رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبراء يحذرون : اتفاق الغرب مع إيران يهز عروش دول الخليج اقتصاديًا

جريدة الدستور

حذر خبراء الاقتصاد، من مغبة الإعلان المفاجئ عن إبرام الاتفاق النووي بين دول الغرب الست و الدولة الفارسية، وانعكاساته السلبية على منطقة الشرق الأوسط، مؤكدين أن الاتفاق يهدد بحدوث أزمات اقتصادية بدول الخليج في المقام الأول، بعد انخفاض إيرادات بشكل كبير من تصدير النفط بعدما تدخلت إيران كلاعب أساسي.

وشدد الخبراء، على أهمية اتخاذ الدول العربية موقف موحد وبحث النتائج المترتبة على الاتفاق، وإيجاد آلية مناسبة لمواجهة الخطر القادم اقتصاديا وسياسيا.

فمن جانبه، قال الدكتور صلاح جودة الخبير الاقتصادى ورئيس مركز الدراسات الاقتصادية، أن الاتفاق سيدشن مرحلة سياسية واقتصادية جديدة بين إيران والولايات المتحدة، لما سيؤدي إليه الاتفاق من تقوية النفوذ الإيراني، وذلك من خلال رفع العقوبات الاقتصادية، مما يتيح لها تصدير النفط والغاز بالأسعار العالمية وتصديره للولايات المتحدة بأسعار مميزة، كما أنه سيتيح لها الحصول على أموالها المجمدة التي تقدر بالمليارات.

وأكد الخبير الاقتصادي أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة في أعقاب الثورة الإسلامية منذ ما يزيد على الثلاثين عاما ثم العقوبات الأممية، دفعت إيران للاكتفاء الذاتي على المستوى الصناعي والزراعي، الأمر الذى جعل إيران تحقق مكتسبات اقتصادية وعلمية كبيرة، مما يجعلها بموجب الاتفاق قوة تصديرية في هذه المجالات علاوة على المجال العسكري، كما أكد أن إيران في إطار العقوبات والحصار استطاعت تنمية نفوذها في المنطقة العربية، وسبق وأن أعلنت إيران سيطرتها على خمس عواصم عربية، الأمر الذى يجعل نفوذها سيزداد قوة وخطورة عقب توقيع الاتفاق ورفع العقوبات.

وأشار إلى أن هناك مفاوضات تجري بين إيران ودول مجموعة البريكس وعلى رأسها روسيا والصين لانضمام إيران لهذا التكتل الاقتصادى الذي سيتصدر اقتصاديات العالم في غضون عام ٢٠٢٠.

وحذر الخبير الاقتصادي دكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية، من التداعيات السلبية للاتفاق النووي المبرم بين دول الغرب وإيران، والتي ستنعكس على منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن الاتفاق بمثابة إطلاق يد الدولة الفارسية لتطيح وتعبث في المنطقة بمباركة أمريكية، بعدما تحولت إلى عصا أمريكية لضرب من تشاء، من أجل فرض واقع جديد على المنطقة.

وأضاف الخبير الاقتصادي، في تصريح لـ"الدستور"، أن الاقتصاد الإيراني سيحقق طفرة كبيرة، خاصة بعد رفع العقوبات المفروضة عليها اقتصاديا، والإفراج عن الأموال المحتجزة لدى البنوك الغربية، بما سيزيد من حجم الإيرادات وتمكين إيران من توريد صادراتها البترولية إلى دول العالم.

واستطرد قائلا:" إيران أمامها الآن فرص واعدة لجذب استثمارات أوروبية وأمريكية على أرضها، وهو ما يتضح جليا في حرص دول الغرب على زيارة إيران والتعرف على فرص الاستثمار بها، ولعل أحدثها زيارة وزير الاقتصاد الألماني للاتفاق مع الحكومة الإيرانية على إبرام مجموعة من الصفقات".

وأشار إلى أن أمريكا ظلت طوال السنوات الماضية متخوفة من أي تقارب مصري إيراني، باعتبارهما أكبر قوتين في منطقة الشرق الأوسط، مضيفا أن الحديث عن التقارب مع إيران يتطلب إعلان الأخيرة التزامها باتباع سياسات متوازنة في المنطقة تحترم الدولة المصرية والقيادة الحاكمة وفقا لشراكة متبادلة، خاصة أن السياسة الخارجية لمصر بعد ثورة 30 يونيو منفتحة على كافة دول العالم شرقا وغربا، متوقعا أن تعود العلاقات المتبادلة بين البلدين بشكل متدرج على مدى زمني ليس بالبعيد وفقا لمدى احترامها لتلك المعايير.

دكتور ماهر هاشم، خبير اقتصادي، يرى أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين دول الغرب وإيران سينعكس سلبا على دول المنطقة العربية، نظرا لكونه يصب في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما ضد مصلحة العرب، لافتا إلى أن إيران هي آخر ورقة تلعب بها أمريكا لتطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد، خاصة مع حدوث انفراجة في أزمة اليمن واستقلال مدينتي عدن وصنعاء من أيدي الحوثين لصالح السلطة الشرعية.

وأوضح، أن الآثار الاقتصادية الناجمة عن الاتفاق النووي بين إيران والغرب ليس إيجابيا، موضحا أن أسعار النفط ستشهد تراجعا كبيرا بعد رفع الحظر عن صادرات إيران البترولية، بما سيؤثر سلبا على إيرادات دول الخليج من النفط.

وشدد على أن توقيت التوصل إلى صيغة نهائية للاتفاق والإعلان عنها تأتي مع اقتراب موعد افتتاح قناة السويس الجديدة وتحسن مؤشر التنمية الاقتصادية في مصر والذي قارب من 6%، إضافة إلى حزمة المشروعات الاستثمارية التي أعلن عنها الرئيس السيسي وفي مقدمتها مشروع الألف مصنع، لذا فأمريكا تحاول دعم الحليف الإستراتيجي لها بعدما وجدت نفسها في مواجهة مع مصر و روسيا، ومن هنا جاءت أهمية الاتفاق لضمان سيطرتها علي إيران واستخدامها لتنفيذ مخططات أمريكا في المنطقة وخلق بؤر توتر في منطقة الخليج، مطالبا الدول العربية بضرورة الإسراع في البحث عن آلية مشتركة لمواجهة الخطر الإيراني و حلفائها.

وشدد هاشم، على أن التقارب المصري الإيراني لن يمثل إضافة قوية للاقتصاد المصري، فمصر ليست في حاجة إلى التحالف مع إيران في ظل العلاقات الوطيدة بين مصر و دول الخليج والتقترب مع روسيا ودول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى توجهات إيران والتي تختلف جذريا عن مصر، حيث تحركها اعتبارات عرقية ومذهبية، لافتا إلى أن تعامل مصر مع إيران كسوق محتمل للمنتجات المصرية أو العكس مرهونا باتباعها سياسات معتدلة.

وأردف:"إيران ستكون منافسا قويا لمصر خلال الفترة القادمة في جذب سوق التجارة الدولية، لكن مصر فرصها الاقتصادية أكبر من إيران لاعتمادها على المشروعات التنموية طويلة الأمد، أما إيران فلن تتمكن من جذب المشروعات طويلة الأمد نظرا لتوجهاتها المذهبية في سياساتها الخارجية، وعدم تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي فعلى الرغم من إبرام الاتفاق النووي إلا أنه لايزال هناك قوى داخل المجتمع الإيراني معترضه عليه".