خطة تحقيق العدالة الاجتماعية وحماية المواطن: 128 مليار جنيه لدعم الخبز والتموين
تعزيز الحماية الاجتماعية لمحدودى الدخل كان على رأس أولويات خطة الحكومة المصرية نحو التحول من نظام الدعم العينى إلى الدعم النقدى، الأمر الذى يمثل خطوة استراتيجية، تهدف إلى تحسين فاعلية الدعم الحكومى للمواطنين وتوجيهه بشكل أكثر دقة إلى الفئات الأكثر احتياجًا، مع مناقشة تفاصيل الخطة ضمن جلسات الحوار الوطنى.
ومنذ إطلاق برنامج «الدعم النقدى المشروط»، فى مارس ٢٠١٥، بدأت مصر خطوات جادة نحو تحسين نظام الدعم، الذى يُعتبر جزءًا من استراتيجية أوسع للحماية الاجتماعية.
وتتضمن خطط الحكومة زيادة مخصصات الدعم التموينى، حيث تم رفع المخصصات فى مشروع الموازنة العامة للعام المالى الجديد بمقدار ١٣٤ مليار جنيه، مقارنة بالعام الماضى، وذلك فى إطار تعزيز الحماية الاجتماعية لمحدودى الدخل وتحقيق استقرار اقتصادى.
وخلال السنوات الماضية، عملت وزارة التموين والتجارة الداخلية على هذا الملف، وحققت إنجازات ملحوظة فى توفير الدعم للمواطنين، بعد أن قدمت دعمًا كبيرًا من خلال البطاقة التموينية، مع صرف الخبز المدعم، ما بين ٢٥٠ و٢٧٠ مليون رغيف يوميًا، لخدمة نحو ٦٩.٥ مليون مواطن.
كما وفرت الوزارة أكثر من ٣٠ سلعة أساسية للتموين، بمبلغ إجمالى يصل لـ٣٦ مليار جنيه خلال ٢٠٢٤، ليبلغ إجمالى دعم الخبز والسلع التموينية ١٢٧.٧ مليار جنيه.
وفى هذا الإطار، أعلن الدكتور شريف فاروق، وزير التموين، عن طرح آليات تنفيذ الدعم النقدى، والتى من المتوقع أن تتراوح بين ١٥٠ و٢٠٠ جنيه شهريًا لكل فرد، مع تحديث قاعدة بيانات ٢١ مليون بطاقة تموينية، للتأكد من وصول الدعم لمستحقيه، مع استثناء الحالات غير المستحقة، مثل المخالفين قانونيًا.
وأوضح مصدر بوزارة التموين أن التحول إلى الدعم النقدى له فوائد مهمة للمواطنين، أبرزها إتاحة اختيار السلع التى تحتاجها الأسرة، ما يعزز من قدرتها على تلبية احتياجاتها الأساسية وتحسين الكفاءة، مع تقليل الهدر والفساد فى توزيع الدعم، وإمكانية استخدام الموارد المالية بشكل أكثر فاعلية، ما يسهم فى تحسين جودة الخدمات.
وأشار إلى أن الدعم النقدى للأسر يتيح اتخاذ قرارات مالية مستقلة، ما قد يعزز من إدراكهم قيمة الأموال التى يتلقونها وكيفية صرفها، منوهًا بأن تحول الحكومة المصرية من الدعم العينى إلى الدعم النقدى يمثل فرصة لتحسين حياة المواطنين وتعزيز العدالة الاجتماعية.
وأضاف: «مع استمرار جهود الحكومة فى تطوير آليات الدعم، من الضرورى الاستماع إلى آراء الخبراء والمواطنين لضمان نجاح هذا التحول».
وأشار إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص، لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه وتعزيز الاستقرار الاقتصادى، لافتًا إلى أن هذا النهج الشامل سيسهم فى بناء نظام دعم أكثر فاعلية واستدامة، ما يعود بالنفع على جميع المواطنين فى مصر.
