رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإنجاب جريمة.. والتبنى هو الحل

فيلم «الفتاة ذات الإبرة» Girl With the Needle للمخرج السويدى «ماغنوس فون هورن»، الذى كتب سيناريو العمل بالتعاون مع سيناريست آخر، وبالاتكاء على القصة الحقيقية للقاتلة الدنماركية المتسلسلة «داغمار أوفرباى»، التى ساعدت النساء الفقيرات على قتل أطفالهن غير المرغوب فيهم دون أن تصارحهم بذلك، وحُكم عليها بالإعدام للمرة الأولى عام 1921، ولكن تم تغيير الحكم لاحقًا إلى السجن مدى الحياة.
نافس الفيلم على سعفة مهرجان «كان» الذهبية فى  دورة المهرجان السابع والسبعين- وكان يستحقها وعن جدارة- والترشيح وصل أيضًا لفيلم «حمام الشيطان» النرويجى، والفيلم الأمريكى المميز «المادة» 
وتدور أحداث الفيلم فى «كوبنهاجن»، حيث تعمل الشابة «كارولين» فى أحد المصانع بعد أن غيبت الحرب العالمية الأولى زوجها وظلت تراسله طوال عام بأكمله دون أن يأتيها منه أى رد، فاعتبرته هى ومالك المصنع فى عداد الموتى.. واستغل الأخير فقر وعوز الفتاة وساعده تغيب زوجها وطردِها من منزلها، لعدم قدرتها على دفع أجرته، فأغدق عليها «بالكثير القليل» الذى لا تملكه وكانت فى أمس الحاجة إليه.
وبمرور الوقت وقع البرجوازى الثرى المدلل الذى ورث المصنع عن عائلته فى غرام كارولين، وأقام معها علاقة، وهو العاجز الذى يتكئ على عصاه ولا يعصى لأمه أمرًا، فحملت منه كارولين سفاحًا، وعندما طالبته بالزواج وافق، ولكن الموافقة الحقيقية لا بد وأن تصدر عن أمه التى أهانت كارولين مرتين.. المرة الأولى عندما استحضرت طبيبًا وطلبت منها نزع ملابسها الداخلية لتتأكد من حملها، والمرة الثانية عندما قامت بطردها من البيت ومن المصنع رغم تأكدها من حملها، لأنها لن تقبل بها زوجةً لولدها البرجوازى، الذى جلس يبكى عاجزًا أمام تسلط أمه، وترك حبيبته وجنينها ليواجهان وحدهما مصيرًا غامضًا ومظلمًا.
وقبل تلك الواقعة اعتقدت كارولين خطأً أن الحظ قد ابتسم لها، وأن الثرى البرجوازى سيتزوجها، وفى تلك الأثناء عاد زوجها من الحرب عاجزًا منكسرًا منكسًا ومشوهًا داخليًا وخارجيًا، فقامت بطرده بمنتهى القساوة من بيتها وحياتها طامعةً فى حياة جديدة.. وكمصير غالبية الفقيرات خسرت كارولين كل شىء.. خسرت الحبيب الثرى والزوج والوظيفة، ليتلقفها الشارع وتبحث فيه عن أحقر الوظائف.
وذهبت بعد ضياع كل شىء لحمام السيدات ومعها إبرة كبيرة، حاولت من خلالها إجهاض نفسها بنفسها، فأدركت إحدى السيدات ما كانت تنوى فعله فساعدتها على الإبقاء على حياتها وحياة الجنين، ووعدتها بمساعدتها بعد وضعه بعرضه للتبنى لإحد الأسر الميسورة التى لا تُنجب، لترتاح من عبء الإنفاق عليه، وتضمن له حياة كريمة مع أسرة تواقة لاحتضانه.
وبالفعل صدقت كارولين عرض السيدة وذهبت لها بالرضيعة التى وضعتها فى الشارع والتى تعلم جيدًا أنها لا تستطيع هى وزوجها الإنفاق عليها رغم إبداء الزوج رغبته فى التشبث بطفلة زوجته من رجل آخر، وأنها هبة منحت لهما بعد أن أصابته الحرب بالعجز، لكن واقعية كارولين وإدراكها لفقرها هى وزوجها دفعها للمضى فى خطة السيدة التى عرضت عليها طرح رضيعتها للتبنى، ونصحتها بعدم تسميتها، ليكون الأمر سهلًا عليها.
