مطران الكاثوليك بسوهاج: نعيش استقرارًا اجتماعيًا وأمنيًا وسياسيًا ونهضة تنموية شملت كل المجالات فى عهد السيسى
أكد الأنبا توما حبيب، مطران سوهاج للأقباط الكاثوليك، أن أحوال المصريين تحسنت فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى؛ إذ نجحت الدولة فى توفير الخدمات وتحقيق الاستقرار والنهوض بالبنية التحتية، ومنعت العنف الذى تسببت فى حدوثه جماعة الإخوان الإرهابية.
وبمناسبة احتفال الكنيسة الكاثوليكية بمصر، فى ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤، بعيد الميلاد المجيد، قال «حبيب» فى حوار مع «الدستور»، إن العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والدولة تعد نموذجًا للتعاون المتبادل والاحترام بين المؤسسات الدينية والدولة، مشددًا على أن الأقباط يمارسون شعائرهم بحرية، وتساعدهم الدولة فى بناء الكنائس.
■ بداية.. ما رسالتك للناس فى عيد الميلاد المجيد؟
- أقول إن يسوع المسيح جاء ليمنح البشرية الخلاص والأمل، وعيد الميلاد مناسبة للتأمل الروحى والتجديد، إذ يحمل بين طياته رسالة حب وسلام، ويعكس جوهر الإيمان المسيحى فى محبة الله للبشرية.
كما أنه يُعبّر عن البدايات الجديدة، ليس فقط على مستوى الإنسان الفردى، بل أيضًا على مستوى البشرية جمعاء، التى تجد فى ميلاد المسيح بداية طريق الخلاص، من خلال هذه المناسبة، يحتفل المؤمنون بفيض النعمة الإلهية التى حلت بميلاد السيد المسيح.
عيد الميلاد يحمل معانى روحية وإنسانية عميقة؛ فالاحتفال به يُذكّرنا بعدة أمور، هى: التجسد الإلهى الذى يعبر عن حب الله العميق للبشرية، ورسالة السلام، وهى ولادة السيد المسيح التى جاءت برسالة «المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام»، ما يدعونا لنشر السلام والمحبة فى حياتنا اليومية.
■ كيف تحتفل الكنيسة الكاثوليكية هذا العام؟
- فى ظل حروب الشرق الأوسط وما تخلّفه من معاناة، تحتفل الكنيسة الكاثوليكية بعيد الميلاد بطريقة تحمل أبعادًا روحية وإنسانية تعكس رسالتها فى تحقيق السلام والمحبة.
يتضمن الاحتفال الصلوات من أجل السلام؛ فقوة الصلاة أمام الحرب تتمثل فى كونها مصدرًا للسلام الداخلى والأمل والتوجيه الإلهى فى مواجهة أوقات الشدة والصراعات.
كما نطلب الإرشاد من الله ليعطى القادة الحكمة اللازمة لاتخاذ قرارات حكيمة وسط الفوضى.
الصلاة تعتبر وسيلة فعالة للتضرع من أجل إنهاء الحروب وطلب السلام للعالم، كما أنها تقوى الروابط الإنسانية، لذلك فالصلاة المشتركة توحد المجتمعات، إذ يلتف الناس حول هدف مشترك وهو السعى للسلام. وكلها قيم إنسانية عادة ما تتضمنها رسالة قداسة البابا فرنسيس من أجل السلام فى العالم، وعلى خطاها تنطلق رسائل كل البطاركة الكاثوليك حول العالم لكل القادة والشعوب للمناداة بالسلام.
فى عيد الميلاد أيضًا، تُطلق الكنيسة مبادرات «التكافل الاجتماعى» لدعم المتضررين من الحروب، مثل توزيع الغذاء والملابس والهدايا للأطفال اللاجئين، إضافة إلى تقديم الخدمات الصحية والتعليمية.
الكنيسة تركز على التضامن مع الذين فقدوا أحباءهم أو تعرضوا للدمار بسبب الحروب، وتقام صلوات خاصة لراحة أنفس الضحايا وتقديم العزاء للأسر المتضررة. كما تزيَّن الكنائس بشجرة الميلاد ومغارة الميلاد، حتى فى الظروف الصعبة، كرمز لإبقاء الإيمان والفرح حيين فى القلوب.
■ كيف ترى علاقة الكنيسة الكاثوليكية بالدولة؟
- العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والدولة تعد نموذجًا للتعاون المتبادل والاحترام بين المؤسسات الدينية والمؤسسات الوطنية، خاصة فى إطار مجتمع متعدد الأديان والثقافات مثل مصر.
هذه العلاقة تتميز بعدة جوانب إيجابية، وهى الاعتراف والدعم، فالدولة تعترف بالكنيسة الكاثوليكية كجزء أساسى من النسيج الدينى والاجتماعى للبلاد، ولدينا كامل الحرية فى ممارسة شعائرنا الدينية وإدارة شئوننا، فالعلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والدولة تقوم على أساس الاحترام المتبادل والتعاون المشترك لخدمة المجتمع المصرى. استمرار هذا التعاون يعزز الاستقرار والتعايش السلمى فى مصر.
وتحرص الكنيسة الكاثوليكية على المشاركة فى المناسبات الوطنية، ما يعزز روح المواطنة ويعكس وحدة الشعب المصرى. وفى المقابل، يشارك ممثلو الدولة فى الأعياد الدينية للكنيسة، ما يعكس احترام الدولة للتنوع الدينى.
