مراقبة المساجد بالكاميرات..هل الهدف مراقبة المصلين أم محاربة الإرهاب؟
عمليات إرهابية عديدة طالت معظم الدول العربية خلال الفترة الأخيرة.. مستهدفة المساجد ودور العبادة بها والتي أصبحت في مرمى الإرهاب، لكونها من المنشآت الحيوية وأماكن لتجمعات المواطنين والمصلين.
الأمر الذي دفع وزارة الأوقاف لإصدار قرار بتركيب كاميرات لمراقبة المساجد، بقصد حمايتها من الإرهاب والتفجيرات خارجها، ومراقبة الأفكار المتطرفة والتكفيرية داخلها، وذلك في إطار الإصلاحات العديدة التي شنتها الدولة لإصلاح الخطاب الديني وإعادة هيكلته.
واختلف خبراء الشأن الأمني والديني والحقوقي، حول ذلك القرار بين كونه هامًا من أجل تأمين المساجد والمصلين ومنع العمليات الإرهابية، وانتهاكه للحرية الشخصية والخصوصية للمصلين.
"عبدالغفار هلال".. الأستاذ بجامعة الأزهر، رأى أن تركيب كاميرات داخل المساجد أمر مهم للغاية وقرار سليم صدر متأخرًا؛ لأنها تبيح قدرًا كبيرًا من التأمين للمصلين؛ ولأن المساجد أصبحت معرضة للهجمات الإرهابية، وتستطيع الكاميرات الكشف عنها قبل وقوعها والتصدي لأي اعتداء على الأئمة والمصلين.
وأوضح، أن جموع المصلين تبيح لأي إرهابي الاندساس في وسطهم، والقيام بعمليات إرهابية داخل المساجد مثلما حدث في الكويت والسعودية، فضلًا عن أن الكاميرات تعد تطوير جيد لأداء المساجد، ورسالة طمأنة لكل المصلين والخطباء، بأنهم صلاتهم سوف تتم في آمان، وتشجيع لهم.
وتابع، أن المساجد هي واحة للسلام والعبادة لا بد من مراقبتها وتأمينها بشكل كبير، لتؤدي رسالتها في هدوء، فضلًا عن أن الدين الإسلامي يدعو لتطوير الخدمة والأخذ بالأسباب من أجل تبليغ الدعوة بطريقة هادئة ومؤمنة.
ولفت إلى أن الكاميرات ليس القصد من ورائها مراقبة المصلين أثناء أداء الشعائر الدينية ولكن لتأمين ساحات المساجد من الداخل والخارج، من الأفعال التي تضر بالأمن القومي وأمن المصلين أيضًا.
اللواء "محمد علي بلال" الخبير العسكري، رأى أن ذلك القرار على درجة من الأهمية كبيرة، ويجب تطبيقه في كل المنشآت الحيوية والهامة، كالمساجد التي من المتوقع أن تكون مستهدفة بحدوث عمليات إرهابية بها، لاسيما أن الأمر ليس مستبعد فقط وقع في الكويت والسعودية وبعض الدول العربية.
وأشار إلى أن كاميرات المراقبة تساعد على معرفة تفاصيل العمليات الإرهابية ومنفذيها، فهي خطوة تأمينية ليست لمراقبة المصلين والخطباء أثناء أداء الشعائر الدينية، ولكن للكشف عن عمليات استهداف المساجد، واكتشافها قبل وقوعها، وتحديد شخصيات منفذيها.
وشدد على ضرورة تنفيذ ذلك القرار في كل المنشآت الحيوية التي تكون محط الاستهداف من قبل الإرهابيين، والمحلات المحيطة بالمساجد، مشيرًا إلى أن جهاز الشرطة اخطأ كثيرًا في إهمال وجود كاميرات مراقبة بالمساجد، حتى نكون سباقين ولا ننتظر وقوع الحدث.
ولفت إلى أن معظم العمليات الإرهابية التي وقعت خلال الفترة الماضية، كانت كاميرات المراقبة بها معطلة، ولو كانت سليمة لساعدت تحقيقات النيابة كثيرًا في معرفة العملية الإرهابية بكل تفاصيلها واحتمالية التصدي لها أيضًا.
وانتقد "محمد زارع" مدير مكتب مصر لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قرار الأوقاف، مؤكدًا أنها ليست ضرورية لأن المساجد ليست أماكن مستهدفة بالعمليات الإرهابية، فضلًا عن أن وزارة الأوقاف كان أمامها وضع الكاميرات خارج المسجد أو في المحلات المحيطة بها، وليس داخلها.
وأوضح، أن الأمر بعيدًا عن العبادة أو التامين، ويعد انتهاك صارخ لخصوصية المصلين، وللحرية الشخصية، وإن كان للداخلية شكوك بإمكانية حدوث عمليات إرهابية، فهناك حلول عديدة بعيدة عن الكاميرات، واختراق الخصوصية، فتستطيع وزارة الأوقاف انتداب موظفين يكلفوا بعملية التأمين ومراقبة ما يحيط بالمساجد.
وأشار إلى أن كاميرات المراقبة سوف ترصد أيضًا حركات المصلين داخل المسجد من سجود وركوع، متسائلًا كيف ترصد الكاميرا حركات النساء داخل المساجد أثناء أداء الصلاة؟.
ولفت إلى أن العديد من العمليات الإرهابية وقعت في الفترة الأخيرة في أماكن بها كاميرات مراقبة تحت أعين الدولة، ولم تتصدى الكاميرات لها ولم تكشف أي حقيقة تذكر عن الحوادث، مشيرًا إلى أن القرار ليس حل أمثل، ويتعارض مع حرية الرأي، فضلًا عن أن التصوير وفقًا للقانون وحقوق الإنسان لا بد أن يكون بإذن من النيابة، فلا يصح التصوير داخل دور العبادة بحجة الإرهاب.
وعن صناديق الزكاة التي وضعت لأجلها وزارة الأوقاف تلك الكاميرات، أضاف "زراع" أنه من الأفضل وضع الصناديق في أماكن مؤمنة وانتداب موظفين لمراقبتها، بديل عن تلك الصورة السيئة التي تصدر للعالم أن المصلين المسلمين إرهابيين.