من ناحيته، قال سيف النصر، رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية بمحافظة الأقصــر، إن الدعم النقدى يعد أداة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية، ولكن لضمان فاعليته يجب وضع تدابير محددة تسهم فى تنفيذ سياسات الدعم بشكل فعال.
وأوضح سيف النصر، أن منافذ التموين، مثل بقالة التموين ومشاريع «شباب جمعيتى»، تعد الواجهة الحقيقية لتقديم الدعم، حيث تنتشر هذه المنافذ فى القرى والمدن، منوهًا بأنه من الضرورى إشراكها بشكل فعال فى المنظومة، ما يتيح الوصول إلى جميع المواطنين، خاصة فى المناطق النائية.
واقترح بدء مرحلة تجريبية لنظام الدعم النقدى، تسمح بجمع الملاحظات والآراء من جميع المعنيين، مع مراجعة النظام وتعديله وفقًا للضرورات المستجدة، كما تم فى تطبيق المنظومة التموينية الجديدة، ما يضمن الاستجابة الفعالة لاحتياجات المواطنين ويساعد على تحسين الخدمات المقدمة.
وأضاف: «إشراك جميع الأطراف، من مؤسسات حكومية ومجتمع مدنى، فى صياغة سياسات الدعم النقدى سيسهم فى تعزيز الشفافية ويزيد من فاعلية النظام، فالهدف هو تحسين حياة المواطنين وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه بطريقة عادلة وفعالة».
فيما أوضح علاء الكحلاوى، نقيب مشروع جمعيتى، أن «شباب جمعيتى» مع استمرار الدعم العينى، لما له من دور فعال فى المحافظة على وجود استقرار نسبى فى أسعار السلع الغذائية.
وقال: «جزء من احتياجات الأسرة يتم توفيره عن طريق التموين، بينما فى حالة الدعم النقدى سوف يكون توفير كل احتياجات الأسرة من السوق الخارجية، وذلك من الوارد أن يساعد على تحريك الأسعار».
وأشار إلى أنه تم تقديم مقترحات لوزارة التموين والتجارة الداخلية للشراكة واستخدام منافذ التموين «جمعيتى» والبقالين، كإحدى أذرع الدولة فى مكافحة الغلاء والعمل على السيطرة على الأسعار.
وفى الإطار نفسه، قال الدكتور طلعت عبدالقوى، رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية عضو التحالف الوطنى، إن الاجتماعات والمشاورات مستمرة لمجلس أمناء الحوار الوطنى، بشأن مقترح تحويل الدعم العينى إلى نقدى، وذلك بحضور الدكتور أحمد جلال، مقرر المحور الاقتصادى، لمناقشة الخطوات التى ستتم خلال الفترة المقبلة.
وأشار «عبدالقوى» إلى وجود مقترحات لإجراء مؤتمرات ولقاءات حوارية وجلسات واجتماعات بمشاركة الأحزاب والهيئات والنقابات والجمعيات المختلفة، بهدف الوصول إلى مقترح يدعم المواطن المصرى، الذى تعمل الدولة على توفير جميع وسائل الحماية الاجتماعية له ولأسرته، منوهًا بأنه بمجرد انتهاء الجلسات ستكون هناك جلسة متخصصة لدراسة التوصيات.
فيما ذكرت الدكتورة فاطمة سيد أحمد، عضو الحوار الوطنى والتحالف الوطنى للعمل الأهلى، أن لجان الحوار الوطنى تقوم بدراسة مقترح تحويل الدعم العينى إلى نقدى، بمشاركة عدد من المتخصصين الاقتصاديين من أعضاء الحوار وخارجه، بهدف وضع آلية التطبيق وقيمة الدعم، موضحة أن هناك اقتراحًا بإجراء استبيانات للمواطنين لجمع آرائهم بهذا الشأن.
وأضافت أن الدولة تسعى إلى تحويل الدعم للمستفيدين من العينى إلى النقدى، بالتعاون مع وزارة التموين، للوصول إلى المستحقين بهدف التوسع فى استخدام الدعم فى مجالات الحياة المختلفة، بما يعود بالنفع على أكبر عدد من الفئات الأولى بالرعاية.