خبراء: إفريقيا أرض الفرص الواعدة.. والطيران المدنى المصرى يرسخ التعاون مع القارة
تسعى مصر منذ عقود إلى تعزيز مكانتها كمحور أساسي في مجال الطيران المدني في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وتأتي هذه الجهود ضمن رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى دعم التعاون المشترك بين مصر ودول القارة السمراء في مجال النقل الجوي، ما يعزز الروابط الاقتصادية والثقافية ويدفع بعمليات التنمية المستدامة.
وما حدث مؤخرًا أكبر دليل على أن مصر تسعى للتعاون بشكل فعال حيث انعقاد الدورة الـ56 للجمعية العامة لاتحاد شركات الطيران الإفريقية (AFRAA) في القاهرة يؤكد الدور المحوري الذي تلعبه مصر في قطاع الطيران الإفريقي كونه منصة لتبادل الأفكار والخبرات بين أكثر من 500 شخصية مؤثرة في القطاع، من رؤساء شركات الطيران والمطارات وسلطات الطيران المدني وموردي الخدمات وقطع الغيار.
ومن جهته أكد الدكتور سامح الحفني وزير الطيران المدني، أن مصر ملتزمة بمواصلة تقديم الدعم وتبادل المعرفة والخبرات من أجل تطوير قطاع الطيران الإفريقي ليكون مستدامًا ومبتكرًا.
وأضاف الحفني، في تصريحات صحفية، أن استراتيجية الطيران المدني تمثل رؤية مستقبلية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستدامة، وتقليل الانبعاثات، وتعزيز التعاون الإقليمي، وزيادة الربط بين دول القارة الإفريقية وبفضل تاريخها الطويل وخبراتها الواسعة، تبقى مصر شريكًا موثوقًا للدول الإفريقية في تطوير صناعة الطيران وتحقيق الازدهار المشترك.
وذكر أن مصر تتمتع بعلاقات تاريخية قوية مع دول إفريقيا، وخلال العقود الماضية، أسهمت مصر في تقديم الدعم الفني والتدريبي لمئات من الطيارين وفرق الصيانة الجوية من مختلف البلدان الإفريقية. كما وفرت خبرات في إدارة المطارات وتطوير بنيتها التحتية، ما يسهم في بناء قاعدة قوية لصناعة الطيران المدني في القارة.
استراتيجية الطيران
وأضاف الوزير، أن أهم محاور استراتيجية مصر للطيران المدني في الفترة الأخيرة هو التزامها بتحقيق الاستدامة البيئية. تعمل وزارة الطيران المدني المصرية على تطبيق أحدث تقنيات تخفيض الانبعاثات الكربونية، بما يتماشى مع الأهداف العالمية للحفاظ على البيئة وتقليل الآثار السلبية للطيران على المناخ.
كما تسعى إلى إدخال طائرات حديثة تتميز بكفاءة في استهلاك الوقود، ما يساعد على خفض الانبعاثات الضارة وزيادة الكفاءة التشغيلية.
وأوضح أن استراتيجية مصر تركز على زيادة عدد الرحلات الجوية بين القاهرة والمدن الإفريقية الكبرى، بهدف تسهيل حركة الأفراد والبضائع وتعزيز الروابط بين دول القارة. تستثمر مصر للطيران في فتح مسارات جديدة وتشغيل رحلات مباشرة، ما يسهل التنقل ويخفض من التكاليف الزمنية والمادية، ويعزز من التبادل التجاري والسياحي بين الدول الإفريقية.
وأكد المهندس يحيى زكريا، رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران، أن ما يميز القارة الإفريقية عن الأسواق الناشئة الأخرى هو الإمكانيات الهائلة التى تتمتع بها إفريقيا، وثقافاتها المتنوعة ومناظرها الطبيعية الشاسعة، ما يجعلها فرصة فريدة لربط الناس وتحفيز النمو الاقتصادي من خلال الطيران.
وأضاف أننا فى مصر ندرك أن الطيران المدني هو محرك أساسي للنمو الاقتصادي، حيث تم ضخ استثمارات كبيرة في البنية التحتية وتحديث المطارات وتوسيع أنظمة إدارة الحركة الجوية، كما شهد مطار القاهرة الدولي فى عام 2023 زيادة بنسبة 31% في حركة الركاب، ما يعكس الطلب المتزايد على السفر الجوي في المنطقة.
