رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نهر الليطاني.. إسرائيل تقاتل حزب الله على "سر الحياة"

 نهر الليطاني
نهر الليطاني

على رأس الصراع بين إسرائيل ولبنان في الوقت الحالي يطل نهر الليطاني على الواجهة، واحد من أكبر أنهار لبنان، تسعى إسرائيل تاريخيًا للسيطرة عليه، ودفع قوات حزب الله اللبناني الذي يقف لها بالمرصاد منذ حرب السابع من أكتوبر للانسحاب من النهر، حتى يصبح أحد حدود إسرائيل.

يمتلك نهر الليطاني أهمية جيوسياسية ضخمة لذلك تلوح إسرائيل دومًا أنها ستستخدم كل الوسائل التي تمتلكها بما فيها العسكرية من أجل دفع حزب الله اللبناني إلى ما وراء نهر الليطاني، حتى تتمكن من السيطرة عليه، بدعم لا محدود من الولايات المتحدة الأمريكية في نطاق حرب إسرائيل وغزة.

طرد حزب الله من نهر الليطاني

وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، بأنها ستشن حملة عسكرية في الشمال لطرد حزب الله وسكان جنوب لبنان لما بعد نهر الليطاني: «"يمكننا تحقيق هذه الغاية لأن الوضع في غزة لا يتطلب وجود 3 فرق عسكرية".

ويحتد الصراع كل يوم بين إسرائيل وحزب الله، ووفق مركز الأبحاث "عالما" المتخصص في رصد جبهة إسرائيل الشمالية، فإن شمال إسرائيل شهد خلال شهر مايو الهجمات الأكثر شدة التي شنها حزب الله منذ أكتوبر 2023.

ووفق التقرير، فقد شن حزب الله 325 هجومًا على شمال إسرائيل في شهر مايو بمعدل 10 هجمات يوميًا، بينما كان عدد هجمات حزب الله 238 في شهر أبريل، وما تزال إسرائيل تسعى نحو نهر الليطاني.

فلماذا يدور الصراع بين إسرائيل وحزب الله على نهر الليطاني في الوقت الحالي؟، ولماذا تتمسك إسرائيل بالسيطرة عليه وجعله من حدودها؟، “الدستور” أجابت على تلك التساؤلات في التقرير التالي:

 

الأهمية الجغرافية

يمتلك نهر الليطاني أهمية جغرافية لكونه أطول وأكبر نهر في لبنان بطول 170 كيلو مترًا و750 مليون متر مكعب، ويمتد من قرية العليق التي تقع على بعد 10 كيلو متر من مدينة بعلبك. 

ويكمل نهر الليطاني مسيرته جنوبًا حتى يملأ بحيرة القرعون الصناعية أكبر البحيرات الاصطناعية في لبنان، ثم ينعطف غربًا ليصب في البحر الأبيض المتوسط قرب بلدة القاسمية في الجنوب اللبناني.

وخلال السنوات الماضية أقيم على نهر الليطاني مشاريع استثمارية ضخمة تخص مجال الطاقة الكهرومائية والري ومياه الشرب، مما جعل له أهمية استراتيجية واقتصادية تنظر لها إسرائيل الآن.

وبشكل أدق تهدف إسرائيل إلى السيطرة على جنوب نهر الليطاني تحديدًا بسبب أهميته الاستراتيجية، إذ يضم مواقع عسكرية وبنية تحتية انشأها حزب الله اللبناني، ويعتبر الأكثر قربًا من حدود إسرائيل مع لبنان، لذلك فأن بعده الجغرافي يمكن إسرائيل من التوغل في لبنان، ويجعله منطقة ساخنة للصراع بنيها وبين حزب الله.

ويسكن نهر الليطاني قرابة 200 ألف نسمة 75% منهم من الشيعة التي تعتبر الطائفة الأغلب في حزب الله اللبناني، و25% من بنية السكان من السنة والدروز والمسيحيين، يقطنون بالقرب من مساحة النهر الكلية التي تبلغ نحو 850 كيلومترًا مربعًا.

 

حرب إسرائيل على المياه

بنظرة أوسع نحو التمسك الإسرائيلي بالنهر والإصرار على انسحاب قوات حزب الله اللبناني منه، فإن للاحتلال هدفًا آخر غير عسكري وهو الاستعانة بالنهر في تأمين الموارد المائية بها، خاصة أنه أطول نهر في لبنان، وسيطرة إسرائيل عليه يوفر لها أمن مائي لسنوات طويلة.

بسبب طوله وسعته الضخمة يمكن أن يكون الليطاني مفيدًا في مجالات أخرى بإسرائيل تعتمد بشكل كبير على المياه مثل الزراعة وتوليد الكهرباء، لذلك ففي كل حرب بينها وبين حزب الله لا بد من أن يبرز نهر الليطاني وسعي إسرائيل للسيطرة عليه.

يتسق ذلك، مع المعاناة التي تعيشها إسرائيل حتى من قبل حرب غزة الحالية، إذ تواجه المستوطنات الإسرائيلية في منطقة الشمال شحًا شديدًا في المياه، ولا يستطيع المستوطنون سد احتياجاتهم الرئيسية من المياه العذبة حتى بالاعتماد على بحيرة طبرية الآن، وخلال الألفية الثانية كانت تعتمد على نهري الليطاني والوزاني.

إسرائيل لديها الآن رغبة في تأمين المخزون الاستراتيجي من المياه وسد الفجوة التي حدثت في كميات المياه العذبة التي وصلت إلى مليار متر مكعب في العشرين سنة الماضيين مع نمو وتوسع الاقتصاد الإسرائيلي، لذلك يعد نهر الليطاني حلًا سحريًا لأزمة المياه في إسرائيل.

تاريخ الصراع على نهر الليطاني

 

الصراع على نهر الليطاني ليس وليد الحرب الدائرة الآن بين حزب الله وإسرائيل، ولكنه كان محط نظر الاحتلال منذ سنوات طويلة، إذ شهد العام 1978 اجتياح إسرائيلي لجنوب لبنان تحت اسم عملية الليطاني لم يكن وقتها حزب الله تأسس بعد، ولكنها رد على عملية كمال عدوان التي شنها مقاتلون من منظمة التحرير قتلوا عشرات الإسرائيليين.

في ذلك الوقت، سعت إسرائيل لتدمير مواقع منظمة التحرير الفلسطينية الواقعة جنوب النهر ودفع عناصر المنظمة وراء النهر، وتكرر الاجتياح خلال عام 1982 حيث تعمقت إسرائيل في الجنوب وحاصرت العاصمة بيروت بدعوى محاربة فصائل فلسطين، حتى ظهر حزب الله اللبناني في ذلك الوقت.

ثم حاولت إسرائيل مرة أخرى خلال العام 2006 للسيطرة على النهر من خلال حرب تموز التي استمرت 33 يومًا، وصدر وقتها قرار مجلس الأمن 1701، الذي نص على: “إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني، تكون خالية من أي عتاد حربي أو مسلحين، باستثناء ما هو تابع للقوات المسلحة اللبنانية وقوات اليونيفيل”.