رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

النائب حازم الجندى: خطة لتفكيك التماسك الاجتماعى وتدمير الثقة بين المواطن والحكومة بـ«سلاح الشائعات»

النائب حازم الجندى
النائب حازم الجندى

أكد المهندس حازم الجندى، عضو مجلس الشيوخ عضو الهيئة العليا بحزب الوفد، أن مصر تواجه واحدة من أخطر أنواع الحروب فى العالم، وهى تلك التى تستخدم سلاح الشائعات والأكاذيب لضرب استقرار وأمن الدول، وإلحاق الهزائم النفسية بالشعوب، لإصابة مجتمعات هذه الدول بالإحباط والتفكك.

وقال «الجندى»، فى حواره مع «الدستور»، إن الشائعات تستهدف النيل من هذا الوطن وضرب استقراره وحالة التلاحم التى تجمع شعبه، والثقة التى تربطه بجيشه وقيادته السياسية، وذلك من خلال الأبواق المعادية للدولة التى تحاول زعزعة الثقة بين الدولة والمواطن، والتشكيك فى إنجازات الدولة ومشروعاتها القومية، بهدف إثارة البلبلة والقلق لتفكيك المجتمع. وأكد أن جنود الحروب الحديثة هم الصحفيون والمثقفون والفنانون، وعليهم توعية الشعب بمخاطر المؤامرات التى تحاك ضد مصر، وشرح إنجازات الدولة لهم.

■ بداية.. لماذا تتعرض مصر لحرب شائعات؟

- وفقًا لفلسفة الحروب، تستخدم القوى المعادية أنواعًا مختلفة من الأسلحة فى محاولة للسيطرة على الهدف، ولأن مصر دولة فى مرمى هدف مجموعة من القوى والجماعات، تواجه حروبًا بأشكالٍ مختلفة، منها الحروب النفسية، وذلك باستخدام أخطر أنواع الأسلحة وهو سلاح الشائعات، وإلصاق التهم والأكاذيب والادعاءات بالدولة.

إن الدول المعادية لمصر تريد لها أن تتراجع عن تقدمها وازدهارها، وأن تعيش فى النفق المظلم الذى سقطت فيه دول مجاورة، ولأنها تدرك جيدًا أن مصر دولة ذات سيادة وقوة ونفوذ فى المنطقة، فتحاول محاصرتها وتفكيك مجتمعها لإصابتها بالضعف، بهدف السيطرة على المنطقة بشكل كامل.

كما تستهدف القوى المعادية- سواء كانت ممثلة فى جماعات الشر الإرهابية أو الدول المعادية لمصر- إثارة البلبلة والفوضى داخل الوطن، ومحاولة تشويه صورة الدولة فى الداخل والخارج، وزعزعة الثقة بين المواطن والدولة، من خلال التشكيك فى قرارات الحكومة وإنجازاتها، حتى يتم تفكيك تماسك هذا المجتمع.

■ هل يعنى ذلك أن الحروب العسكرية لم تعد هى السلاح الوحيد لتفكيك الشعوب؟

- لم تعد الحروب العسكرية هى الآلية الوحيدة لتحقيق الانتصارات، فبعض الدول لجأ إلى استخدام الحروب النفسية ضد الشعوب، من أجل تحقيق هزائم نفسية تفقدهم الإرادة والأمل، والقدرة على الإنجاز، وتستبدلها بمشاعر الإحباط واليأس، وفقدان الثقة فى كل شىء، وذلك من خلال سلاح الشائعات، وتعزيز حالة الاستقطاب المجتمعى، ومن ثم تفكيك الشعوب، وإشعال الحروب الأهلية.

ببساطة هذا ما يسعى إليه أعداؤنا الذين يتعمدون نشر الشائعات عن الدولة على مدار سنوات، من أجل النيل من استقرار وسلامة هذا الوطن، مستغلين أن البعض فى الداخل لا يزال يحمل أجندة سياسية، تستهدف بشكل أساسى خلق حالة من التشكك وعدم الثقة بين الشعب المصرى والقيادة السياسية من جانب، وقلة الوعى والمعرفة لدى قطاع كبير من جانب آخر.

