خبراء المال يكشفون أسباب نزيف الخسائر للبورصة المصرية
"نزيف الخسائر" أصبح لسان حال البورصة المصرية بعد ما منيت به من خسائر طوال الأسابيع الماضية، حيث غلب اللون الأحمر على مؤشرات البورصة نتيجة لتراجع أداء أغلب المؤشرات في تعاملتها طوال الأسبوع الجاري، ولعل آخرها إغلاق البورصة اليوم على خسائر تجاوزت الـ2 مليار جنيه.
خبراء الاقتصاد أكدو أن الخسائر المتتالية التي لحقت بالبورصة المصرية تأتي في إطار التراجعات الجماعية في مؤشرات أسواق المال العالمية، مرجعين ذلك إلى المشكلات التي يعاني من الاقتصاد العالمي وأزمتي اليونان والصين تحديدًا التي ألقت بظلالها على أسواق المال، إضافة إلى تراجع الأسعار العالمية للنفط، وكذلك المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد المصري داخليا بفعل السياسات الخاطئة التي تتبعها الحكومة تجاه الاستثمار غير المباشر.
قال محمد سعيد، المحلل المالي، إن البورصة المصرية تواجه ضغوطا عديدة خارجية وداخلية عديدة دفعتها إلى التراجع طيلة الستة أشهر الماضية، رغم المحفزات الإيجابية التي تمتعت بها الأسواق المالية خلال الفترة ذاتها سواء المتعلقة بالتراجع عن إقرار الضريبة الرأسمالية على أرباح البورصة، مرجعا ذلك إلى السياسات الخانقة التي يتبعها البنك المركزي حفاظا على الرصيد المحدود لمصر من العملات الأجنبية.
وأضاف سعيد، أن تراجع السيولة النقدية انعكست أيضا بالسلب على أداء مؤشرات البورصة التي اتخذت أغلبها منحي انعكست سلبا على أداء البورصة المصرية التي أخذت مؤشراتها في الهبوط منذ ما يقرب من ستة أشهر، لافتا إلى أن البورصة لم تستطع الاستفادة من كافة المحفزات الإيجابية التي تتمثل في إلغاء الضريبة الرأسمالية على أرباح البورصة، وافتتاح قناة السويس الجديدة، نتيجة تراجع سيولة البورصة وعزوف المستثمرين عن التداول فيها، ووجود شعور عام أن الحكومة في مصر لا تعطي أولوية لسوق المال، وهو ما تضح جليا في إصدار قانون الضريبة الرأسمالية على البورصة بعد الحديث عنها بـ3 أشهر فقط بما يعكس نوع من الإهمال الشديد، وفي المقابل اهتمام الحكومة باجتذاب السيولة للمشروعات المباشرة مثل مشروعات تنمية محور قناة السويس.
وأوضح أن الأزمات المالية التي تعاني منها اقتصاديات عدد من دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسهم اليونان، والتي امتدت لتطال الصين التي تعد ثاني أقوى اقتصاد عالمي انعكست سلبا على الاقتصاد العالمي ككل، ما سبب نوع من الذعر لدى متداولي البورصة في العالم ككل، إضافة إلى التراجعات القوية التي طالب أسواق المال العربية والخليجية على وجه التحديد نتيجة للانخفاض الحاد في الأسعار العالمية للبترول.
وشدد على أهمية قيام الحكومة بالترويج للبورصة لتجتذب سيولة تعوض النقص في سيولة البورصة وتسعى للحصول على محفزات للشركات المقيدة بالبورصة، نظرا لما تعانيه عدد من الشركات المساهمة في البورصة والمستثمرين من عدم الدراية بالبورصة.
وانتقد محمود مصطفى، المحلل المالي، تركيز الحكومة جل اهتمامها على جذب الاستثمارات المباشرة لإنجاز المشروعات القومية التي تحقق نتائج ملموسة سريعا على أرض الواقع، بينما تتعامل في المقابل بنوع من من عدم الاهتمام والتجاهل مع أسواق المال كأحد رواد الاستثمار غير المباشر.
وأشار إلى أن الهبوط في أسعار البترول أصاب أسواق المال الخليجية بخسائر كبيرة، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية في الصين وانعكاستها السلبية على أسواق المال الأسيوية، وكذلك المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد المصري، لعبت دورا كبيرا في الوقوف وراء التراجعات المتتالية في أسهم البورصة.
وأوضح المحلل المالي، أن المكاسب التي حققتها البورصة في اعقاب تراجع الحكومة عن تطبيق الضريبة الرأسمالية كانت ذات تأثير محدود ووقتي ولم تستمر طويلا، حيث عاودت البورصة التراجع من جديد استمرارا لحالة التراجع التي تعاني منها منذ عام 2011 في ظل عدم اهتمام الحكومة بإزالة المعوقات التي تقف في طريق جذب الاستثمارات غير المباشرة.
وأضاف التراجعات المتتالية وتقاعس الحكومة عن اتخاذ أي اجراءات من شأنها إصلاح ما يعانيه سوق المال من مشكلات دفعت بالكثير من المستشرين المصريين والعرب والأجانب إلى بيع أسهمهم هربا من تلك الخسائر، ما أفقد المستثمر الثقة في البورصة المصرية، مشددا على ضرورة قيام المسؤولين بدورهم في التوعية بأهمية البورصة وأنها ليست مقصورة على الأغنياء فحسب.