رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدور المصرى لوقف الحرب الأهلية فى السودان

كان الله فى عون الدولة المصرية التى تواجه تحديات جسيمة من كل حدب وصوب، سواء من الناحية الشرقية أو الغربية أو الجنوبية، وبعد الحديث أمس عن ضرورة الحل السياسى فى الأزمة اليمنية لا بد من الحديث أيضًا عن الأزمة السودانية، والدور المصرى الفاعل فى طرح الكثير من المبادرات للوصول إلى حلول ناجحة تمنع القتال الدائر بين الأشقاء السودانيين، ووقف حالة الانقسام داخل السودان، ومن هذا المنطلق التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، مع الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السودانى، على هامش أعمال الدورة الثانية عشرة للمؤتمر الحضرى العالمى بالقاهرة، وتضمن اللقاء تأكيد قوة ورسوخ الروابط التاريخية التى تجمع البلدين الشقيقين على المستويين الرسمى والشعبى، وحرص الرئيس على تأكيد استمرار الدعم المصرى للسودان الشقيق على كل المستويات، للخروج من الأزمة الحالية، واستعرض الجهود المصرية على الساحتين الإقليمية والدولية الدافعة فى هذا الاتجاه.

وتلعب مصر دورًا محوريًا فى محاولة حل الأزمة السودانية، وذلك نظرًا للعلاقات التاريخية الوثيقة والجغرافيا المشتركة بين البلدين، كما تسعى مصر جاهدة لتحقيق الاستقرار فى المنطقة، وحماية المصالح المشتركة للشعبين المصرى والسودانى، وفى هذا الشأن قدمت مصر الكثير من المبادرات، وتؤكد باستمرار أهمية الحوار الشامل بين جميع الأطراف السودانية، للتوصل إلى حل سياسى يرضى جميع الأطراف.

كما قامت مصر بقيادة العديد من المبادرات الدبلوماسية، واستضافت العديد من المؤتمرات واللقاءات بين الأطراف المتنازعة.

وتعمل على التنسيق مع دول الجوار والمنظمات الدولية لحشد الدعم لحل الأزمة السودانية.ولا يخفى على أحد ما قدمته مصر ولا تزال من مساعدات إنسانية كبيرة للشعب السودانى، واستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين السودانيين.

وتسعى مصر جاهدة لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار وحماية المدنيين، والحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، من خلال حل سياسى شامل يعالج جذور الأزمة ويضمن الاستقرار والتنمية فى السودان. المشكلة أن الأزمة السودانية شديدة التعقيد وتتعدد فيها الأطراف الفاعلة.وتلعب القوى الخارجية دورًا مؤثرًا؛ مما يزيد من تعقيدها، فهناك اختلافات عميقة بين الأطراف السودانية حول مستقبل البلاد، ويجعل الجوار الجغرافى والتاريخ المشترك، مصر أكثر دراية بخصوصيات الأزمة السودانية، وقادرة على فهم مطالب جميع الأطراف، إضافة إلى وزن مصر الكبير فى المنطقة، مما يمنحها القدرة على التأثير على الأطراف المتنازعة، خاصة أن مصر تسعى دائمًا لتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة، وهذا ما يدفعها إلى بذل كل الجهود لحل الأزمة السودانية.

وهنا يثور التساؤل المهم، وهو هل تنتهى الأزمة السودانية قريبًا؟.. هو سؤال يطرح نفسه بقوة فى ظل استمرار الصراع الدامى بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، ورغم الجهود الدولية والإقليمية المبذولة لوقف إطلاق النار وحل الأزمة عبر الحوار، إلا أن التطورات الميدانية تشير إلى تعقيد الأزمة وتصاعد وتيرتها، وتتعدد العوامل التى تسهم فى استمرار الصراع وتؤجل أى حل قريب، أبرزها:

الصراع فى السودان يتجاوز الصراع العسكرى، ليصل إلى صراع على السلطة والموارد، وهو ما يعقد عملية التفاوض ويجعل الأطراف متمسكة بمواقفها، إضافة إلى أن القوى الإقليمية والدولية تلعب دورًا مؤثرًا فى الصراع، مما يزيد من تعقيده ويحول دون التوصل إلى حل سلمى، وكذلك انقسام المجتمع السودانى على خلفية الصراع؛ مما يجعل من الصعب تحقيق المصالحة الوطنية وبناء الثقة بين الأطراف المتنازعة.

كما يعانى السودان من أزمة اقتصادية خانقة، مما يزيد من معاناة الشعب السودانى ويجعل من الصعب توفير الظروف الملائمة للحوار والتفاوض.

ورغم هذه التحديات، لا يزال هناك أمل فى التوصل إلى حل سلمى للأزمة السودانية، وذلك من خلال الضغط الدولى، حيث يجب على المجتمع الدولى زيادة الضغط على الأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات.

وهو ما تنادى به مصر منذ اندلاع الأزمة والقتال، من خلال إشراك جميع الأطراف السودانية فى الحوار الوطنى الشامل، لبناء توافق وطنى حول مستقبل السودان، وكذلك أهمية تقديم الدعم الإنسانى اللازم للشعب السودانى المتضرر من هذا الصراع.