وبالفعل أخذت السيدة طفلة كارولين، ثم قالت لها إنها مدينة لها بهذا المعروف، وإنها سوف تخلصها من رضيعتها التى لا تستطيع الإنفاق عليها وتخلى عنها أبوها البيولوجى، الذى مارس دور ذكر النحل واختفى.. وعندما ذهبت كارولين لتلك السيدة وجدتها فى نوبة مرض وتحتاج للمساعدة، فعرضت عليها، باعتبارها مدينة لها بمال، أن تكون ممرضة لها! ولم تكتفِ تلك السيدة بذلك رغم احتياجها لها، فعرضت «كارولين» على السيدة أن تبيع لها لبنها، وقالت لها جملة من أكثر الجمل قسوة ومأساوية، وتعبر بشكل مؤلم وصادم عن حال السيدات الفقيرات وما يتكبدن فى هذه الحياة الظالمة العبثية «أمى كانت أيضًا تبيع لبنها لإطعامنا»، فتاريخ الفقيرات يعيد نفسه.. الفقيرات من أمثال كارولين وأمها ليس لديهن سوى أجسادهن وما يخرج منها «لبن» «جنين» فيبيعنه! يبيعن الجسد، ويبيعن ما يخرج من هذا الجسد من أجل البقاء على قيد تلك الحياة الجائرة!.
وبالفعل استغلت العجوز القاتلة «داغمار» شباب كارولين وجسدها وصحتها ولبنها لمساعدتها فى جرائمها ضد الأجنة والرضع وضد الإنسانية، بعد أن أوهمتها أنها تدير وكالة تبنى سرية تحت ستار متجر حلوى، لمساعدة الأمهات الفقيرات على وضع أطفالهن حديثى الولادة غير المرغوب فيهم فى دور الحضانة وعرضهم للتبنى.. وحينما تقترب كارولين من «داغمار» سرعان ما تواجه الواقع الكابوسى الذى دخلته عن غير قصد، لتكتشف أن «داغمار» تقتل الأطفال بشتى أنواع الطرق، وتتخلص منهم فى المصارف الصحية!، ولا تمنحهم- كما أوهمتها- فرصة ثانية للحياة مع أسر محترمة ترعاهم وتنفق عليهم.
فالفيلم يتعرض لهذا الجانب المظلم والمأساوى من حيوات بعض البشر من جانب، والإنسانيات التى قد تظهر أيضا ونجدها فى أحلك الأماكن وأقلها توقعًا من جانب آخر.. فالفيلم قد تعرض لسيكوباتية فكر وسلوك «داغمار»، وقسوة كارولين فى بداية رحلتها مع تلك الحياة القاسية وما تعلمته خلال تلك الرحلة.. لينتهى الفيلم وهى أكثر نضجًا وإنسانية.
وكل ما شاهدناه من أحداث ومآسٍ فى هذا الفيلم يمكن- وبمنتهى الأريحية- إحالتها للحرب وتأثيراتها وتبعاتها البشعة على المجتمع وسلوك أفراده وخصوصًا النساء، اللاتى ظهرن فى الفيلم- ومنذ أول مشاهده- أكثر قسوة وبكثير من الرجال.. فالرجال هزمتهم الحروب وفقدوا فيها كل شىء تقريبًا، فعادوا بانكسار داخلى كبير جعلهم أكثر لينًا وتعاطفًا وإنسانية أو استسلامًا من المرأة، التى عاشت بمفردها، وواجهت الحياة وحيدةً، وعافرت وعانت واحتدت واخشوشنت روحها قبل يديها، فصارت أكثر قسوة من الرجال الذين ملأتهم الشروخ.. وكنوع من أنواع حماية النفس وكآلية دفاعية نفسية تصدر النساء دومًا القسوة للواجهة.. فعندما تكون المرأة وحيدة وتجابه كل شىء بمفردها لا بد وأن تتشرس.. وكما قست عليها الحياة تقسو هى على نفسها وعلى من حولها.
ففى أول مشهد فى الفيلم نشاهد صاحب البيت الذى لم يطالب «كارولين» بأجرة المنزل لمدة ٦ أشهر كاملة.. وعندما جاءته امرأة أخرى لتسكن فى البيت بدلًا منها حرص المخرج على إظهار صاحب العقار رحيمًا مشفقًا على كارولين، وقال لها نصًا «أنا لست شريرًا بل عطوف وطيب القلب، وسأجد لك بيتًا آخر بسعر أقل»، وبالفعل أوجد الرجل لفتاة المصنع سكنًا بديلًا، أما الساكنة الجديدة فبدت ملامحها فى منتهى القسوة، ولم تتعاطف مع كارولين التى كان عليها إخلاء البيت لها، بل قامت المستأجرة الجديدة وبمنتهى القسوة بصفع ابنتها «التى لم يعجبها المنزل»، فلا بدائل ولا خيارات أمامها إلا هذا البيت لها ولابنتها، فقالت عنه بنبرة قاسية وانهزامية «إنه يفى بالغرض».. ونطقت تلك الكلمات بعنفوان شديد، ودون أن تنظر للبيت أو لمن حولها.. فالبيت كان حقيرًا رغم أن «كارولين» ذهبت لما هو أحقر منه!