كما أن العلاقة بين الكنيسة والدولة محكومة بالقانون، إذ تُعنى الدولة بتوفير بيئة آمنة لممارسة الشعائر، إضافة إلى تسهيل بناء وترميم الكنائس وفقًا للقوانين المنظمة لذلك، وأخيرًا الكنيسة الكاثوليكية تعمل مع الدولة فى قضايا مثل مكافحة التطرف، وتعزيز السلام المجتمعى، ودعم حقوق الإنسان، ما يعكس التزامها برفاهية المجتمع المصرى ككل.
■ تنتشر شائعات كثيرة ضد مصر حاليًا.. كيف ترى الأمر؟
- حرب الشائعات المغرضة تعد خطرًا كبيرًا على الكنيسة والمجتمع على حد سواء، لأنها تهدف إلى زعزعة الاستقرار وتقويض الثقة وإثارة الفتن. تأثير هذه الشائعات يمكن أن يكون مدمرًا إذا لم تواجه بحكمة وحزم.
تعمل الشائعات على تشويه سمعة القيادات الكنسية، فالشائعات التى تستهدف شخصيات كنسية قد تؤدى إلى تآكل الثقة بين المؤمنين وقياداتهم، ما يُضعف دور الكنيسة فى المجتمع، وإثارة الانقسامات الداخلية، ويمكن للشائعات أن تزرع الشك والانقسام بين أفراد الكنيسة، ما يؤدى إلى ضعف الروح الجماعية وتفكك المجتمعات الكنسية، وتأجيج الصراعات مع الآخرين.
وقد تستخدم الشائعات لإثارة الفتنة بين الكنيسة وأطراف أخرى، سواء كانت مؤسسات أو جماعات دينية أخرى، ما يعمّق التوترات.
وتعمل الشائعات على تعطيل التنمية، ففى المجتمعات التى تنشغل بالصراعات الناتجة عن الشائعات تفقد التركيز على البناء والتنمية.
■ كيف ترى أحوال المصريين، خاصة الأقباط فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
- أعتقد أن هناك تغييرات كبيرة حدثت على مختلف الأصعدة فى عهد الرئيس السيسى، ومع ذلك، فإن تقييم التحسن فى أحوال المصريين يعتمد على الجانب الذى يجرى النظر إليه، إذ كانت هناك تطورات إيجابية فى بعض المجالات، بينما استمرت التحديات فى أخرى.
فى ملف الأمن، نشهد تحسنًا كبيرًا، بعد فترة من الفوضى الأمنية، إذ تمكنت الدولة من استعادة سيطرتها تدريجيًا. والعمليات العسكرية فى سيناء حدّت من نشاط الجماعات المسلحة، إضافة إلى عودة الاستقرار السياسى والحياة الحزبية فى مصر إلى طبيعتها.
وفى ملف الاقتصاد، نرى مشروعات قومية كبرى؛ إذ أطلقت الحكومة العديد من المشاريع القومية، مثل توسعة قناة السويس وإنشاء عاصمة إدارية جديدة ومشروعات البنية التحتية مثل الطرق والكبارى ومحطات الكهرباء. هذه المشروعات أسهمت فى خلق فرص عمل وتحسين البنية التحتية.
ومجتمعيًا، نجحت الدولة فى تحقيق الاستقرار المجتمعى، إضافة إلى تحسين العلاقة مع الكنيسة، وشهدت الفترة بعد الإخوان اهتمامًا أكبر بقضايا الأقباط، بما فى ذلك بناء الكنائس وتسهيل ممارستهم شعائرهم.
وفيما يخص الخدمات الأساسية، نرى تحسنًا واضحًا فى الخدمات الأساسية، مثل المياه والكهرباء والتوسع فى الصرف الصحى والغاز وارتفاع نسبة تغطية المناطق التى تصلها هذه الخدمات، إضافة إلى أن تطوير شبكة الطرق والكبارى سهل الحركة بين المحافظات، وتحسين وسائل النقل العام، بما فى ذلك تحديث مترو الأنفاق.
وإقليميًا، استعادت مصر دورها الريادى فى المنطقة بعد فترة من العزلة أو التوتر مع بعض الدول فى أثناء حكم الإخوان، وجرى تعزيز العلاقات مع دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، وكذلك مع الدول الغربية، ولعبت مصر دورًا سياسيًا أكبر، ودورًا بارزًا فى ملفات مثل القضية الفلسطينية والأزمات فى ليبيا والسودان. إجمالًا يمكن القول إن أحوال المصريين شهدت تحسنًا ملحوظًا فى العديد من المجالات، مثل الأمن والبنية التحتية وتوافر الخدمات.
كيف رأيت فترة حكم الإخوان لمصر؟
- فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية لمصر كانت قصيرة نسبيًا، واستمرت عامًا واحدًا فقط. وتميزت بأنها فترة مليئة بالأحداث والتوترات السياسية والاجتماعية التى تركت أثرًا عميقًا على المجتمع المصرى. عانى الاقتصاد المصرى خلال تلك الفترة من سوء الإدارة الذى تمثل فى التدهور الاقتصادى الكبير نتيجة انخفاض الاستثمارات والسياحة، واستمرار الاضطرابات، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار ونقص السلع الأساسية «مثل الوقود والكهرباء»، كما تزايدت أعمال العنف والإرهاب، خاصة فى سيناء، حيث انتعشت الجماعات المسلحة. أرى أن الإخوان لم يتمكنوا من تقديم نموذج حكم مدنى أو اقتصادى ناجح، وأضاعوا فرصة كبيرة لتحقيق توافق وطنى. إجمالًا أرى أن هذه الفترة تعتبر علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، حيث كشفت عن عمق التحديات التى تواجهها البلاد فى تحقيق استقرار سياسى واجتماعى دائم.