رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ترامب ونتنياهو.. لا أحد بإمكانه التنبؤ

التحق بنيامين نتنياهو بمدرسة شلتنهام الثانوية خارج فيلادلفيا، بالولايات المتحدة، وحصل على ماجستير إدارة الأعمال من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وعمل فى مجموعة بوسطن الاستشارية، حيث أقام صداقة مع ميت رومنى، الذى كان لاحقًا المرشح الديمقراطى المنافس لباراك أوباما، ويقال إن الشاب الإسرائيلى الطموح فكر فى البقاء فى أمريكا، والحصول على الجنسية، وتغيير اسمه إلى بن ناتان، لكنه عاد إلى إسرائيل للدخول فى السياسة.

ولو بقى فى الولايات المتحدة فمن المرجح أن يتبع مسارًا سياسيًا أيضًا ويترشح لمنصب عام، ولكن ليس لمنصب الرئيس، لأنه لم يولد فى الولايات المتحدة، لكن على الرغم منذ ذلك فقد استطاع نتنياهو أن يلعب دورًا كبيرًا فى السياسة الأمريكية لسنوات، بعض السياسيين فى واشنطن كادوا «يشدوا شعرهم» منه، وآخرون كانوا على استعداد للقتال من أجله بأى ثمن.

تدخل نتنياهو فى الانتخابات الأمريكية مرارًا، وكان أبرز ما حدث فى عام ٢٠١٢ عندما عزز موقف زميله القديم رومنى، مدفوعًا بالصداقة معه والعداء لباراك أوباما، ولاحقًا كانت علاقات بايدن مع نتنياهو متوترة بعض الشىء، فبالطبع لم تكن قريبة مثل التى سادت فى عهد ترامب، لكنها ليست سيئة مثلما كانت فى عهد أوباما، رغم أقوال نتنياهو عن صداقة عمرها ٤٠ سنة مع بايدن.

فى الانتخابات الرئاسية الثلاثة الأخيرة، كان نتنياهو يدعم دونالد ترامب، لكن حتى تلك اللحظة ليس مضمونًا أن يكون ترامب هو الصديق الأقرب لنتنياهو بعد أن فاز!

ربما لا يزال ترامب يتذكر أن نتنياهو هو أول من هنأ بايدن بفوزه فى انتخابات ٢٠٢٠، وقتها قال ترامب: «فعلت الكثير من أجل بيبى.. لكنه خاننى». ولاحقًا رفض ترامب فكرة توتر العلاقات بينه وبين نتنياهو، موضحًا أنها «لم تكن سيئة أبدًا»، وأن «علاقتنا كانت دائمًا جيدة جدًا». ومزح قائلًا إن سلاحه السرى للحفاظ على تلك العلاقات هو سارة.

وفيما يتعلق بإسرائيل، قال ترامب إنه لم يفعل أى رئيس أمريكى آخر للدولة اليهودية أكثر مما فعله عندما كان فى منصبه من عام ٢٠١٧ إلى عام ٢٠٢١. وشمل ذلك الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، ووضع القدس عاصمة لإسرائيل. كما نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وانسحب من الاتفاق النووى مع إيران الذى توسطت فيه إدارة أوباما فى عام ٢٠١٥.

ترامب ونتنياهو يتشابهان فى أمور كثيرة، فكلاهما مدفوع بالأنا والقسوة، وفى سجل كل منهما سلسلة من المحاكمات والإدانات والاتهامات والدعاوى القضائية، وكلاهما يشترك فى الرغبة فى البقاء بعيدًا عن السجن، وبالنسبة لهما تولى المنصب هو طريق الهروب، وبينما يعتزم ترامب تسليح وزارة العدل، فإن بيبى يجرى خلف تشريع لإنهاء القضاء المستقل فى بلاده وإسقاط التهم الموجهة إليه.

وهناك خيط مشترك آخر يتمثل فى إعجابهم بالحكام الذين لا يحبهم الغرب، ترامب معجب بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ونتنياهو أسماه ذات يوم صديقى!

وكما يبدو أن نتنياهو يغض بصره عن عيوب لدى ترامب، فنتنياهو المدافع عن يهود العالم الذى يسارع إلى رؤية معاداة السامية وراء كل انتقاد لإسرائيل، لا يتأثر بسجل ترامب فى معاداة السامية، ولا سيما اتهاماته بالولاء المزدوج والتهديدات بمحاسبة اليهود إذا خسر الانتخابات. 

رغم التشابه، فإن نتنياهو ذو خبرة سياسية، وهو ما يتوافر لدى ترامب، ففى حين حث بايدن نتنياهو على عدم استهداف المنشآت النووية الإيرانية ردًا على الهجمات الصاروخية الأخيرة التى شنتها طهران على إسرائيل، يحثه ترامب على «ضرب النووى أولًا والقلق بشأن الباقى لاحقًا». ولا أحد يفهم ما هو الباقى ومتى سيكون لاحقًا؟

الدوامة لم تتوقف عند هذا الحد، فترامب فى مقابلة مع قناة فوكس نيوز، دعا ترامب إلى إنهاء الحرب فى غزة بسرعة وإعادة الرهائن الذين تحتجزهم حماس فى غزة، مضيفًا أن إسرائيل يجب أن تدير «علاقاتها العامة» بشكل أفضل. وقال ترامب «أريد منه (نتنياهو) أن ينهى الأمر وينجزه بسرعة. إنهم يتعرضون للتدمير بسبب هذه الدعاية». ولا أحد بإمكانه التنبؤ ما شكل علاقته بإسرائيل عند دخوله إلى البيت الأبيض!