قمة العشرين 2024.. مصر تعزز دورها الإقليمى والدولى وتدافع عن مصالح الدول النامية
قال الدكتور عبدالمنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن قمة مجموعة العشرين واحدة من أبرز المنتديات الاقتصادية العالمية، حيث تجمع بين أكبر اقتصادات العالم لمناقشة القضايا الاقتصادية الدولية والتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي.
تأسست المجموعة عام 1999 استجابة للأزمات المالية التي أثرت على الدول النامية في أواخر التسعينيات، بهدف تعزيز التنسيق بين الدول الصناعية والاقتصادات الناشئة. تضم المجموعة 19 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وتشمل دولًا بارزة مثل الولايات المتحدة، الصين، ألمانيا، الهند، والبرازيل، إلى جانب دول صناعية كاليابان وكندا ودول ناشئة كالمكسيك وإندونيسيا.
مجموعة العشرين: منصة عالمية للتعاون الاقتصادي
وفقًا للدكتور عبدالمنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، تمثل مجموعة العشرين نحو 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتستحوذ على 75% من التجارة العالمية، بينما تضم ثلثي سكان العالم. هذا المزيج الفريد يجعلها منصة حيوية لمعالجة القضايا الاقتصادية العالمية، بما في ذلك النمو المستدام، التنمية الاقتصادية، وتحولات الطاقة.
تتسم مجموعة العشرين بتركيبة متنوعة من الأعضاء، حيث تضم اقتصادات صناعية متقدمة مثل الولايات المتحدة وألمانيا واليابان، إلى جانب اقتصادات ناشئة قوية مثل الصين والهند والبرازيل. هذا التنوع يمنح المجموعة مرونة كبيرة لمعالجة التحديات الاقتصادية من منظور شامل. كما أنها تُعد مصدرًا رئيسيًا للاستثمارات الدولية، حيث تمتلك دولها أغلب الموارد الطبيعية وتُوفر فرصًا اقتصادية واسعة.
تهدف المجموعة إلى تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، وتحقيق الاستقرار المالي العالمي، ومعالجة قضايا عالمية متعددة، مثل تغير المناخ، الأمن الغذائي، والقضاء على الفقر. تسعى كذلك لدعم التجارة الدولية وتطوير البنية التحتية وتعزيز التحولات نحو اقتصاد صديق للبيئة. تعد اجتماعات المجموعة فرصة سنوية للتنسيق بين قادة الدول ووزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لبحث القضايا ذات الأولوية على الساحة الدولية.
قمة 2024: قضايا المناخ والتنمية في صدارة الأولويات
تُعقد قمة مجموعة العشرين لعام 2024 في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، تحت شعار "بناء عالم عادل وكوكب مستدام". تأتي القمة في سياق تحديات اقتصادية وجيوسياسية معقدة، أبرزها تداعيات وباء كورونا، الحرب الأوكرانية، والأزمات الإنسانية في غزة ولبنان. تتبنى البرازيل، بصفتها رئيسة القمة، نهجًا يركز على "عولمة جديدة" تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية والبيئية، مع التركيز على مكافحة الفقر والتغير المناخي كأولويات رئيسية.
من بين القضايا التي ستتناولها القمة مكافحة الفقر والجوع، من خلال فرض ضرائب تصاعدية على أصحاب الثروات الكبيرة، والتغير المناخي عبر تمويل مشروعات الاستدامة وتطوير البنية التحتية المرنة، بالإضافة إلى إصلاح الحوكمة العالمية لتعزيز دور المؤسسات الدولية في مواجهة التحديات المالية والاقتصادية العالمية. القمة ستُركز أيضًا على الأزمات الجيوسياسية مثل الحرب الأوكرانية والأزمات في غزة ولبنان، مع محاولة تفادي الانقسامات بين الدول الأعضاء حول هذه القضايا الحساسة.
رغم الطموحات الكبيرة، تواجه القمة تحديات متعددة في تحقيق التوافق بين الأعضاء بسبب الانقسامات العميقة بين القوى الكبرى حول الأزمات الاقتصادية والسياسية الراهنة. يُتوقع أن يؤثر غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويمثله وزير خارجيته سيرجي لافروف، على ديناميكيات الاجتماعات، بالإضافة إلى التوترات المستمرة بين الولايات المتحدة والصين التي قد تُعرقل التوصل إلى حلول توافقية بشأن القضايا الرئيسية.
مشاركة مصر: صوت الدول النامية في قمة العشرين
تأتي مشاركة مصر في قمة مجموعة العشرين لعام 2024 بناءً على دعوة من الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، لتعكس دور مصر كصوت رئيسي للدول النامية، خاصة الإفريقية والعربية، في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية العالمية. تسعى مصر من خلال هذه المشاركة إلى تعزيز دور الدول النامية في النظام الاقتصادي العالمي، مع التركيز على القضايا الجيوسياسية مثل العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.
تهدف مصر أيضًا إلى تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الدول النامية، خاصة في إفريقيا والدول العربية، والعمل على تحقيق إصلاحات تضمن تخفيف أعباء الديون وزيادة التمويل اللازم لتنفيذ خطط التنمية المستدامة. تمثل القمة فرصة لمصر لجذب استثمارات أجنبية جديدة من خلال عرض مشروعاتها الكبرى، مثل محور قناة السويس والمناطق الاقتصادية، ما يعزز مكانة مصر كوجهة استثمارية مستقرة ومتميزة.
تحمل مشاركة مصر في القمة مكاسب اقتصادية واستراتيجية متعددة. تُمكن القمة مصر من تعزيز التجارة الدولية من خلال التفاوض على اتفاقيات جديدة، وزيادة الصادرات بالتعاون مع الاقتصادات الكبرى. كما تفتح القمة المجال للحصول على دعم مالي وتقني من المؤسسات المالية الدولية الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
علاوة على ذلك، تُسهم القمة في تعزيز دور مصر الإقليمي والدولي، حيث تمنحها فرصة لطرح قضايا الدول النامية وتعزيز صوتها في صياغة السياسات الاقتصادية العالمية. تُعد المشاركة في قمة العشرين خطوة مهمة نحو تعميق التعاون متعدد الأطراف لمواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية العالمية، ما يعكس التزام مصر بتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق النمو الاقتصادي.