أستاذة بجامعة الأزهر تكشف حقيقة الصراع بين العلم والدين
قالت الدكتور عزة رمضان، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إن فكرة الصراع بين الدين والعلم هي فكرة مستوردة غريبة على الفكر الإسلامي، حيث نشأت ونمت في الغرب في ظل الصراع بين رجال الدين المسيحي الذين كانوا يتبنون آراء أرسطو في الطبيعيات ويفرضونها على الجميع بقوة السلطة الكهنوتية، ولما ثبت خطأ بعض هذه الآراء الأرسطية، وأراد العلماء أن يغيروا واقع العلم في ظل المستجدات الحديثة في عصرهم أبى آباء الكنيسة خوفا على سلطتهم، وبدأ الصراع والنزاع الذي بدا وكأنه بين العلم الطبيعي في جهة والدين في الجهة المقابلة بحيث أصبحا طرفين متناقضين في ظل الحداثة وما بعدها، ونشطت العلموية Scientism كمنهج أحادي للنظر في الموجودات، فغلب على ظن كثير من العلماء أن هناك منهجًا واحدًا هو منهج العلم الطبيعي.
العلم الطبيعى والهداية الدينية
وتابعت "رمضان" فى تصريحات لـ"الدستور": أما في الدين الإسلامي فإن الأصل أن كل باحثٍ عن الحقيقة يجب أن يخطّ إليها منهجًا علميًا، لا يشوبه الهوى أو الوهم، وأن يلتزم هذا المنهج لا ينحرف عنه، لكن ونحن في طريقنا للبحث عن الحقيقة، لا بد أن نميّز بين نوعين من المعرفة: معرفة العلم الطبيعي ومعرفة الهداية الدينية، هذا التمييز حاصل منذ بدء الخليقة عندما علّم الله آدم أسماء الأشياء من حوله لكي يتمكن من العيش والتفاعل، لكن هذا النوع من العلم لم يكن كافيا بدليل ما وقع من سيدنا آدم بعد ذلك كما ورد في آيات سورة البقرة، لذلك نجد في نفس السياق قول الله تعالى: "فتلقّى آدم من ربه كلمات فتاب عليه" وهذه "الكلمات" تتمثل في النوع الثاني من المعارف التي أشرت إليها.
العلاقة بين الدين والعلم
وأضافت: إذن العلاقة بين الدين والعلم هي علاقة تكامل لا يمكن الاستغناء بأحدهما عن الآخر في هذه الحياة فالدين جاء لبناء الإنسان وهدايته وضبط تصوراته وتفاعلاته لينطلق في الكون مكتشفا ومعمرا ومبدعا. وليس أدل على ذلك من كون المتكلمين حينما بحثوا في الطبيعيات نجدهم قد تسلحوا في سبيل إثبات العقائد وإقامة الحجج عليها ودفع الشُبه عنها بنظرة علمية نفّاذة، بالقدر الذي أتاحته لهم معارف عصرهم المؤسسَة– في غالبها– على التأمل النظري، لا على التجريب المعملي بطبيعة الواقع والحال.
العلاقة بين الفلسفة والدين والعلم
واختتمت حديثها قائلة: "أرى أن فكرة الصراع بين العلم والدين أو بين الفلسفة والدين فكرة غريبة على عالمنا الإسلامي، بل الأغرب هو عزْو هذه الفكرة إلى تراثنا الإسلامي، كيف ذلك وقد حثّنا القرآن الكريم على النظر وإعمال العقل والتفكر في آيات الكون، وأمرنا بذلك رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، الأمر الذي جعل المتكلمين الأوائل يفتحون الباب على مصراعيه أمام البحث العلمي الجاد في سبيل الوصول إلى الحقيقة؟ لم يكن ذلك إلا لأنهم على يقين بأن ما يعتقدونه حق، والعلم القائم على أسس علمية صحيحة حق، والحق لا يُضاد الحق، بل يؤيده ويعضده، فما كان منهم إلا أن قالوا: "كلُ علمٍ يُسهم في تدعيم العقيدة هو قريبٌ من الحقيقة".