■ هل تشكل هذه المؤامرات خطرًا على الدولة؟

- لا شك فى أن استخدام الشائعات يعد واحدًا من أهم أسباب إصابة المجتمع بالإحباط والتفكك، إذ تسعى بعض الأطراف، على رأسها جماعة الإخوان الإرهابية، لتشويه صورة مصر فى المحافل الدولية، ما قد يؤثر على الاستثمارات الأجنبية أو العلاقات الدبلوماسية مع الدول، وهو جزء من تنفيذ أجندات خارجية، الأمر الذى يؤثر بشكل كبير على استقلال الدولة وقرارها السياسى.

وليس هذا فقط، إنما تشكل هذه المؤامرات خطرًا كبيرًا على استقرار المجتمع، كونها تسهم فى إلهاء الرأى العام عن الإصلاحات والإنجازات التى حققتها الدولة فى مختلف المجالات سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، الأمر الذى يتطلب من الجميع ضرورة توخى الحذر، والمساهمة فى نشر الوعى والتوعية بمخاطر الشائعات على الأمن القومى للوطن.

■ كيف يجرى استخدام التكنولوجيا الحديثة فى نشر الشائعات؟

- المعلوم للجميع أنه خلال السنوات الماضية اهتمت دول العالم بإنشاء وحدات تابعة للمؤسسات العسكرية، تستهدف خلق وتطوير الشائعات وكيفية استخدامها بالشكل الذى يتيح لها التلاعب بمشاعر وعواطف الشعب المستهدف، مستغلة فى ذلك التطورات الرهيبة فى مجالات الاتصال وتكنولوجيا المعلومات التى حولت العالم لقرية صغيرة، والتى يمكن من خلالها نشر الشائعة فى دقائق قليلة، وربما هذا ما تابعناه خلال الأيام الماضية؛ إذ جرى استهداف الدولة عبر التشكيك فى دورها الداعم للقضية الفلسطينية.

■ كيف تؤثر تلك الشائعات على الرأى العام؟

- من لا يملك الوعى يمكن أن يستقبل كل المعلومات، وينساق خلفها دون دراية، وهو المستهدف الأول بالشائعات والأكاذيب، الأمر الذى قد يخل بأمن الوطن، ويزعزع الثقة بين المواطن والدولة، ويتسبب فى إثارة حالة من الخوف أو عدم اليقين، ما قد يؤثر على استقرار المجتمع.

■ ما رأيك فى طريقة تعامل الدولة مع تلك الحرب؟

- الدولة تبذل جهودًا كبيرة فى مواجهة هذه الحرب، التى لا تقل خطورة عن الحرب العسكرية، بل هى أخطر، وتحارب فى كل الاتجاهات، حفاظًا وحماية لأمنها القومى، وتعتمد على آليات مختلفة، سواء كان من خلال تفعيل دور أدواتها الرسمية، للرد على الشائعات فى أسرع وقت، كمركز المعلومات واتخاذ القرار فى مجلس الوزراء، والهيئة العامة للاستعلامات وهى من الجهات الحريصة على الرد على الشائعات، والاعتماد على المصارحة والمكاشفة، وذلك من خلال توضيح الحقائق بالأرقام والمعلومات الدقيقة.

كما تحرص الدولة على إطلاق الحملات التوعوية عبر وسائل الإعلام الرسمية ومنصات التواصل الاجتماعى، لنشر الوعى بين المواطنين، وملاحقة مصادر الشائعات قانونيًا، خاصة إذا كانت تهدف إلى زعزعة الاستقرار.

