طوابير أنابيب ومنازل بلا كهرباء.. صفر «الإخوان» فى ملف الطاقة
في صيف 2013، وهي بدايات حكم جماعة الإخوان لمصر، كانت مصر تغرق في ظلامٍ دامس، ساعات طويلة تمرّ بلا كهرباء، وأصوات المولدات الصغيرة تتنافس مع الصمت الثقيل الذي يخيم على الشوارع، وعلى أطراف المدن، اصطف الناس في طوابير تمتدّ لمئات الأمتار أمام مستودعات أنابيب البوتاجاز، بينما كانت الشكاوى تتصاعد من حرارة الصيف الخانقة وانعدام الحلول.
وفي الداخل، كانت الأجهزة الكهربائية تتعطل واحدة تلو الأخرى بسبب الانقطاعات المتكررة، بينما تحولت الليالي إلى انتظار مرير لنور لا يأتي، وفي ذلك الوقت، لم تكن الحلول سوى تصريحات حكومية خالية من أي أثرٍ فعلي، تخلت عن مواجهة الأزمة بحلول جذرية وتركت البلاد لتعيش واحدة من أسوأ أزماتها.
الأزمات المتفاقمة في عهد الإخوان
شهد المصريون عامًا من أصعب سنواتهم في ملف الطاقة خلال حكم جماعة الإخوان المسلمين:
انقطاع الكهرباء المتكرر:
كانت الكهرباء تنقطع يوميًا لفترات تجاوزت 6 ساعات في كثير من المناطق، مما أدى إلى خسائر مادية ومعنوية للمواطنين، ووصلت الأزمة إلى ذروتها في صيف 2013، عندما أبلغت وزارة الكهرباء عن عجز إنتاجي بلغ 4 آلاف ميجاوات.
أزمة الوقود والبوتاجاز:
تفاقمت أزمة الوقود، حيث تعطلت أكبر معامل التكرير في مصر، مثل معمل مسطرد والعامرية، ما تسبب في نقص حاد في البنزين بنسبة 20%، هذا الأمر انعكس بشكل مباشر على الحياة اليومية، حيث شهدت محطات الوقود طوابير طويلة، وأصبحت المصانع تعتمد على مولدات كهربائية مكلفة لتفادي الخسائر.
تصريحات حكومة "مرسي" من الهزل إلى العجز
وبدلًا من تقديم حلول حقيقية، لجأت حكومة الإخوان إلى تصريحات أثارت السخرية، حيث طالب هشام قنديل، رئيس الوزراء، المواطنين بترشيد الكهرباء عبر "تشغيل المكيفات على 25 درجة مئوية وارتداء ملابس قطنية"، مؤكدًا أن "الجلوس في غرفة واحدة" قد يكون حلًا عمليًا للأزمة.
أيضًا، كان الرئيس المعزول يطالب المواطنين بإطفاء 3 لمبات من كل 10 لتخفيف الاستهلاك، بينما ألقى باللوم على "موظفي تحويلة الكهرباء" مدعيًا أنهم يقطعون الكهرباء مقابل رشاوى، وهو تصريح لم يزد الوضع إلا سوءً: "واحد من أتباع النظام القديم المجرم ييجى على عامل التحويلة علشان ينزل سكينة الكهرباء ويرشيه بـ20 جنيه".
الانعكاسات السلبية على القطاعات المختلفة
وتلك الأزمات المتكررة تسببت في العديد من الانعكاسات السلبية على الحياة وجميع القطاعات في الدولة، فالانقطاعات المتكررة تسببت في تلف الأجهزة الكهربائية وعرقلة حياة الطلبة خلال موسم الامتحانات..
وأدى نقص الوقود وانقطاع الكهرباء إلى شلل الإنتاج في المصانع، مما زاد معدلات البطالة إلى 14% ورفع التضخم إلى 7.5%، كما أثارت أزمة الكهرباء دعوات احتجاج واسعة، أبرزها حملة "مش دافعين" التي طالبت بوقف دفع فواتير الكهرباء.
خطط على ورق تتحول إلى واقع
على الرغم من إعلان وزارة الكهرباء عن خطط لاستثمارات ضخمة في مجال الطاقة، مثل إضافة 12٫400 ميجاوات خلال خطة 2012-2017، إلا أن التنفيذ كان غائبًا، فلجأت الحكومة إلى الترويج لمشروعات الربط الكهربائي مع السعودية، لكنها لم تتقدم فعليًا سوى في مرحلة الدراسات الأولية.
وبعد سقوط جماعة الإخوان في 2013، وضعت الحكومة المصرية الجديدة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي خطة علمية لحل أزمة الكهرباء، والتي تضمنت إضافة 3632 ميجاوات في أقل من عام بتكلفة 2 مليار دولار، مما أدى إلى إنهاء الانقطاعات في صيف 2015، كما انتقلت مصر من عجز 4 آلاف ميجاوات إلى فائض تجاوز 20 ألف ميجاوات بفضل محطات عملاقة مثل محطات سيمنز في البرلس والعاصمة الإدارية.
ومما قرأت نستنتج أن فشل جماعة الإخوان في إدارة ملف الطاقة لم يكن مجرد عثرة في طريقهم السياسي، بل كان دليلًا على انعدام رؤيتهم الاستراتيجية، وبينما غرقت البلاد في الظلام خلال فترة حكمهم، استطاعت القيادة الجديدة تحويل الأزمة إلى فرصة تاريخية جعلت مصر في مصاف الدول الرائدة في قطاع الكهرباء، فقصة الإخوان المظلمة انتهت بإعادة بناء المنظومة على أسس علمية ورؤية واضحة.