عاجل.. خبراء: «تصريح غير مسئول» وراء ارتفاع سعر الأرز فى الأسواق
أرجع عدد من الخبراء حالة الارتباك وعدم الاستقرار التى تشهدها سوق الأرز فى مصر، حاليًا، إلى تصريحات أحد مسئولى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى حول تقليص المساحات المزروعة بالأرز بنسبة ٣٥٪ خلال الموسم الزراعى المقبل ٢٠٢٥، موضحين أن هذه التصريحات تسببت فى تصاعد غير مبرر فى أسعار الأرز، بعد أن أثارت مخاوف كبيرة فى الأسواق.
وقال الخبراء، خلال حديثهم لـ«الدستور»، إن تلك التصريحات جاءت فى توقيت غير مناسب بالنسبة للأسواق، كما دفعت الفلاحين إلى التمسك بمحصولهم طمعًا فى تحقيق أرباح أكبر، بينما شجعت المضاربين والمخزنين على جمع كميات كبيرة من الأرز بغرض الاحتفاظ بها لفترات طويلة، استهدافًا لمكاسب مستقبلية متوقعة، مشيرين إلى إمكانية استعادة الاستقرار فى السوق عبر ضخ كميات مناسبة من الأرز، فى ظل وفرة الإنتاج.
مصطفى النجارى: مخاوف من تقليص المساحات المزروعة بنسبة 35% خلال الموسم المقبل
قال مصطفى النجارى، رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، إن سوق الأرز فى مصر تشهد حاليًا حالة من الارتباك وعدم وضوح فى الرؤية، وسط ارتفاعات غير مبررة فى الأسعار، على خلفية تصريحات صدرت عن مسئول بوزارة الزراعة حول تقليص المساحات المزروعة بالأرز بنسبة ٣٥٪ خلال الموسم الزراعى المقبل.
وأضاف: لـ«الدستور»: «هذه التصريحات جاءت فى توقيت خاطئ وحساس للغاية، ما أدى إلى حالة من الترقب بين الفلاحين والتجار، وشجع المخزنين على تجميع أكبر كميات ممكنة يمكن تخزينها لفترة طويلة من الأرز، استهدافًا لزيادات متوقعة فى أسعاره».
وواصل: «أرى أن الاضطرابات الحالية فى السوق تعود بشكل مباشر إلى هذا الإعلان المفاجئ، والسوق حاليًا كانت بحاجة إلى مزيد من الاستقرار قبل إصدار مثل هذا الإعلان، لأن توقيته كان غير مناسب تمامًا، وكان من الأفضل تأجيله لحين إكمال موسم الحصاد واستقرار الأوضاع فى السوق».
وتابع: «الحكومة، فى حال اتخاذها خطوة تقليص المساحات المزروعة بالأرز، كان عليها أولًا أن تجمع رصيدًا كافيًا وحاكمًا من الأرز، لضمان التدخل فى الأوقات التى قد تشهد نقصًا فى المعروض».
وأشار إلى أنه، ومنذ صدور هذه التصريحات، شهدت أسعار الأرز فى الأسواق ارتفاعًا ملحوظًا، ما أدى إلى زيادة الأعباء على المستهلكين، الذين يتعاملون مع تقلبات غير متوقعة فى الأسعار، موضحًا أن هذا الارتفاع قد يؤثر، أيضًا، على أسعار المكرونة وباقى أنواع الغذاء من الكربوهيدرات، خاصة أن موسم حصاد الأرز لم يكتمل بعد.
وقال: «لا توجد دلائل واضحة على وجود نقص فى المحصول فى الوقت الراهن، لكن قد تؤثر الاضطرابات السياسية بالمنطقة عمومًا على تداول واستهلاكات الدول من المحاصيل الزراعية الأساسية، لذا لا بد من الاحتياط لذلك».
