قمة المتابعة.. أو المراجعة
لمراجعة ومتابعة وتقييم مخرجات القمة المشتركة السابقة، استضافت العاصمة السعودية الرياض، أمس الإثنين، قمة عربية إسلامية مشتركة طارئة، أو غير عادية، جديدة. وباسم مصر، أدان الرئيس عبدالفتاح السيسى، بشكل قاطع، حملة القتل الممنهج، فى قطاع غزة، وقال، بمنتهى الوضوح، إننا سنقف ضد جميع المخططات، التى تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، سواء عبر تهجير السكان المحليين، أو نقلهم قسريًا، أو تحويل القطاع إلى مكان غير صالح للحياة، مشددًا على أننا لن نقبل بذلك تحت أى ظرف من الظروف.
بحضور قادة وممثلى أكثر من ٥٠ دولة، والأمين العام لجامعة الدول العربية، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامى، جاءت قمة المتابعة، أو المراجعة، امتدادًا للقمة المشتركة، التى استضافتها الرياض، فى ١١ نوفمبر ٢٠٢٣، استشعارًا من قادة الدول العربية والإسلامية، لأهمية توحيد الجهود والخروج بموقف جماعى، بشأن ما تشهده الأراضى الفلسطينية، والمنطقة إجمالًا، من تطورات خطيرة وغير مسبوقة. ومع تسليمنا بأن قرارات هذه القمة، كما كل القمم العربية أو الإسلامية، لن يكون لها تأثير على المدى القريب، إلا أنها ستقدم للمجتمع الدولى، على الأقل، صورة واضحة للموقف الموحد، الذى نتمنى أن يكون موحدًا، فعلًا، وألا تحاول هذه الدولة، أو تلك، كما جرت العادة، استثمار الأزمة لتحقيق مصالحها.
قادة وممثلو الدول العربية والإسلامية، كرروا رفضهم حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى، واستمرار العدوان على لبنان، مطالبين بمزيد من التضامن والتعاون لتنفيذ القرارات الدولية أو الأممية. ولزعماء وشعوب العالم أجمع، وليس فقط لزعماء وشعوب الدول الشقيقة، أو الصديقة، قال الرئيس السيسى إن مصر، التى تحملت مسئولية إطلاق مسار السلام فى المنطقة، منذ عقود، وحافظت عليه، برغم التحديات العديدة، ما زالت متمسكة بالسلام القائم على العدل واستعادة الحقوق المشروعة والالتزام الكامل بقواعد القانون الدولى، كخيار استراتيجى، ووحيد، مؤكدًا أن ما يحدث من عدوان غير مقبول على الأراضى الفلسطينية واللبنانية، يضع النظام الدولى بأسره على المحك.
فى القمة المشتركة السابقة، طالبت مصر المجتمع الدولى، خاصة مجلس الأمن، بتحمل مسئوليته و«العمل الجاد والحازم» على تحقيق ستة إجراءات، أولها الوقف الفورى والمستدام لإطلاق النار فى قطاع غزة، بلا قيد أو شرط.. وثانيها، وقف كل الممارسات، التى تستهدف التهجير القسرى للفلسطينيين.. وخامسها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، و... و... وكان المطلب السادس هو إجراء تحقيق دولى فى كل ما تم ارتكابه من انتهاكات.
الإجراءات الستة، كانت بين الـ٣١ قرارًا، التى تضمنها البيان الختامى للقمة، الذى كلّف الأمانتين العامتين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى بإنشاء وحدتى رصد قانونيتين، لتوثيق الجرائم الإسرائيلية، وإعداد مرافعات حول جميع انتهاكاتها، مع مطالبة «المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية» باستكمال التحقيق فى جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، التى ترتكبها دولة الاحتلال.
مجددًا، قالت مصر، أمس، بلسان رئيسها، إن الشرط الضرورى لتحقيق الأمن والاستقرار والانتقال من نظام إقليمى، جوهره الصراع والعداء، إلى آخر يقوم على السلام والتنمية هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية. كما أكدت التزامها الكامل، بتقديم العون للأشقاء فى لبنان، دعمًا لصمود مؤسسات الدولة، وفى مقدمتها الجيش اللبنانى، وسعيًا إلى وقف العدوان والتدمير، الذى يتعرض له الشعب الشقيق، والتنفيذ الكامل، وغير الانتقائى، لقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١. فى إشارة إلى القرار الصادر فى ١٢ أغسطس ٢٠٠٦، الذى أوقف العدوان الإسرائيلى على لبنان، وأرسى وضعًا قانونيًا على الحدود اللبنانية الفلسطينية، انتهكته دولة الاحتلال مئات المرات.
.. أخيرًا، وبرغم قسوة المشهد الحالى، وصمت المجتمع الدولى المخجل وعجزه الفادح عن القيام بالحد الأدنى من واجباته، ليس أمامنا- نحن المصريين العرب أو المسلمين- غير أن نؤكد، كما أكد الرئيس السيسى، تمسكنا بالأمل، وثقتنا فى أن الفرصة ما زالت ممكنة، لإنقاذ منطقتنا والعالم من ممارسات عصور الظلام، والانتقال لبناء مستقبل، تستحقه الأجيال القادمة، عنوانه الحرية والكرامة والاستقرار والرخاء.