فالحرب جعلت المجتمع أنثوى الطابع وبامتياز عندما اختفى الرجال، وبالتالى اختفى دورهم من المشهد الحياتى اليومى.. فغيبوا بالموت.. ومن بقى منهم على قيد هذه الحياة عاد منكسرًا مشوهًا منكسًا عاجزًا كزوج كارولين.. وعاشت النساء فى هذا الواقع وفى هذا المجتمع وحيدات فقيرات ضعيفات، وكان عليهن العمل فى أحقر المهن لتوفير المسكن والمأكل، وتم استغلالهن ليس فقط للعمل بأجور غير عادلة، بل تم استغلالهن جسديًا، فحملت الكثير من النساء سفاحًا، وحتى المتزوجات كن لا يستطعن الإنفاق على أطفالهن الرضع، وهنا جاء دور «داغمار» لتساعد تلك النساء بارتكابها جرائم فى حق الأطفال وفى حق الإنسانية بقتل الرضع والادعاء بعرضهم للتبنى!
وفى محاكمة «داغمار»- التى طالب فيها الأهالى وطالبت فيها النساء بشنق القاتلة- كان دفاعها وكانت حيثياتها أنها ساعدت تلك النساء.. وأن الأطفال الذين جاءوا للحياة كانوا مصدر ألم لأمهاتهم، وعبئًا كبيرًا عليهن، فكان الأجدر بهن- من وجهة نظرها- أن تشكرها هؤلاء النساء لأنها ساعدتهن فى التخلص من الأجنة والرضع غير المرغوب فيهم.. وتوجهت للنساء بسؤال هو:  هل كنتن تستطعن إطعام هؤلاء الرضع؟ أم إننى كنت الخلاص لكن من هذا العبء، وأن الرضع الذين قتلتهم أنا قد تسببوا لكن بالتعاسة، وبالتالى كان لا بد من التخلص منهم؟ 
وعن كذبتها بشأن التبنى توجهت «داغمار» للنساء مرة أخرى لتواجههن بواقع مرير مفاده أن الأسر المحترمة التى تريد التبنى هل ستقبل بأطفال لقطاء مجهولى النسب والهوية جاءوا للحياة سفاحًا؟ وبعد دفاع «داغمار»، الذى يبدو منطقيًا على الأقل من وجهة نظرها، ساد الصمت قاعة المحاكمة بعد أن كانت تضج بصراخ الأمهات والأهالى، ومطالباتهم بشنق المجرمة، والتى لم تشنق وخُففت العقوبة للسجن مدى الحياة.
ولم تعترف «داغمار» على كارولين.. فقد أحبتها ولم توشى بها.. فكارولين صدقت بالفعل رواية التبنى ولم تشارك فى قتل الأطفال.. وكانت تعلم وتعى «داغمار» جيدًا أنها تسببت لكارولين بأذى كبير، وأدخلتها فى دائرة الإدمان، لتغيب عن الواقع وعن الوعى، وأن كارولين كانت تحب طفلتها وقامت بإرضاعها وعمرها ٧ سنوات، فصارت ابنتها بالرضاعة، وذلك الشىء قرّب بالطبع بينها وبين طفلة «داغمار»، التى انتزعت منها بعد محاكمتها، وتم إيداعها فى دار للأيتام.
وبعد انتهاء المحاكمة، وبعد أن انتهى ذلك الكابوس الذى عاشته كارولين طوال مشوارها من فقد الزوج، الذى عاد عاجزًا مشوهًا، وخذلان الحبيب الثرى، وتضحيتها بابنتها الرضيعة التى قتلتها «داغمار»، كان لا بد لها من رفيق وونيس تعيش معه ويعيش معها فى هذه الحياة القاسية العبثية.. فكانت تلك الفتاة التى أرضعتها هى الشىء الوحيد الجميل الذى تبقى لها، فقررت أن تصير لها أمًا، وذهبت لدار الأيتام وطلبت تبنى طفلة «داغمار»، وحققت «كارولين» هذه المرة حلم التبنى بشكل حقيقى، وتبنت فعليًا ابنة داغمار القاتلة، فالطفلة لا ذنب لها، بل كانت هى أيضًا ضحية لهذا الواقع المأساوى.
وكما حلمت كارولين بالتبنى وبحياة أفضل، وأن تمنح رضيعتها فرصة ثانية للحياة، ها هى تمنح ابنة القاتلة فرصة ثانية لحياة أفضل بعد أن عايشت وعاصرت الطفلة معها مأساة وسيكوباتية «داغمار»، التى علمنا من خلال الفيلم أنها هى أيضًا كانت ضحيةً للحرب وللهجر، فقد هجرها زوجها ومات أبناؤها الثلاثة بعد ولادتهم، وكانت بمفردها تمامًا، وهى تلد أول أطفالها، فاضطرت لنزع الحبل السرى بأسنانها!
