عمل "شيالاً" بعد هروبه من السجن.. حياة قاسية عاشها أنور السادات
دائمًا ما يعلق بالذهن مع الذكرى 51 لانتصارات حرب أكتوبر، صورة الرئيس أنور السادات، صاحب قراري الحرب والسلام، القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي قاد البلاد في أحلك أوقاتها إلى نصر أكتوبر واحتفل في خطاب النصر مع أبطال مصر بالنصر الكبير.
لم تكن حياة السادات مفروشة بالورود فقد عانى من السجن وجُرد من رتبته، وعمل حمالًا أثناء كفاحه في سبيل التخلص من الإنجليز الذين جثموا على قلوب المصريين ثم نضاله مع الشعب للتخلص من مرارة الهزيمة في نكسة 1967.
اعتقال السادات وتجريده من رتبته
قبل قرار الحرب، واجه السادات الكثير من المحطات الصعبة في حياته، منها حينما تم اعتقاله في ١٩٤٢ بسبب محاولاته الاستعانة بالألمان من الاستعمار الإنجليزي وفي هذه الليلة كتب السادات في مذكراته: “فى نفس الليلة وصل زوار الفجر.. قرعوا الباب مرة.. مرتين.. عدة مرات حتى استيقظ أهل البيت”.
أضاف: بعد فترة قضيتها فى الحبس وفى يوم ٢٦ رمضان سنة ١٩٤٢ قبل المغرب بساعة طلبنى رئيس أركان حرب قسم القاهرة، وأبلغنى أنه قد صدر النطق الملكى السامى بالاستغناء عن خدماتى.. خلعت الرتب.. وحينها دار حوار بينه وبين محمد إبراهيم رئيس القسم السياسى بالبوليس":
فقال لي: تعال معنا إلى المحافظة لعمل بعض الإجراءات.
فهمت أنهم بصدد اعتقالى فسألته:
- إلى أين نحن ذاهبون بالضبط حتى يعرف المراسلة أين أنا فيحضر لى طعام الإفطار؟ - فأجاب باختصار.. «سجن الأجانب».
وفى رمضان ١٩٤٢ عندما ألقوا القبض علىَّ مقابل جهودى للتخلص من الاستعمار الإنجليزى سرت إلى سجن الأجانب.
وعبر "السادات" عن مشاعره في هذه اللحظات قائلًا: طوال الطريق.. كان يرتفع أمام عينى طيف زهران وهو يسير رافع الرأس سعيدًا بما فعل لا يخشى الموت الذى سيلقاه.. بعد قليل.
وأضاف: لقد فعلت أخيرًا ما فعله زهران.. وإذ غامرنى هذا الشعور أدركت - كما لم أدرك من قبل - أن زهران لم ينهزم قط.. ورغم أنهم حكموا عليه بالإعدام إلا أن إرادته لم تمت..ألم أكن أنا امتدادًا لهذه الإرادة، التى سرت فى كيانى منذ طفولتى؟ إرادة النصر والتحدى؟
ويقص بـ "زهران" هو أحد اهالي قرية دنشواي، الذى حُكم عليه بالإعدام ظلمًا من الاحتلال البريطاني، في حادثة "دنشواى" التاريخية.
الهروب من السجن والعمل "شيّال"
يتذكر السادات في مذكراته كيف هرب من السجن وكانت فترة الهروب مليئة بالأحداث، حيث قال: كان لا بد أن أعمل لكى أجد لقمة العيش لى ولأولادى فلم يكن والدى فى وضع يسمح له بمساعدتى بأى شىء على الإطلاق.. ولذلك كان على أن أخرج للحياة فأطلقت ذقنى لأخفى ملامحى وسميت نفسى الحاج محمد.
أضاف: أول ما قمت به هو أنى عملت حمالا على عربة لورى كان يملكها زميلى حسن عزت.. بدأنا أنا وسائق اللورى بالعمل لحساب تاجر اسمه غويبة كان متعهدا للجيش البريطانى فى الإسماعيلية..
وعمل السادات في عدد من المهن الصعبة والخطرة، خلال هذه الفترة، قائلًا: تم مشروع شق الترعة فوجدت نفسى مرة أخرى بدون عمل ولكن لم يطل انتظارى.. ففى بلدة سنور شرق النيل جنوب بنى سويف فى صعيد مصر وسط الصحراء القاحلة وجدت عملا واشتغلت.. كانت هناك شركة مصر للمناجم والمحاجر وهى تملك امتياز منجم الرخام الألباستر الوحيد الموجود فى هذه المنطقة.. وكان هذا المنجم يعمل أيام الفراعنة ثم أهمل إلى أن أتى محمد على فأعاده إلى العمل وبنى منه مسجد القلعة.. فى هذا المنجم عملت، وكان يبعد عن شاطئ النيل ٥١ كيلومترًا ولكن محمد على أقام استراحات كل منها تبعد عن الأخرى ١٧ كيلو.. وبقايا هذه الاستراحات قائمة وموجودة إلى اليوم.
وفي 1950 انضم السادات إلى حركة التحرر الوطني، وكان السادات أحد قادة تنظيم الضباط الأحرار، الذين ثاروا ضد النظام الملكي المصري عام 1952.
السادات ونصر أكتوبر عام 1973
تولى السادات، بعد استفتاء على اسمه، عام في 15 أكتوبر من 1970، ليصبح رئيسًا للجمهورية بعد رحيل عبد الناصر، وقد واجه تحديات كبيرة عقب توليه هذا المنصب، أبرزهم أن الاقتصاد المصري كان في حالة سيئة بعد نكسة 67، وأيضًا مواجهة العدو الإسرائيلي.
لكن استطاع السادات، أن يحقق آمال المصريين والجيش المصري في الانتصار والتخلص من روح الهزيمة، بعدما وضع الخطط الهجومية على العدو، لطرده من أرض سيناء، في يوم 6 أكتوبر عام 1973، حيث أصبح اسم "السادات" دائمًا مقترنًا بالنصر في أذهان ووجدان المصريين.