رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"غزة" تضع نتنياهو بين نهاية مستقبله السياسي أو تحدي ترامب

ترامب
ترامب

كشف مركز “تشاتام هاوس” البحثي البريطاني، عن وجود خلاف كبير بين رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسبب حرب غزة، لاسيما مع الضغوط التي يمارسها الثاني على حكومة الاحتلال لوقف حرب غزة واحلال السلام بينما يتمسك نتنياهو بالحرب للحفاظ على بقاءه السياسي، مشيرًا إلى أنه بات على  نتنياهو أن يختار ما بين البقاء السياسي أو تحدي صانع الصفقات دونالد ترامب.

حرب غزة تخلق معضلة نتنياهو 

وتحت عنوان "معضلة نتنياهو: البقاء السياسي مقابل تحدي الرئيس ترامب"، قال التقرير البريطاني أن  دونالد ترامب ظهر كمدافع قوي عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ولكن الالتزام به قد يؤدي إلى تفكك ائتلاف رئيس الوزراء  الاسرائيلي وإحداث الانتخابات التي يخشاها.

ففي اليوم الأول من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بينما كان ملايين الإسرائيليين يحبسون أنفاسهم في انتظار الإفراج عن المحتجزين بفارغ الصبر، كانت الحسابات السياسية المكثفة جارية بالفعل في مكتب رئيس الوزراء. 

وفي ذلك الصباح، تقاعد الوزير اليميني المتطرف إيتمار بن جفير من الائتلاف الحاكم في إسرائيل احتجاجًا على الاتفاق. وحذر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش من أنه قد يحذو حذوه إذا انتقلت الحكومة الإسرائيلية إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.

والواقع أن هذا الوضع لم يكن بوسع الكثيرين أن يتوقعوه: فقد برز الرئيس دونالد ترمب كمدافع قوي عن السلام في غزة. 

ومن خلال مبعوثه ستيف ويتكوف، ضغط ترمب بقوة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقبول الصفقة الحالية، وقد خلق هذا الموقف وضعا سياسيا سرياليا تقريبا حيث بدأت وسائل الإعلام المؤيدة لنتنياهو، وخاصة “القناة 14”، في التعبير عن الحنين إلى رئاسة جو بايدن، حيث اعتبرت نهج ترمب الحازم تهديدا محتملا لبقاء نتنياهو السياسي.

صراع الاستراتيجيات بين ترامب ونتنياهو

وفقا للتقرير فإن دوافع ترمب واضحة وعملية بشكل حاسم، وتتركز رؤيته للشرق الأوسط  على أهداف من بينها اتفاقية دفاع بين الرياض وواشنطن من شأنها أن تضخ أموالا كبيرة في الاقتصاد الأمريكي حيث  تعهدت المملكة العربية السعودية بالفعل باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى أربع سنوات.

وقال التقرير ان نتنياهو منذ بداية الحرب كان تركيزه الرئيسي على بقاء ائتلافه اليميني من أجل تجنب الانتخابات المبكرة، كما إن وعده بـ "النصر الكامل" للجمهور الإسرائيلي يسمح له بشن حرب في غزة إلى أجل غير مسمى، لأن الحكومة تعارض بشدة أي حل سياسي - وخاصة عودة السلطة الفلسطينية - إلى المنطقة. 

كما إن استطلاعات الرأي العام في إسرائيل تظهر تأييدًا ساحقًا لاتفاق وقف إطلاق النار،  كما يريد 69% من الجمهور الإسرائيلي إجراء انتخابات برلمانية "في اليوم التالي لانتهاء الحرب" ــ وهو الاحتمال الذي يخشاه نتنياهو. فقد كان أداء حزبه، والأهم من ذلك ائتلافه، ضعيفًا في استطلاعات الرأي منذ السابع من أكتوبر.

ويظل نتنياهو الشخصية الإسرائيلية الوحيدة الرفيعة المستوى التي لم تتحمل المسؤولية عن الإخفاقات الأمنية التي سبقت السابع من أكتوبر، وهذا الواقع يساعد في تفسير سبب تردد نتنياهو في تحديد الشروط التي قد تؤدي إلى إنهاء الحرب. 

كما أدى رحيل بن جفير إلى إضعاف ائتلافه، ومن المرجح أن يؤدي خروج سموتريتش المحتمل إلى إنهاء حكومته فعليًا، الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلى إجراء انتخابات.

نتنياهو يريد اللعب على الوقت

وفقا للتقرير  فإن رغبة ترامب في السلام والاستقرار تترك نتنياهو في موقف صعب على نحو متزايد فهو يحتاج إلى استمرار التوتر لتبرير وجود ائتلافه وتأخير الانتخابات ويجب عليه الآن إما المخاطرة بائتلافه من خلال المضي قدما في المرحلة الثانية من الصفقة  وبالتالي مواجهة حكم الناخبين الإسرائيليين؛ أو يجب عليه رفض التقدم إلى المرحلة الثانية وتحدي رغبات ترامب - والمخاطرة بدعم الولايات المتحدة لإسرائيل في وقت حرج.

ووفقا للتقرير، ستكون الأسابيع المقبلة، مع تطور المرحلة الأولى، حاسمة. بالنسبة لنتنياهو شخصيا، قد يبدو تمديد الحرب أفضل من مواجهة الناخبين الإسرائيليين. لكن هذه الاستراتيجية تواجه الآن عقبة كبيرة في ترامب فمنذ بدء الحرب، تجاهل نتنياهو بثقة نصائح وتوجيهات الرئيس جو بايدن، مما عزز مكانته بين قاعدته دون عواقب كبيرة من واشنطن ولن يتم استقبال استئناف القتال والتراجع عن الصفقة بشكل جيد في العواصم العربية، التي قد ينزعج استقرارها بسبب تجدد الأعمال العدائية.

ومن المتوقع أن يكون نهجه تجاه ترامب أكثر حذرا لأن شعبية ترامب في إسرائيل ونهجه الأكثر مباشرة وقوة في التعامل مع العلاقات الدولية يمثلان ديناميكية مختلفة، ولهذا تحدي الرئيس الأميركي الجديد علنا ​​قد يحمل مخاطر أكبر.