وبالتالى فتلك الفتاة التى تبنتها كارولين ليست ابنة بيولوجية لداغمار، التى تبنتها من قبل كى لا تصبح وحيدة.. ثم أكملت كارولين مشوار التبنى كى لا تصبح هى أيضًا وحيدة، وكى تُمنح الطفلة التى جاءت لهذه الدنيا رغم عنها، ودون أن يشاورها أحد فى الأمر، فرصة وحياة جديدة يملؤها الحنان لا القسوة.
فالمأساة مكتملة الأركان.. مأساة عاشتها النساء وحدهن فى مجتمع أنثوى بامتياز كما سبق، وأوضحت، وكأننا عُدنا بسبب الحرب لعصور الصيد ومجتمعات الصيد.. عندما كان يذهب الرجال للصيد وتبقى النساء وحدهن ليشكلن مجتمعًا على شاكلتهن يشبههن ويضعن هن فيه شروطهن ليستطعن العيش فيه بمفرداتهن اللاتى اخترعنها وفرضها عليهن الظرف المعاش، فصرن- فى أغلب الأحيان- وحوشًا مشوهة بلا رحمة نزعت عنهن إنسانيتهن، وضحايا لظروف مجتمعية ومعيشية صعبة جعلتهن عرضةً للاستغلال والانتهاك والوحدة والفقر.. إنها لعنة الحرب وقسوة الحياة والفقر والعوز والانتهاك والاستغلال وظروف العمل الصعبة المجحفة غير الآدمية.
وكل تلك العوامل جعلت من «داغمار» قاتلة، وجعلت من كارولين امرأة ممزقة تكالب عليها الضباع وتآمرت ضدها الحياة حتى انقشع كل ذلك الغيام الأسود وانتهى الفيلم، وكارولين ليست وحيدة بل أم عزباء لابنة داغمار- ابنتها هى بالرضاعة- والتى استطاعت هذه المرة إنقاذها بعد فشلها فى إنقاذ رضيعتها البيولوجية- تلك البذرة- التى تركها  البرجوازى الضعيف فى أحشائها وذهب مع الريح.. وهام زوجها على وجهه المشوه فى الطرقات متنقلًا هنا وهناك مع أعضاء السيرك بعد أن صار قدره فى الحياة أن يكون مسخًا شوهته الحرب ليصبح أضحوكة المتفرجين المنهزمين أيضًا، والذين يضحكون على أنفسهم فى شخصه! 
وبتلك السخرية وبالإهانات والتنمر يكسب المشوه المهزوم قوته، الذى بالكاد يبقيه على قيد تلك الحياة البائسة حتى يحين الأجل ويقضى الله أمرًا كان مفعولًا.. فلا بيده ولا بيد غيره أى حيل سوى محاولة التطبيع مع ذلك الواقع المؤلم، والرضا بالحال والمحال والحرب التى فرضت على الجميع، وسيق الجميع إليها مجبرين مكبلين فدمرت كل شىء، ولم تترك لنا شيئًا سليمًا أو صحيًا.
والفيلم جاء تتويجًا وتعبيرًا حقيقيًا عن ما تخلفه الحروب من ويلات تضاف لويلاتها وخسائرها البشرية.. ففى الحروب لا نخسر فقط أرواحًا تزهق بل أرواحًا تذبل وتشوه أو تتوحش.. فخسائر الحروب ليست خسائر فى الأرواح فقط بل خسائر فى النفوس وفى الضمائر، وتحولات جذرية تحدثها الحروب فى نفسيات البشر، ومن ثم تحولات جذرية تحدث كذلك فى بنية المجتمع ذاته وفى أناسه الذين يصبحون هم كذلك من مخلفات الحروب! 
وأحداث الفيلم مستوحاة من واقعة حقيقية حدثت بالفعل بعد الحرب العالمية الأولى.. ويسلط المخرج السويدى الضوء من خلال فيلمه على عناصر مستعارة من الملاحم والحكايات الخيالية، أما شخصية بطلة العمل «كارولين» فكانت نموذجًا فريدًا للفتاة الفقيرة البريئة التى خدعتها امرأة شريرة تشبه الساحرات.
لذلك سعى المخرج لوضع هذه القصة المظلمة على مسافة آمنة من الجمهور، وجعلها فى بعض الأحيان مسلية وجذابة، وفى الوقت نفسه طرح من خلال فيلمه أفكارًا وقضايا تدعو للتفكير، وتتطلب الوقوف عليها والتوقف عندها طويلًا مثل قضية «الإجهاض» وقضية «التبنى»، وعمد المخرج على استخدام تقنية الأبيص والأسود، لتعميق الإحساس بالماضى وأجواء المدينة الخربة المظلمة الحزينة إبان الحرب العالمية الأولى.