■ إلى أى مدى يسهم غياب الوعى فى تفاقم أزمة الشائعات داخل المجتمع؟

- يسهم غياب الوعى فى تفاقم أزمة الشائعات السلبية داخل المجتمع بشكل كبير جدًا، خاصة فى المناطق النائية والريفية، والحقيقة التى يجب أن يدركها الجميع أن صنع الشائعات وترويجها سيظلان جزءًا من حرب نفسية طويلة المدى، من أجل تضليل الشعوب وتزييف وعيها، بحملات التضليل والتجهيل، وفقدان القدرة على التمييز بين المعلومات الصحيحة والشائعة، لذلك سيظل حائط الصد الأول ضد هذه الهجمات هو الوعى.

صناعة الوعى لم تعد رفاهية، وإنما ضرورة لتسليح المواطن المصرى بما تتيح له مواجهة هذه الادعاءات والأكاذيب التى تستهدف النيل من أمنه واستقراره وإسقاط دولته.

■ ما دور القوى الناعمة فى تشكيل وعى وطنى يواجه التحديات الراهنة؟

- إن صناعة الوعى هى عملية متكاملة تتكاتف فيها كل أدوات ما نسميه القوى الناعمة فى الدولة، فجنود الحروب الحديثة هم المثقفون والإعلاميون والنشطاء والفنانون والمؤسسات الدينية والتعليمية والشبابية، فهؤلاء عليهم مهمة تحصين عقول المصريين بما يمكنهم من مواجهة دعوات التخريب والهدم، كذلك المؤسسات الثقافية والتعليمية، لما لها من دور فى مخاطبة وجدان الشعب المصرى، وإيصال الرسالة المرجوة على النحو الأمثل.

■ كيف يمكن للمواطن العادى التفرقة بين المعلومات الصحيحة والشائعات المضللة؟

- المواطن مسئول عن توعية نفسه، والتفرقة بين الأخبار الصحيحة والشائعات، والأهم هو معرفة الهدف من هذه المحاولات.

■ ما أنواع الشائعات التى يجرى إطلاقها ضد مصر؟

- أكثر أنواع الشائعات والأكاذيب انتشارًا ذلك الذى يستهدف إنجازات الدولة وأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والتشكيك فى المشروعات الوطنية، بهدف زعزعة الثقة بين الدولة والمواطن، ومحاولة إثارة القلق والفوضى، كون مصدر هذه الشائعات يدرك جيدًا أن السبيل الوحيد للسيطرة على مصر وقوتها هو تفكيك هذا التماسك المجتمعى، وخلق حالة من البلبلة حول قرارات الحكومة، أو بعض القضايا والملفات الإقليمية، كما أن هناك شائعات تتعلق بالأمن القومى.

■ ما تقييمك للإنجازات التى تحققت خلال الفترة الماضية؟

- الدولة، بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى تعمل فى جميع الاتجاهات، لتحقيق الإصلاحات الشاملة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وتعكف على صناعة الإنجازات المختلفة من خلال المشروعات القومية التى تخدم المواطنين فى جميع أنحاء الوطن وربوعه، بما يوفر له حياة كريمة وآمنة.

لماذا طالبت بإجراء حوار مجتمعى واسع حول تعديلات قانون الإيجار القديم؟

- هذا الملف معقد وشائك للغاية، ويحتاج إلى وضع حلول عادلة وجذرية، وأعتقد أنه من الصعب وضع حلول لهذا الملف إلا من خلال حوار مجتمعى جاد يتشارك فيه الجميع، وعلى رأسهم المالك والمستأجر، بما يضمن عدالة توزيع الأعباء والمنافع بين الطرفين.

ولو نظرنا إلى قرار المحكمة الدستورية الأخير فى هذا الشأن، فنجد أن المحكمة أكدت أهمية وضع ضوابط موضوعية ومرنة لتحديد قيمة الإيجار بما يتناسب مع المتغيرات الاقتصادية، وبما يضمن تحقيق التوازن بين الطرفين، ولذلك نرى أنه لا بد من إجراء حوار مجتمعى حول هذا الملف.