أسود فى مواجهة التحديات
عندما قلت إن الولايات المتحدة الأمريكية استبدلت جماعات الإرهاب، خاصة الإخوان، بإسرائيل، كنت أعنى ذلك تمامًا. فالحقيقة المُرة أن أمريكا تستخدم إسرائيل حاليًا من أجل تنفيذ مخططها الإجرامى؛ من أجل الشرق الأوسط الجديد بعد الفشل الذريع الذى لحق بها فى أحداث ٢٠١١، وبالتالى فإن ما تفعله أمريكا الآن بالاتفاق مع إسرائيل هو إشاعة الفوضى فى المنطقة؛ من أجل إعادة تقسيمها من جديد استكمالًا للمخطط الذى لم تحقق منه إلا القليل.
وبالتالى ليس غريبًا أن نسمع المنظمات الدولية وخلافها، التى تنحاز إلى الولايات المتحدة هى التى تردد الشائعات ضد مصر، وكان آخرها الكذبة البشعة التى أعلنها مؤخرًا الإعلام المعادى بأن هناك تعاونًا بين مصر وإسرائيل من أجل عمليات الصهيونية البشعة داخل غزة. وقلت أمس إن العقل والمنطق يرفضان هذا تمامًا. وإنما استخدمت الولايات المتحدة وكل المنظمات التابعة لها هذا السلاح الفتاك، المتمثل فى الشائعات، من أجل تحقيق مصالحها للرد بشكل غير مباشر على الموقف المصرى الصلب الذى يرفض هذه الحرب الإسرائيلية، خاصة أن الدولة المصرية، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، قامت بأدوار فاعلة وصلبة منذ بداية الحرب الإسرائيلية حتى الآن، ومطالبة بوقف هذه الحرب وضرورة إنفاذ المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطينى الشقيق. ومن هذا المنطلق نجد هذه الشائعة التى لا يقبلها أى عاقل ولا حتى غير المتفهمين الأوضاع السياسية، فكيف لمصر وهى التى تحمى القضية الفلسطينية وتمنع تصفيتها هى التى تقوم بهذا الفعل الشنيع؟ ولذلك ليس غريبًا على أمريكا ولا الصهيونية أن تمارسا حرب الشائعات بهذا الشكل السافر؛ من أجل إشاعة الفوضى، وإصابة المواطنين باليأس والإحباط من الأوضاع الحالية. ولن تفلحا مهما فعلتا من بث شائعات فى تحقيق مرادهما.
ولأن مصر، قيادة وشعبًا، تتصدى بكل قوة لهذه التحديات البشعة، سواء التى تقوم بها إسرائيل أو التى تنفذها الولايات المتحدة، وجدنا هذه الحرب الشعواء بشكل يهدف بالدرجة الأولى إلى زعزعة الأمن والاستقرار داخل البلاد؛ ولذلك ليس غريبًا أن نسمع مثل هذه الشائعات التى كثرت بشكل لم يسبق له مثيل خلال العقد الماضى. بمعنى أن مصر انهال عليها الإعلام المعادى خلال العشر سنوات الماضية بالكثير من الشائعات بشكل لم يسبق له مثيل كرد فعل ضد مصر ومواقفها القوية، التى تقف بمفردها فى وجه كل هذه الأمور غير الأخلاقية، والتى لا تتفق مع الشرعية الدولية ولا غير الدولية. والحقيقة المُرة أن تصرف مصر هو الذى أغضب إسرائيل والولايات المتحدة.
مصر من وجهة نظرى الشخصية هى حجر عثرة وحيد أمام الصهيونية الأمريكية لإعادة تقسيم المنطقة من جديد. وبالتالى ليس أمامهما سوى محاولة جرجرة مصر والتحرش بها. ورغم ذلك فإن مصر تتمتع بحكمة ورشادة فى التصرف، وفوتت كل هذه الفرص على كل من يريد أن يجرها إلى ما لا تريده. ليس معنى ذلك أن مصر دولة غير قادرة وفاعلة.. بل العكس هو أن مصر دولة قادرة وقوية، ولديها كل الإمكانات التى تجعل منها حجر عثرة أمام كل من يفكر فى إشاعة الفوضى فى المنطقة. وقد حاولت إسرائيل خلال العام الماضى بمعاونة أمريكا جر شكل مصر، لكنها فوتت كل هذه المسائل غير الأخلاقية بشكل يجعل منها دولة عظيمة قوية كما نرى الآن.
وبالتالى لم يعد أمام أمريكا لاستمرار مخططها الرئيسى لتدمير الشرق الأوسط وسقوط مصر إلا ترديد الشائعات وما شابه ذلك من هذه الأمور التى من وجهة نظرها، كما تصورت قبل ذلك فى ٢٠١١، أنها هى التى تسقط مصر.. وهى لا تعرف قاعدة مهمة جدًا لا يتمتع بها شعب آخر على وجه الأرض، وهى أن المصريين مهما عانوا من أزمات اقتصادية وخلافها، إلا أنهم عندما يتعرض الأمن القومى لخطر يكونون على قلب رجل واحد فى مواجهة التحديات بشكل لا يخطر على بال بشر.. هؤلاء جميعًا لا يعرفون طبيعة الشعب المصرى ولا قدراته العظيمة، ولا يدركون أن الدولة المصرية عندما تتعرض للخطر يتحول هؤلاء المصريون الذين يعانون من المشاكل الاقتصادية إلى أسود تنهش كل من يقترب من أمن مصر القومى. وبالتالى لن تؤثر شائعة من قريب أو بعيد فى عزيمة وقوة وصلابة هذا الشعب المصرى العظيم القادر على تحدى التحدى كما قال الرئيس.