حَكَموا وفِشلوا.. "سجل فشل" على صدر "الإخوان"
في صيف عام 2013، كانت مصر على حافة التحول الجذري ضد حكم الإخوان، وبينما كان الشارع المصري يشهد تظاهرات غير مسبوقة ضد حكومة الرئيس الأسبق محمد مرسي، كانت الأرقام الاقتصادية تُعلن عن انهيار حاد لمؤشرات النمو، وتزايد الأعباء على كاهل المواطن المصري، ورغم وعود جماعة الإخوان بتحقيق طفرة اقتصادية خلال فترة حكمها القصيرة، إلا أن الواقع جاء مخالفًا تمامًا، ليحمل في طياته سجلًا حافلًا بالفشل الاقتصادي الذي عصف بالبلاد.
تراجع الاستثمارات الأجنبية إلى أقل من مليار دولار في 2013
ومن واقع التقارير الرسمية، كشف تقرير صادر عن المركز العربي للبحوث والدراسات في عام 2016 عن تفاصيل دقيقة حول كيفية تعامل حكومة الإخوان مع الملفات الاقتصادية، موضحًا أن أولى نتائج هذه السياسة كانت تدهور الاستثمار في مصر بشكل غير مسبوق.
وأوضح التقرير أن البلاد شهدت هروبًا كبيرًا لرءوس الأموال الأجنبية والمحلية بسبب الاضطرابات السياسية المتلاحقة، وتراجع الثقة في بيئة الاستثمار، فتراجعت الاستثمارات الأجنبية والعربية من 13.4 مليار دولار في عام 2009 إلى مليارين فقط في 2012، ثم تراجعت أكثر لتصل إلى أقل من مليار دولار في 2013.
ارتفاع الدين العام إلى 45.4 مليار دولار بعد عام من حكم مرسي
أما على صعيد الدين العام، فقد استمر في الارتفاع بشكل مستمر طوال فترة حكم مرسي؛ ففي عام 2012، تسلّم مرسي مصر وديونها الخارجية التي كانت تبلغ 34.4 مليار دولار، لكنه أضاف إليها 11 مليار دولار جديدة من خلال قروض حصل عليها من قطر وليبيا وتركيا، ما جعل إجمالي الدين الخارجي يصل إلى 45.4 مليار دولار بعد عام من حكمه، كما ارتفع إجمالي الدين العام لأجهزة الدولة إلى 1553 مليار جنيه "94 مليار دولار" في عام 2013، أي ما يعادل 89% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ85% في العام الذي تولى فيه مرسي الحكم، وذلك بحسب المركز العربي طبقا لبيانات رسمية صادرة عن الحكومة المصرية.
عجز كهربي بنسبة 25% حتى منتصف 2013
وإحدى أبرز الأزمات التي عصفت بحكومة مرسي كانت أزمة الوقود، ففي بداية حكمه، انطلقت أزمة الوقود بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى تكدس السيارات أمام محطات البنزين لساعات طويلة، وشلل مروري في مختلف أنحاء البلاد، خاصة في العاصمة القاهرة، وكانت الحكومة، في محاولة لتبرير الأزمة، تلقي باللوم على تهريب الوقود، وعدم تطبيق النظام الإلكتروني لتوزيع الوقود بالكروت الذكية.
كما كانت أزمة الكهرباء إحدى أكبر الأزمات التي واجهت المصريين، فبحلول منتصف عام 2013، كان هناك عجز في التيار الكهربائي وصل إلى 25%، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء في مختلف المحافظات لفترات طويلة، واشتكى المواطنون من انقطاع متكرر للكهرباء، ما ساهم في إشعال الغضب الشعبي ضد النظام، وذلك بحسب مؤشرات وزارة الكهرباء مطلع يوليو 2013.
ارتفاع التضخم وانخفاض القوة الشرائية
أما على مستوى الحياة اليومية للمواطن المصري، فقد شهدت الأسعار ارتفاعًا غير مسبوق في معظم السلع الأساسية، نتيجة للأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد، فقد تدهورت القوة الشرائية للجنيه المصري، مما أدى إلى زيادة الأعباء المعيشية على المواطنين، خاصة في ظل تزايد معدلات التضخم التي وصلت إلى 7.5% في عام 2013، هذا بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة التي ساهمت في تفاقم الأزمة الاجتماعية.
تخفيض التصنيف الائتماني لمصر
وفي ظل هذه الأزمات الاقتصادية، جاء قرار وكالة "ستاندرد آند بورز" بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر إلى "CCC"، وهو مستوى منخفض يعكس ضعف قدرة الدولة على سداد التزاماتها المالية، وهذا التخفيض الائتماني جاء نتيجة لغياب السياسات المالية الفعّالة، وعدم الاستقرار السياسي، ما أثر بشكل كبير على قدرة مصر في الحصول على القروض الدولية.
وانتهت فترة حكم الإخوان كما بدأت؛ وعود لم تتحقق، وأزمات متزايدة، ودروس قاسية للأجيال القادمة، وكان الاقتصاد المصري ضحية لسياسات عشوائية وفشل واضح في التخطيط الاقتصادي، ما تسبب في تراجع معدلات الإنتاج، وزيادة الدين العام، وتدهور الأوضاع المعيشية.