رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دعم غزة دوليًا من القاهرة

مؤتمر دولى مهم، استهدف تعزيز استجابة المجتمع الدولى للكارثة الإنسانية الراهنة، التى يعيشها قطاع غزة، وطالب بالتراجع عن سياسة المعايير المزدوجة، والإعلان عن تعهدات مالية ملائمة، وقابلة للتنفيذ الفورى، لإنقاذ أهالى القطاع، وتمهيد الطريق أمام التعافى المبكر، ثم إعادة الإعمار، واتخاذ موقف حاسم، لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وأوامر محكمة العدل الدولية، وباقى المؤسسات القانونية الدولية، التى تطالب سلطة الاحتلال الإسرائيلى بالوقف الفورى لإطلاق النار، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية.

فى ظل استمرار المأساة الإنسانية، غير المسبوقة، التى يعانى منها الشعب الفلسطينى، بسبب العدوان الإسرائيلى الغاشم، أقامت مصر، أمس، الإثنين، هذا المؤتمر، «مؤتمر القاهرة الوزارى لتعزيز الاستجابة الإنسانية فى غزة» تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة. وبلسان وزير خارجيتها، أكدت الدولة المصرية، مجددًا، رفضها الكامل أن تكون هناك دولة فوق القانون، ولا تخضع للمساءلة أو المحاسبة، وشدّدت، مرة أخرى، على الأهمية البالغة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، ورفض سياسة تهجير الشعب الفلسطينى، سواء من الضفة أو القطاع.

كانت مصر، كما لعلك تعرف، فى طليعة الدول التى هَبَت لإغاثة أشقائها الفلسطينيين، منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، إذ قدمت نحو ٧٠٪ من المساعدات التى دخلت القطاع، وسهّلت إجراءات الشحن الجوى والبحرى والبرى لاستقبال باقى المساعدات. وبتوجيهات مباشرة من الرئيس السيسى، استضافت الدولة المصرية آلاف الجرحى من أشقائنا الفلسطينيين، وقامت بتطعيم آلاف الأطفال، وقدمت الدعم اللازم لالتحاق الطلبة بالمؤسسات التعليمية المصرية، و... و... ولم يكن ما قامت، وتقوم به الدولة المصرية منَّة، لكنه جاء التزامًا بمسئوليتها وواجبها تجاه أشقائها الفلسطينيين، كما أكد وزير الخارجية، فى كلمته الافتتاحية، التى أوضح فيها أن الدولة المصرية مستعدة لإدخال أعداد كبيرة من الشاحنات، يوميًا، بمجرد أن تسمح الظروف الميدانية بالنفاذ الآمن للمساعدات، وتوفير المناخ الآمن لعمل وكالات الإغاثة. 

أودى العدوان الإسرائيلى بحياة أكثر من ٤٣ ألف فلسطينى، ٧٠٪ منهم من النساء والأطفال، وأجبر أكثر من مليونى شخص على النزوح. وعلى مدار ثلاثة عشر شهرًا، وقف المجتمع الدولى متفرجًا أمام ما يتم ارتكابه من أفعال بشعة ومشاهد قتل، وتشريد السكان، وتدمير المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس، وقصف سيارات الإسعاف، بل واستهداف موظفى الأمم المتحدة، الذين استشهد ٢٣٧ منهم، غالبيتهم من وكالة «أونروا»، التى تم تدمير أكثر من ألفى منشأة تابعة لها. وإمعانًا فى الانتهاكات، منعت سلطة الاحتلال، ولا تزال، إدخال المساعدات، بفرض الشروط والعراقيل غير المبررة وغير القانونية. أما ما سمحت بإدخاله، بعد الضغوط، فلم يتناسب مع حجم الاحتياجات الهائلة، الناتجة عن تعرض القطاع المستمر للقصف، وانتشار الأمراض والأوبئة، وبرد الشتاء القارس، وتفشى المجاعة.

أكد وزير خارجيتنا، أيضًا، أن مصر، قيادة وحكومة وشعبًا، ستظل على العهد، متمسكة بموقفها الداعم للقضية الفلسطينية، ولحق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧، مع الرفض الكامل لكل المساعى الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الأشقاء الفلسطينيين من أراضيهم. كما شدّد على أن الدولة المصرية ستستمر فى تقديم كل الدعم والمساندة والمساعدة لوقف نزيف الدم، وستواصل التحرك، بلا كلل، مع أشقائها العرب، وأصدقائها فى العالم، للتوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار، وضمان النفاذ المستدام للمساعدات.

.. وتبقى الإشارة إلى أن حجم الدمار الهائل، وغير المسبوق، الذى خلفه العدوان الإسرائيلى، المستمر على قطاع غزة، يحتاج إلى عقود لإصلاحه، ويتطلب تكاتف المجتمع الدولى، لضمان إنفاذ المساعدات، بشكل فورى ومستدام، وتنفيذ خطط للتعافى المبكر، تلبى الاحتياجات الأساسية من غذاء وماء ومأوى وصرف صحى ورعاية صحية للسكان، إضافة إلى إعادة تأهيل البنية الأساسية، بما فى ذلك إصلاح الطرق والمبانى العامة والشبكات الكهربائية وشبكات المياه، وإعادة إحياء الاقتصاد المحلى، و... و... وجعل القطاع قابلًا للعيش، بالحد الأدنى، إلى أن تبدأ مرحلة إعادة الإعمار، بعد انتهاء العدوان وزوال الاحتلال.