رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أخيرًا.. إذاعة القرآن الكريم حفظها الله من الإعلانات التجارية

يومًا ما هاجمت الإعلامية القديرة آمال فهمى بث إعلانات تجارية على البرنامج العام أو إذاعة برامج ذات محتوى إعلانى، وقالت: «أرفض أن أتقاضى راتبى من إعلانات السمن الصناعى ولا من المعلبات ولا المشروبات الغازية، أنا أتقاضى راتبى من الدولة نظير عمل أقدمه»، وشددت على الدور التنويرى للإذاعة وما تقدمه من فكر وفن وإبداع العاملين بها. 
هذا لا يمنع ظهور شبكات ذات طابع تجارى يقدم الإعلان على هامش البرامج الترفيهية والثقافية، مثل إذاعة الشرق الأوسط، التى تتميز بالمحتوى الثقافى الترفيهى والجاد ايضا، وأن هذه الإذاعات التجارية وضعت لها قواعد صارمة لبث محتوى إعلانى يتماشى مع الذوق العام والحفاظ على مكانة الإذاعة المصرية.
ظهور الإعلانات التجارية على شبكة البرنامج العام حديث العهد، منذ 10 سنوات تقريبًا، أما الكارثة الكبرى، التى طالت إذاعة القرآن الكريم بث محتوى إعلانى لا يليق بمكانة إذاعة يتابعها 60 مليون مستمع فى مصر والعالم الإسلامى. 
إذاعة القرآن الكريم أول إذاعة متخصصة فى الإعلام الدينى فى العالم العربى أصابتها حمى الإعلانات مؤخرًا، وبسؤال القائمين على الإذاعة المصرية عن سبب هذه الإعلانات تأتيك الإجابة: «مافيش فلوس نصرف بيها على الإذاعة» أو الهدف تعظيم الموارد.. اللافت للنظر أن محتوى الإعلانات لم يكن عن سلعة تجاريةـ إنما إعلانات فى الغالب عن جهات خيرية أغلبها دعوة أهل الخير للتبرع على طريقة «أخى المؤمن.. أختى المؤمنة تبرعوا لحفر بئر مياه»، كما يحق لأى جهة أن تحصل على مساحة إعلانية بمقابل مادى دون وضع ضوابط تتوافق مع ما تقدمه إذاعة القرآن الكريم، إذاعة أحببناها حميعًا لاسيما حين نستمع إلى تنويه الدكتورة هاجر سعد الدين «إذاعة القرآن الكريم».
هذه المقدمة تأخذنا إلى القرار الجرىء الذى أعلنه رئيس الهيئة الوطنية للإعلام أحمد المسلمانى بإلغاء الإعلانات فى إذاعة القرآن الكريم ونقلها إلى إذاعات أخرى تابعة للهيئة، كما شمل القرار دعم وزارة المالية وتعهدها بسداد عوائد الإعلانات حتى يتسنى للعاملين بها الحفاظ على مواردها المالية. 
دور إذاعة القرآن الكريم الذى تخطى حدود مصر والوطن العربى إلى العالم الاسلامى اقترب من 60 عامًا منذ نشأتها مارس 1964، كما حافظت هذه الإذاعة على مكانتها فى قلوب المسلمين بنشرها للإسلام الوسطى، فهى مدعومة من المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ومرجعيتها الأزهر الشريف.
تمتلك إذاعة القرآن الكريم تراثًا إذاعيًا ضخمًا لكبار المقرئين للمصحف الشريف، كما لها دور عظيم فى توثيق المصحف المرتل بروايات وقراءات تضمن سلامة النص القرآنى من أى تلاعب أو أخطاء.
كانت هناك مقتراحات ودراسات سابقة حول كيفية الاستفادة من هذا التراث العظيم والأعداد الضخمة لمستمعى إذاعة القرآن الكريم فى كيفية الاستفادة من خلال بث هذا التراث عبر منصات إذاعية على شبكة الإنترنت ذات مساحات مكانية تصل إلى أطراف الأرض كافة، على أن تقدم هذه المنصات ترجمة لهذا التراث بلغات غير عربية يمكن لهذا المشروع أن يحقق العائد التنوير، فضلًا عن العائد المادى عوضًا عن الإعلانات التى شوهت النسق العام لإذاعة القرآن الكريم لفترة من الزمن، ثم جاء من يصحح هذا الخطأ غير المقصود.