حول عودة تمثال ديليسبس
بدافع غريزى يشوبه الحس الوطنى.. دعا السيد اللواء أيمن جبر جمعية بورسعيد التاريخية «التى يرأسها» لاجتماع عاجل وهام لمجلس إدارة الجمعية وأعضائها المحترمين ولفيف من القيادات الفكرية والثقافية «فى حشد كبير ملأ قاعه الاجتماعات» للانعقاد، أمس، للمناقشة وإبداء الرأى فى عودة تمثال ديليسبس لبورسعيد.
وذلك بعد ما ازداد اللغط والمغالطات التاريخية من بعض الوجوه التى تحاول امتطاء خيول البطولة بعد أن قاربت على الأفول والنسيان.
بدأ سيادة اللواء الاجتماع بنبذة تاريخية مختصرة عن التمثال وأهمية وجوده كأثر تاريخى هام فى المدينة وطلب من كل الحاضرين إبداء رأى استبيانى مسبب لعودة التمثال من عدمه ومنح كل متحدث مدة ثلاث دقائق لشرح وجهة نظره.
أجمعت الآراء جميعًا «عدا صوت واحد فقط كان مبرره أن صاحبته حفيدة أحد رجال المقاومة الشعبية، الذين قاموا بتدمير التمثال عام ٥٦».
استمعت بتركيز لكل الآراء بزهو وفخر.. فالكل أجمع على ضرورة عودة التمثال لمكانه «حتى الصوت الوحيد الرافض أبدى موافقته على عودة التمثال، لكن فى متحف وليس فى مكانه».
الأسباب كلها مقنعة وتفند الأكاذيب المنتشرة على صفحات جبهة الرفض.. وعندما جاء دورى فى الحديث شرحت بعض الأفكار المغلوطة، فالرجل الذى نجح فى حفر القناة بعد فشل ١٠ محاولات قبله منذ قناة سيزوستريس أيام الفراعنة حتى أواخر القرن الـ ١٩ لم يستخدم السخرة ولم يكن خائنًا كما يدعون، وهو صاحب الفضل فى إدرار مليارات الدولارات للدخل القومى منذ افتتاح القناة حتى الآن، وربما لمئات السنوات المقبلة.
إسقاط التمثال لم يكن لأن الرجل كان خائنًا.. فالزعيم البطل جمال عبدالناصر «الذى يتمسحون فى ثوبه بالباطل» كان حريصًا على زيارة التمثال فى مكانه منذ قيام الثورة عام ٥٢ حتى العدوان الثلاثى فى ٥٦.. ولم تكن هناك أى نية لإزالته حتى بعد انتهاء العدوان وانسحاب القوات الإنجليزية والفرنسية من المدينة فى ٢٢ ديسمبر ٥٦، إلا أنه أثناء الانسحاب رفع جندى إنجليزى علمى إنجلترا وفرنسا على التمثال وكتب عبارة we will come back.. مما أثار مشاعر أهل بورسعيد والمقاومة الشعبية وحاولوا إنزال العلمين، لكنهم فشلوا فى الصعود أعلى التمثال لأن الجندى الإنجليزى ملأ قاعدته بالشحم، فما كان من المخابرات العسكرية إلا إرسال فرقة خاصة قامت بتفجير أسفل التمثال بالديناميت وسقط فى البحر وقام أحد رجال هيئة قناه السويس البواسل بانتشاله بمعدات الهيئة، فكرمه المهندس محمد يونس، وقال له عبارته الشهيرة: «أنت أنقذت تاريخًا هامًا لمصر» وأمر بإيداعه في مخازن الترسانة البحرية ببورسعيد، وظل هناك إلى أن تم نقله ليلًا وإيداعه فى متحف الإسماعيلية، مما استشاط أهل مدينة بورسعيد غضبًا لسرقة أثر تاريخى هام للمدينة.
انتهى الاجتماع بصياغة بيان شكر لسيادة رئيس الجمهورية والسيد محافظ بورسعيد لقرار عودة التمثال إلى قاعدته فى بورسعيد فلا يصح إلا الصحيح، والتاريخ لا يكذب ولا يتجمل مهما حاول البعض لوى الحقائق.
وتساءل الجميع بعد نهاية الاجتماع.. هل فرديناند ديليسبس كان مستعمرًا فى بورسعيد ومستثمرًا فى الاسماعيلية؟
أعجبنى خطاب الأستاذ محمد هلالى المدير الفنى السابق لمكتب محافظ بورسعيد وهذا نصه:
خطاب مفتوح لمحافظ بورسعيد
معالى اللواء محب حبشى محافظ بورسعيد.. حفظه الله ورعاه..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
فيسرنى أن أهدى سيادتكم أطيب التحيات مع خالص التمنيات بالصحة والتوفيق فى مهمتكم لإسعاد أهل بورسعيد وتوفير حياة كريمة لهم..
معالى المحافظ..
باسم الأغلبية المطلقة الواعية من أهل بورسعيد نود أن نشكركم على القرار الحكيم والشجاع بعودة تمثال ديليسبس إلى قاعدته..
معالى المحافظ..
تنفيذًا لتوجيهات سيادة الرئيس لسيادتكم وسعادة الفريق أسامة ربيع بتعظيم وتنشيط الخدمات التى تقدم للسفن العابرة قناة السويس، فإن أهل بورسعيد يتطلعون ويطمحون أن تنسق سيادتكم مع الفريق أسامة ربيع لإعادة تراكى سفن قافلة الشمال داخل ميناء بورسعيد بدلًا من انتظارها فى الغاطس، حيث سيتيح هذا الأمر إعادة ميناء بورسعيد إلى الحياة ويتم تقديم جميع الخدمات للسفن المنتظرة العبور من التموين بالوقود والماء والغذاء والدواء وأعمال الصيانة المختلفة، وبالتالى تعظيم العائد من العملات الصعبة التى نسعى جميعًا لتوفيرها.
معالى المحافظ..
لسيادتكم أن تتصور أنه عند الاحتفال بإعادة التمثال إلى قاعدته والسفن متراكية داخل ميناء بورسعيد وبحارتها وربانها يشاهدون إعادة التمثال إلى قاعدته ويشاركون فى الاحتفال بإطلاق صفارات سفنهم فى وقت واحد..
مثل هذا الاحتفال يستحق التغطيتة عالميًا من مختلف قنوات التليفزيون العربية والأجنبية ويكون له تأثيره الطيب على سمعة مصر كلها وعلى جذب السياحة إليها..
أتمنى يا سيادة المحافظ أن ينال هذا الأمر عنايتكم الفائقة والعمل على تحقيقه، وسيكون هذا رصيدًا كبيرًا وعظيمًا فى سجل إنجازاتكم ويسجل باسمكم بإعادة ميناء بورسعيد إلى سابق نشاطه، الذى كان معروفًا به منذ افتتاح القناة..
وفقكم الله وسدد خطاكم على طريق التنمية والتقدم والرخاء.