدف إلى التأكيد على روحانية الكلمة، باعتبارها مبدأ الخلق والوجود. فالكلمة، واللغة بشكل عام، معطاة للإنسان مسبقا، إنها هدية له، و يتوقف عليه امّا العبث بهذه الهدية أو صيانتها وتطويرها بما فيه فائدته وسعادته، حسب تصور الفيسلوف ماكس بيكارد.
ــ كتاب "الديني والتحليل النفسي" من تأليف فيليب جوليان ترجمة وتقديم وتعليق: جلال العاطي ربي.
ويقع الكتاب في 167من القطع الوسط.
ومما جاء علي الغلاف الخلفي للكتاب: لقد أضحى الإنسان المعاصر في ظلّ جنوح العولمة وتجاوزاتها، وتحت وطأة اقتصاد السوق والتكنوقراطية، وفي أجواء الغفلية والسرية المدينية، واللاتجذر المعمّم، وكذا انحسار السلطات الأسرية والعمومية، مسحوقاً بين شِقّي الفوضى والارتباك. وغدا في عالم بهذه المعالم من المستحيل على إنساننا المعاصر أن يجبه بمفرده أعراضاً تتربص به ريب المنون. لهذا بات سؤال المعنى يُوجّه بإلحاحٍ شديدٍ إلى كل من التحليل النفسي والدين. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في هذا الكتاب هو التالي: أي علاقة تنعقد أواصرها بين التحليل النفسي والدين؟ يشير الكاتب في هذا المؤلف الصغير إلى أن الجواب عن السؤال الآنف تعدّد وتنوّع وتوزّع، تاريخياً، بين ثلاثة مَنازعَ رئيسةٍ: فرويد، ويونج، ولاكان. ومن المعلوم أن الرجال الثلاثة متباينو المنابت والجذور الثقافية: فالأول من ثقافة يهودية، والثاني من عائلة بروتستانتية، والثالث كاثوليكي الطائفة. ويؤكد فيليب جوليان في هذا المؤلف، كذلك، أن لا وجود لدينٍ (بالتعريف): بل إن ما يوجد في الواقع هي أديانٌ مخصوصة، أما "الديني" فهو متأصّل ومركوز في الجهاز النفسي الإنساني.
ــ الحياة مع الأب مذكرات أبنة ليف تولستوي من تأليف ألكسندرا تولستايا وترجمة د.فالح الحمراني
ويقع الكتاب في 424 من القطع الكبير. مؤلّفة الكتاب هي الإبنة الصغرى لليف تولستوي، "ألكسندرا تولستايا" التي عاشت إلى جانب أبيها خمسة وعشرين عاما حتى يوم وفاته، وكانت من أكثر المقربين اليه، ليس فقط بعلاقات الرحم، وإنما بالروح وعمق فهم ابداعاته، وشاطرته أفكاره ومعتقداته من صميم وجدانها. تتابع في مذكراتها نمو هذه العلاقات ولاسيما في السنوات الأخيرة من عمر الأديب، حينما كان يمر بأزمة روحيّة وعائليّة، محتاجاً إلى الحب والفهم.
إنه كتاب مذكرات حيّة ومثيرة للاهتمام تصوّر، بشكل موثوق، حياة الأسرة والعالم المحيط فيها، وتروي ملابسات السنوات الأخيرة من حياة الكاتب العظيم، حينما قرر تولستوي التخلّي عن حقوقه كمؤلف ووضع أعماله مجاناً تحت التصرف العام، فيما رفضت زوجته هذا الخيار، وصارعت من أجل أن تكون حقوق الطبع باسمها، لأنها مورد "رزق العائلة". وقفت الابنة في هذا النزاع الدرامي الى جانب والدها، ولثقته بها منحها حق التصرف بأعماله بعد رحيله، وكشف لها بدقة تفاصيل سر مغادرته ياسنايا بوليانا قبل أن يحتضر أمام عينيها.
تصوّر الصفحات نمط حياة "تولستوي" اليومية وهو يعكف على العمل والانتاج، والتعامل مع الآخرين، وبالخلاف عن العديد من المذكرات فالكسندرا تقدم تولستوي من دون رتوش، انساناً دنيوياً، ورجل عمل، مرحاً ويحب الحياة، ليس مفكراً عميقاً وأديباً عبقرياً وحسب، ولكن عند الحاجة يبتكر الالعاب المسلية، وينخرط فيها، يؤلّف الأغاني الخفيفة، ويرقص الرقصات الشعبية.كما تطوف بنا المؤلّفة في جولة واسعة في روسيا، بالدرجة الأولى في المناطق ذات الصلة بتولستوي، وخاصة ضيعة العائلة في ياسنايا بوليانا التي تمثل اليوم واحدة من أهم المعالم الثقافية الروسية ويزورها سنوياً الآلاف من السواح.إنه كتاب مثير، لا غنى عنه لمحبي صانع الحكايات الأمهر.