وماذا بعد إشادات الصندوق؟
مع تأكيدها أن الحكومة المصرية «استطاعت أن تنفذ بنجاح، على مدار السنوات الماضية، سياسات ناجحة، على صعيد إصلاح الاقتصاد الكلى»، قالت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولى، أمس، الأحد، إنه «لا يزال هناك الكثير من الإجراءات التى يتعين الانتهاء من تنفيذها». وفى المقابل، أكد رئيس مجلس الوزراء أن حكومته تُراعى ألا يضع البرنامج، المتفق عليه مع الصندوق، أى أعباء إضافية على كاهل المواطنين، وأن يضع فى الاعتبار الظروف المحلية والدولية الحالية.
مشكورةً، قالت كريستالينا جورجييفا، خلال مؤتمر صحفى مشترك، عقده معها الدكتور مصطفى مدبولى، إنها جاءت إلى مصر، هذه المرة، لتقدم تقديرها للرئيس عبدالفتاح السيسى، والحكومة المصرية، ولنا، نحن المواطنين المصريين، على «القوة الملحوظة» التى أظهرناها جميعًا فى هذا الوقت الصعب الذى تشهده المنطقة، وقالت: «أردت أن أخبر الجميع من هنا، من القاهرة، كيف يقدر الصندوق، بعمق، الشراكة مع مصر، ويقدم كامل الدعم لها، فى سبيل استقرار الدولة وتحقيق التنمية الاقتصادية»، لافتة إلى أن الصندوق أظهر ذلك الدعم فى أبريل الماضى عندما قرر زيادة حجم البرنامج الأصلى مع الحكومة المصرية من ٣ إلى ٨ مليارات دولار، إدراكًا للتحديات المتزايدة بسبب الظروف المحيطة.
غدًا، الثلاثاء، تبدأ المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى. ولعلك تتذكر أن الرئيس السيسى كان قد وجّه رسالة لصندوق النقد والبنك الدوليين، ولكل المؤسسات المعنية، فى ٢٠ أكتوبر الماضى، مفادها أننا نقوم بتنفيذ هذا البرنامج فى ظل ظروف إقليمية ودولية شديدة الصعوبة، لها تأثيرات سلبية للغاية على الاقتصاد فى العالم كله. وبالنص، قال الرئيس، موجهًا حديثه للحكومة: «إذا كانت التحديات دى حاتخلّينا نضغط على الرأى العام بشكل لا يتحمله الناس، فلا بد من مراجعة الموقف مع الصندوق».
يرافقها وفد رفيع المستوى، زارت «جورجييفا» القاهرة، واستقبلها الرئيس السيسى، بحضور رئيس مجلس الوزراء، ومحافظ البنك المركزى، ووزيرى المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية. وبعد إشارته إلى أن مصر تتطلع لاستكمال التعاون مع الصندوق والبناء على ما تحقق بهدف تعزيز استقرار الأوضاع الاقتصادية وخفض معدلات التضخم، أكد الرئيس السيسى، مجددًا، ضرورة مراعاة المتغيرات وحجم التحديات التى تعرضت لها مصر فى الفترة الأخيرة، بسبب الأزمات الإقليمية والدولية، التى كان لها بالغ الأثر على الموارد الدولارية، وإيرادات الموازنة العامة، مشددًا على أن أولوية الدولة هى تخفيف الضغوط والأعباء عن كاهل المواطنين، خاصة من خلال مكافحة التضخم وارتفاع الأسعار، مع استمرار جهود جذب الاستثمارات وتمكين القطاع الخاص لزيادة معدلات التشغيل والنمو.
طمأننا، إلا قليلًا، إعراب المديرة التنفيذية للصندوق عن «تقديرها البالغ لجهود الدولة المصرية خلال المرحلة الأخيرة، والبرنامج الإصلاحى الذى يتم تنفيذه بعناية، مع وضع الفئات الأكثر احتياجًا فى مقدمة الأولويات»، وكذا إشادتها بالتقدم الذى تحرزه مؤشرات الاقتصاد الكلى، التى انعكست فى النظرة الإيجابية لمؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية ورفع تصنيف مصر الائتمانى. لكن الأهم هو أن «جورجييفا» أكدت تفهمها الكامل لحجم التحديات الكبيرة التى تواجهها مصر فى ضوء المستجدات الإقليمية والدولية.
من هذا المنطلق، أكدت «جورجييفا» أن الصندوق يسعى، بالشراكة مع الحكومة المصرية، للتوصل إلى أفضل مسارات الإصلاح، التى تراعى جميع الأبعاد، ذات الصلة، وعلى النحو الذى يحافظ على نتائج الإصلاحات ذات الأثر الإيجابى على الاقتصاد المصرى، خاصة على صعيد تحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد، وتعزيز جهود النمو والتنمية، المدفوعة، بالأساس، بنمو القطاع الخاص، موضحة اتفاق الصندوق التام مع أهمية المزيد من التركيز على مكافحة التضخم واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد منه.
.. وتبقى الإشارة إلى أن المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولى أعربت عن تطلعها إلى أن يتوافق فريقا عمل الصندوق، والحكومة المصرية، بشأن المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى. وربما تكون الإشارة مهمة، أيضًا، إلى أن رئيس مجلس الوزراء كان قد أوضح، الأربعاء الماضى، أن المفاوضات مع الصندوق لن تتضمن أى مبالغ جديدة، أو قروض إضافية، بل ستركز، فقط، على مراجعة الالتزامات والمستهدفات، وتوقيتات تحقيقها، وإطالة أمد بعض الإجراءات.