وحث على التركيز على التعاون المشترك، مؤكًدا أن تعزيز الشراكة أمر ضروري، وذلك من خلال العمل معًا، ومشاركة الموارد، ومواءمة استراتيجياتنا، حيث يمكننا ذلك من تعزيز الكفاءة التشغيلية، وخفض التكاليف، وتوسيع شبكاتنا، ما يسمح لنا بخدمة عملائنا بشكل أفضل.
ولفت إلى أن "إير كايرو" أيضًا أصبحت تعلب دورًا مهمًا في دعم الربط الجوي، حيث تسيّر رحلات إقليمية تخدم مناطق إفريقية عدة، ما يدعم التكامل الإقليمي ويعزز من فرص التعاون الاقتصادي.
خبراء: إفريقيا أرض الفرص الواعدة
ومن جهته أكد الدكتور سعيد البطوطي عضو مفوضية السفر الأوروبية، أن التعاون الإقليمي على مستوى القارة يعتبر ضرورة في ظل الظروف الراهنة، لذا يجب ترقية التعاون في جميع ميادين الأنشطة البشرية من أجل رفع مستوى السكان في القارة (18% من سكان العالم) والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي وتحسينه وتشجيع العلاقات الوثيقة والسلمية بين دولها والمساهمة في التقدم والتطور والاندماج الاقتصادي، وأيضًا تحقيق توافق السياسات بين مختلف المجموعات الاقتصادية الجهوية القائمة وباقي التجمعات الاقتصادية.
وتابع: الحقيقة مصر تربطها مع إفريقيا شراكة استراتيجية على المستويين السياسي والاقتصادي، وتتمتعان بدعم سياسي متبادل، يبرز جيدًا في تبنى وجهات النظر المشتركة حيال عدد من القضايا الإقليمية والدولية، خاصة القضية المحورية للمنطقة وهي القضية الفلسطينية.
وأكد البطوطي، أن استضافةً مصر لقادة الطيران الإفريقي يعتبر فرصة هائلة في ظل الظروف الراهنة من أجل تنمية وتفعيل التعاون الإقليمي مع البلدان الإفريقية، ولا سيما في مجال السياحة والطيران، طبعًا إلى جانب النواحي الاقتصادية الأخرى. ودعم التعاون الإقليمي عبر القارة الإفريقية الغنية بالموارد الطبيعية والبشرية والتي آن الأوان لحسن إدارتها واستثمارها بشكل سليم.
ونوه إلى أن قارة إفريقيا ينمو الطلب السياحي فيها بشكل متسارع جدًا، وأيضًا حركة النقل الجوي، فبيانات العام الحالي تبين أن السياحة تنمو في القارة السمراء بنسبة حوالي 7% فوق مستويات 2019 (قبل وباء COVID-19)، في حين أن شركات الطيران الإفريقية شهدت زيادة في الطلب بنسبة 15.5% على أساس سنوي، وارتفعت السعة بنسبة 10.4% وعامل الحمولة إلى 73%.
ولفت إلى أن النقل الجوي يعتبر قطاعًا مهمًا ومنعشًا للتقدم الاقتصادي بالمنطقة، وعاملًا مهمًا للربط بين دول القارة والأشخاص والثقافات، ويوفر نفاذًا إلى الأسواق العالمية، ويسهل التجارة والسياحة. كما يعتبر قطاعًا متجددًا ومنعشًا للتقدم الاقتصادي والاجتماعي، يربط الأشخاص والدول والثقافات، ويوفر نفاذًا إلى الأسواق العالمية ويسهل التجارة والسياحة. كما يوفر الطيران شبكة نقل سريعة في العالم أجمع، ما يجعله ضروريًا في الأعمال الدولية والسياحة بحيث يقوم بتسهيل النمو الاقتصادي، خاصة في الدول السائرة في طريق النمو.
فرص لتعزيز التعاون بين مصر وإفريقيا في مجال الطيران المدني
وأكد الخبير السياحي إلهامي الزيات، أن تعزيز التعاون بين مصر والدول الإفريقية في قطاع الطيران المدني فرصة لتحقيق منافع مشتركة تعود بالنفع على جميع الأطراف من خلال الاستفادة من الخبرات المصرية وتطبيقها في مجالات التدريب، التكنولوجيا، والاستدامة، يمكن أن تشهد القارة السمراء تطورًا ملحوظًا في قدراتها الجوية، ما يعزز من تكاملها الاقتصادي ويقوي من الروابط بين دولها.
كذلك الاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز: مصر تربط بين ثلاث قارات: إفريقيا، آسيا، وأوروبا. يمكن استغلال هذا الموقع لجعل مصر مركزًا لعمليات الربط الجوي بين الدول الإفريقية وبقية العالم، ما يعزز التبادل التجاري والسياحي ويجعل من القاهرة بوابة جوية مهمة لإفريقيا.
