نجم الرومانسية وأيقونة "إمام الدعاة".. تحولات فنية في مسيرة حسن يوسف
في رحلة فنية حافلة بالأحداث، سطر الفنان حسن يوسف حكايات بين أدوار شتى، فكان فارس الأحلام في أفلام الرومانسية، ثم تحول إلى "أيقونة شبابية”، وهي رحلة استثنائية تستحق أن تستعرضها الأضواء، لنستكشف معًا أسرار هذا التحول الفني الكبير.
كانت بدايات حسن يوسف واعدة، فسرعان ما لفت الأنظار بملامحه الوسيمة وصوته الرخيم، ليصبح "الولد الشقي" الذي يسرق قلوب الفتيات في أفلام الستينات، حيث قدّم مجموعة من الأفلام الرومانسية التي لا تزال عالقة في الأذهان، ظهر فيها الفتى العاشق الشاب الذي يتوق إلى الحب الحقيقي، وكانت تلك المرحلة هي الانطلاقة الحقيقية لمسيرته الفنية، ورسخت مكانته كواحد من أبرز نجوم السينما المصرية.
في فترة الستينيات، أُطلق عليه لقب "الولد الشقي" نسبة لأدواره الجريئة والرومانسية، لكن مسيرته الفنية شهدت تحولًا جذريًا في الأدوار والشخصيات التي جسدها، وصولًا إلى تمثيله لشخصية الشيخ محمد متولي الشعراوي في مسلسل “إمام الدعاة” 2023، فهي مسيرة طويلة من الأدوار المتنوعة والنجاحات الفنية التي جعلت منه نجمًا على مر العقود.
بداية مشواره الفني
بدأ حسن يوسف مشواره الفني عام 1959، عندما شارك في فيلم “أنا حرة”، ومنذ ذلك الوقت، تميز بأداء الأدوار الرومانسية والشبابية التي أظهرته كـ"فتى الشاشة" المميز في فترة الستينيات، وأسست أعماله الرومانسية مثل "التلميذة" و"في بيتنا رجل" و"الخطايا" و"أم العروسة"، قاعدة جماهيرية واسعة، جعلت منه أحد أهم رموز الشباب في تلك الفترة.
وظهر كالفارس الرومانسي في أعمال عديدة إلى جانب نجوم مثل شادية، سعاد حسني، وزوجته الأولى لبلبة، التي شاركته في العديد من الأعمال الرومانسية، حيث برع في تقديم أدوار الشاب العاشق، المتمرد، والشقي، ليصبح اسمًا لامعًا في أفلام السيتينات.
الانتقال إلى الإخراج
وفي السبعينيات، شهدت مسيرة "يوسف" تحولًا آخر، حيث بدأ في مجال الإخراج، فقدم عددًا من الأفلام التي مثّل في بعضها، وكانت زوجته، الفنانة المعتزلة شمس البارودي، شريكته الفنية في الكثير من تلك الأفلام. ومن أشهر الأفلام التي أخرجها: "الجبان والحب"، و"كفاني يا قلب"، والتي حملت طابعًا دراميًا وشهدت تطورًا في مسيرته الفنية كمخرج، وخلال هذه الفترة، واجه تحديات مع الرقابة على بعض الأفلام، إلا أنه استمر في تقديم محتوى جريء وواقعي يعكس قضايا اجتماعية وإنسانية.
تجسيد شخصية الشعراوي
ومع نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، شهدت مسيرة حسن يوسف تحوّلًا كبيرًا، حيث قرر التركيز على تقديم الأعمال الدينية والتاريخية، ولكن النقلة النوعية الكبرى جاءت في عام 2002، عندما قدّم شخصية الشيخ محمد متولي الشعراوي في المسلسل الشهير “إمام الدعاة”.
وجاءت هذه الخطوة بعد توصية شخصية من الشيخ الشعراوي، الذي كان يربطهما صداقة، ودعمه في تقديم هذا العمل بشرط أن يكون ذو مضمون ديني هادف، وقد حقق المسلسل نجاحًا منقطع النظير، وحظي بإشادة من الجمهور والنقاد على حد سواء، ليصبح نقطة فارقة في مسيرته الفنية، حيث أثبت قدرته على تقديم أدوار تحمل ثقلًا دينيًا وتاريخيًا.
وروى "يوسف"، خلال إحدى الندوات التي حضرها في قصر السينما، عن دعم "الشعراوي" لتجسيد قصته في مسلسل، قائلًا: "أنا قلت للشعراوي يا مولانا عايز أعمل قصة حياتك في مسلسل إمام الدُعاة، الشعراوي رد قالي لما أموت أبقوا اعملوا اللي أنتو عايزينه، عشان لو عملتها وأنا عايش ممكن يحصل مشاكل".
بعد 120 فيلم.. قرر الاعتزال
وشهدت حياة حسن يوسف الشخصية والفنية أحداثًا مؤثرة، كان أبرزها وفاة نجله الأصغر عبد الله غرقًا في عام 2023، وهو ما أثّر بعمق في نفسه، ودفعته هذه الفاجعة إلى إعلان اعتزاله التمثيل في يناير 2024، ليكرّس وقته للعبادة والحياة العائلية، مع تأكيد زوجته شمس البارودي على حالته الصحية الجيدة.
وذلك بعد أن ترك وراءه إرثًا فنيًا ضخمًا شمل نحو 120 فيلمًا سينمائيًا وعشرات المسلسلات والمسرحيات والإذاعيات، كما شارك في أعمال صنّفت ضمن أفضل الأفلام في تاريخ السينما المصرية، مثل “في بيتنا رجل”، و"الخطايا"، و"أم العروسة"، وتنوعت أدواره بين الكوميدي والدرامي، ومن الرومانسي إلى الديني، ليقدم مسيرة فنية فريدة تجسّد رحلة تطور النجم الكبير عبر العقود.
وفي مقابلة صحفية، أكد "يوسف" أنه راضٍ عن مسيرته الفنية، وأنه يشعر بالامتنان تجاه محبة الجمهور ودعمهم له طوال تلك السنين، كما كشف عن عكوفه على كتابة سيرته الذاتية في كتاب يحمل عنوان “50 عامًا من الفن”، يسرد فيه رحلته وأبرز محطات حياته الفنية.
رحيله
ورحل حسن يوسف عن عالمنا اليوم، 29 أكتوبر، عن عمر يناهز 90 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا لا يُنسى وتحولات كبيرة في مسيرته، من نجم الرومانسية والشقاوة في أفلام الستينيات، إلى تجسيد شخصيات دينية عظيمة مثل الشيخ الشعراوي.