التواصل الاجتماعى ضد الهوية الثقافية
نعيش فى زمن تتسارع فيه الأحداث وتتغير فيه القيم بسرعة أكبر مما كنا نتوقعها، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعى جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. من خلال كل هذه المنصات، نرى تفاعلات متنوعة تعكس الثقافة المصرية فى صورة جديدة، لكن السؤال المهم هو: هل تدعم هذه الوسائل الهوية الثقافية أم تؤدى إلى تآكلها وتراجعها؟!
تتزايد الآراء حول الدور الذى تقوم به وسائل التواصل الاجتماعى فى تشكيل الهوية. هل تسهم فى نشر الثقافة والتنوع أم أنها تخلق ثقافة استهلاكية تسهم فى ضياع القيم التقليدية من خلال ما تقدمه من محتوى جرىء يتناول القضايا الاجتماعية والسياسية؟
يبقى السؤال: هل نحن أمام ثورة ثقافية أم مجرد صدى لأصوات متباينة فى مجتمع يتأرجح بين الأصالة «القديم» والحداثة «المعاصرة»؟
تواجه الساحة الثقافية صراعًا بين الهويات التقليدية والهويات الجديدة التى تروج لها هذه المنصات. نجد أن بعض الشباب يتبنون آراء جريئة، بينما يتمسك آخرون بتقاليدهم. هذا الاختلاف والتباين قد يؤدى إلى نقاشات حادة، تصل فى بعض الأحيان إلى انقسامات داخل المجتمع.
تشير الدراسات إلى أن حوالى 60% من المصريين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعى بشكل يومى. هذا الاستخدام الواسع يخلق فضاء للتفاعل والنقاش، لكنه يأتى أيضًا مع تحديات مثل التنمر الإلكترونى وفقدان الهوية الثقافية. فهل يمكن أن تسهم هذه الوسائل فى تعزيز الثقافة ودعمها أم ستجعلنا نبتعد عن جذورنا؟
تظهر هذه التفاعلات أهمية إدراك تأثير وسائل التواصل الاجتماعى على هويتنا الثقافية، وهل سنشهد جيلًا يتبنى هويات جديدة بعيدًا عن تقاليده، أم سيظل متمسكًا بقيمه وأخلاقياته؟ الإجابة ليست بسيطة، ولكنها تحتاج إلى نقاش جاد بشفافية بين جميع مكونات المجتمع.
نقطة ومن أول الصبر..
إن تأثير وسائل التواصل الاجتماعى على الثقافة هو موضوع يستحق الاهتمام والنقاش. وعلينا أن نكون واعين للأبعاد المختلفة لتأثيراته المتوقعة، وأن نسعى للحفاظ على هويتنا الثقافية بينما نتفاعل مع المتغيرات.
فى نهاية المطاف، يتطلب الأمر منا جميعًا التفكير فى كيفية تشكيل هذه الهوية فى عصر يتسم بالتغيير السريع، الذى أصبحت وتيرة سرعته ربما تفوق إدراكنا ومتابعتنا لهذا التغيير.