رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القوة الناعمة لمصر.. كيف يعيد تصوير الأفلام تشكيل صورة البلاد عالميًا؟

مشهد من فيلم Lawrence
مشهد من فيلم Lawrence of Arabia

تُعد السينما واحدة من أقوى أدوات التأثير الثقافي التي تساهم في إعادة تشكيل صورة الدول وتقديمها للعالم بطرق جديدة، ومن بين البلدان التي استفادت بشكل كبير من هذه القوة الناعمة، تبرز مصر كإحدى الدول التي استطاعت عبر تاريخها الطويل في صناعة السينما أن تترك بصمة مميزة على الساحة العالمية.

ومن خلال أفلامها المتنوعة، استطاعت مصر أن تعكس ثقافتها العريقة، جمال طبيعتها، وتاريخها الحضاري اللامع، مما ساعد في بناء صورة ذهنية إيجابية تساهم في تعزيز مكانتها على مستوى السياحة والعلاقات الدولية. 

في هذا السياق، نستعرض كيف أصبحت مصر واحدة من الدول التي جذبت أنظار العالم نحوها بإبداعها السنمائي وأعمالها الممّيزة، حيثُ أصبحت السينما المصرية عنصرًا مهمًا في تعزيز الصورة الحديثة للدولة، متجاوزة حدود الترفيه لتكون وسيلة فعالة في نشر رسائل ثقافية واجتماعية، وجذب الأنظار إليها من جميع أنحاء العالم.

السينما المصرية.. تاريخ من الريادة الثقافية

منذ ظهور السينما في مصر في بداية القرن العشرين، برزت صناعة السينما المصرية كأحد أضخم وأهم الصناعات السينمائية في المنطقة العربية، حيثُ كانت وما زالت "هوليوود الشرق" وأحد أبرز المنتجين للأفلام التي تتناول قضايا المجتمع المصري، كما أبدع المخرجين والفنانين المصريين في تقديم قصص تجمع بين الثقافة المحلية والعالمية.

ولم تكن السينما المصرية مجرد صناعة ترفيهية، بل كانت أداة قوية لتسويق الثقافة المصرية عالميًا، ففي فترة ما قبل ثورة 1952، كان الفيلم المصري يعكس مشاعر الوطنية والمجتمع المصري وهو في خضم مرحلة التحولات السياسية والاجتماعية، بينما منحت أفلام الستينات والسبعينات صورة مصر كدولة ذات طابع نضالي متقدم.

لكن في العقود الأخيرة، شهدت السينما المصرية تغيرات ملحوظة، حيثُ شهدنا أفلامًا تركز على القضايا الاجتماعية المعاصرة والهوية المصرية، ما يعكس صورة متعددة الأبعاد للبلاد، وظهرت أفلام أكسبت مصر مكانة مهمة على الساحة الدولية.

تأثير السينما على السياحة.. من "المومياء" إلى "لا مؤاخذة"

من الأفلام التي تصوّر مصر في فترات تاريخية محددة مثل فيلم "المومياء" الذي يعكس قصة تعود إلى عصور مصر الفرعونية، إلى الأفلام التي تظهر مصر المعاصرة مثل "لا مؤاخذة" الذي يعرض مشاكل اجتماعية وقضايا شبابية، كانت السينما عاملًا رئيسيًا في إظهار الوجه الحضاري لمصر في أبعاد متعددة.

في السنوات الأخيرة، أصبحت بعض المواقع الشهيرة في مصر، مثل أهرامات الجيزة ومدينة الأقصر وأسوان، وجهات سياحية محورية بفضل الاهتمام المتزايد الذي توليه الأفلام الأجنبية لهذه الأماكن. 

على سبيل المثال، كان لفيلم "The Spy Who Loved Me" الذي تم تصوير جزء منه في مصر، تأثير كبير في الترويج للسياحة في البحر الأحمر، وخاصة مدينة شرم الشيخ، بالإضافة إلى ذلك، كانت بعض الأفلام الغربية مثل "Lawrence of Arabia" قد ساهمت في إبراز جمال الصحراء المصرية والمناظر الطبيعية الخلابة التي تمتاز بها البلاد.

تحسين الصورة الذهنية رغم التحديات

وفي الوقت الذي تواجه فيه مصر تحديات عالمية، لا تزال السينما أحد أدوات القوة الناعمة التي تساهم في تغيير الصورة الذهنية عن البلاد، فالأفلام الوثائقية والتاريخية التي تناولت التراث المصري الغني والحضارة الفرعونية، إضافة إلى مسلسلات درامية تناولت واقع الحياة المصرية، أظهرت صورة جديدة للبلاد تتجاوز القوالب التقليدية.