وأضاف الزيات، أن الشراكات الاستثمارية في البنية التحتية للطيران، مثل تطوير المطارات والمرافق الجوية، ويمكن لمصر أن تكون شريكًا استثماريًا في مشاريع البنية التحتية بالدول الإفريقية، ما يساعد في تحسين قدرات النقل الجوي وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة. بخلاف التكنولوجيا والابتكار وأنظمة الحجز الإلكتروني والتتبع الذكي للشحنات.
كما يمكن أن تتعاون مع شركات الطيران الإفريقية في مجال البحث والتطوير لتحسين كفاءة التشغيل وتقليل التكاليف وتسهيل تنقل الأفراد والبضائع بين دول القارة، خاصة عبر تفعيل اتفاقيات السماوات المفتوحة. هذا التكامل يمكن أن يؤدي إلى فتح مزيد من المسارات الجوية المباشرة، ما يزيد من فرص التعاون الاقتصادي والسياحي وأخيرًا التوجه نحو الاستدامة، خاصة أن مصر من الدول التي أثبت التزامها بتقليل الانبعاثات، يمكن تعزيز التعاون مع الدول الإفريقية في تطوير في مجال الطيران من برامج مشتركة لتعزيز استدامة الطيران الذي يشمل ذلك استخدام الوقود الحيوي، تطوير تقنيات خفض استهلاك الوقود، واعتماد الطائرات الصديقة للبيئة.
الوصول إلى صفر كربون بحلول عام 2050
وكشف ولى والش الأمين العام للاتحاد الدولى للنقل الجوى (IATA) أن إفريقيا تمثل 18% من إجمالى سكان العالم و3% من الناتج القومى العالمى، المنظمة ترتكز على دعم أعضائها بشكل فعال ودعت شركات الطيران غير الأعضاء الانضمام إلى المنظمة لضمان أعلى معيار من الأمان العالمى وتبادل البيانات بشكل كبير لتعزيز الأمن، وأن إفريقيا قامت بالكثير لزيادة معدلات الأمان فى مجال الطيران المدنى منذ عام 2020.
وتابع الأمين العام للاتحاد الدولى للنقل الجوى (IATA)، أننا نسعى إلى الوصول إلى صفر كربون بحلول عام 2050 وهو ما يعد قضية مهمة لمستقبل الكوكب، مؤكدًا أن الاتحاد الدولى للنقل الجوى (IATA) سيسهم بنسبة 60% فى انخفاض الكربون فى إفريقيا، ودعا قادة الطيران فى إفريقيا لضرورة التواصل معًا لتوصيل القارات بعضها ببعض ومواجهة التحديات العالمية فى صناعة النقل الجوى من ارتفاع أسعار الوقود والضرائب، مؤكدًا أن إفريقيا لديها قدرات هائلة تمكنها من التغلب على التحديات وتحقيق المزيد من التقدم في صناعة النقل الجوى.
الطيران ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي
أكد عبدالرحمن بيرثي السكرتير العام للاتحاد الإفريقي (AFRAA) تتمتع إفريقيا بموقع استراتيجي فريد وثروة سكانية شابة ومتزايدة. هذه المميزات تجعل القارة وجهة مثالية لزيادة الاستثمار في مجال الطيران المدني. من المتوقع أن تشهد القارة ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب على الرحلات الجوية خلال السنوات المقبلة، مع تزايد النشاط الاقتصادي وتحسن معدلات النمو في العديد من البلدان.
وأضاف برثي، أننا نسعى نحو تعزيز الاتصال عبر إفريقيا من خلال تبنى مبادرات منها إنشاء سوق النقل الجوي الإفريقي الموحد لتحقيق التكامل الإقليمي، بالإضافة إلى الجهود المبذولة للحد من انبعاثات الكربون من خلال اتخاذ الخطوات اللازمة نحو إزالة الكربون، والاستثمار في طائرات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود، وتحسين عمليات الطيران للحد من استهلاك الوقود، واستكشاف وقود الطيران المستدام.
وشدد على ضرورة الاستمرار في التركيز على الابتكار والتعاون لضمان أن تلعب صناعة الطيران في إفريقيا دورًا رائدًا في أجندة الاستدامة العالمية، وينعكس هذا النمو في توسع الشبكات، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، وحرص السكرتير العام للاتحاد الإفريقي على ضروة رفع جهودنا الجماعية لضمان أن يظل الطيران ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي، والاتصال، وتحقيق التنمية المستدامة في القارة الإفريقية.