وأكمل: «شهدت أسعار الأرز فى السوق المصرية ارتفاعات ملحوظة فى الفترة الماضية، مع تباين فى الأسعار بين الأرز الشعير والأرز الأبيض، وسط حالة من الترقب من قبل التجار والمستهلكين، إذ وصل سعر الأرز الشعير العريض إلى ١٧٫٥٠٠ ألف جنيه للطن، بينما بلغ سعر طن الأرز الشعير الرفيع ١٥٫٢٥٠ ألف جنيه، والأبيض عريض الحبة (كسر ٨٪) إلى ٢٦٫٥٠٠ ألف جنيه تسليم المضارب، والأبيض رفيع الحبة (كسر ٨٪) بلغ ٢٤٫٠٠٠ ألف جنيه».
مجدى الوايلى: انتشار «ظاهرة التخزين» من قبل أفراد لا ينتمون إلى القطاع
نفى مجدى الوايلى، عضو غرفة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، ما تم تداوله مؤخرًا عبر بعض المواقع الإخبارية حول تقليص المساحات المزروعة بالأرز بنسبة ٣٥٪ خلال موسم ٢٠٢٥.
ووصف «الوايلى» هذه المعلومات بأنها مجرد شائعات مغلوطة لا تعكس الواقع، مشيرًا إلى أن المساحة المخصصة لزراعة الأرز فى مصر تخضع لقرارات صارمة من وزارتى الرى والموارد المائية والزراعة، ولا يمكن تقليصها بهذه النسبة كما يُشاع.
وأوضح أن وزارة الرى حددت المساحة المخصصة لزراعة الأرز بناءً على توافر المياه واحتياجات السوق المحلية، حيث تم تخصيص ٧٢٩ ألف فدان لرى الأرز باستخدام مياه النيل، و١٥٠ ألف فدان يتم ريها باستخدام نظام الرى بالتنقيط، و١٥٠ ألف فدان أخرى تُروى بالمياه المالحة، ليصل إجمالى المساحة المزروعة بالأرز إلى مليون و٢٩ ألف فدان.
وأشار إلى أن هناك بعض المساحات المخالفة التى تضاف إلى المساحات الرسمية، ليصل إجمالى الأراضى المزروعة بالأرز فى مصر إلى نحو ١.٧ مليون فدان، مشيرًا إلى أن استهلاك المصريين من المحصول يبلغ نحو ٣١ كيلو للفرد سنويًا، ما يعنى أن الإنتاج الحالى يلبى احتياجات السوق المحلية، ويحقق فائضًا ملحوظًا. وفيما يتعلق بالأسعار، توقع أن تشهد استقرارًا خلال الفترة المقبلة، مرجعًا ذلك إلى توافر مخزون كافٍ من الإنتاج السابق، حيث يتراوح هذا المخزون بين ١٠٪ و١٢٪، مشيرًا إلى أن الزيادة الأخيرة فى الأسعار لا تعود إلى انخفاض فى المعروض، بل هى نتيجة لعوامل العرض والطلب التى تتحكم فى الأسواق، لافتًا إلى أن السوق المصرية لم تشهد نقصًا فى كميات الأرز المطروحة، وأن توافر المخزون سيسهم فى استقرار الأسعار خلال الأشهر المقبلة. وأعرب عن قلقه من انتشار ظاهرة تخزين الأرز من قبل بعض الأفراد الذين لا ينتمون إلى قطاع الزراعة أو الحبوب بشكل مباشر، مشيرًا إلى أن هؤلاء الأفراد، وغالبيتهم مستثمرون غير متخصصين، يشترون كميات كبيرة من الأرز لتخزينها بهدف عرضها فى السوق فى فترات يقل فيها الطلب، ما يؤثر على حركة الأسعار.
ودعا إلى تشديد الرقابة على عمليات التخزين، خاصة فى ظل تزايد أعداد هؤلاء المخزنين الذين يسعون للاستفادة من الفروق السعرية، من خلال احتكار كميات من المحصول.
كما طالب الجهات المعنية بفرض رقابة أكثر صرامة على عمليات التخزين والتحكم فى المخزون، لضمان عدم تلاعب غير المتخصصين فى السوق وتفادى حدوث أى تقلبات غير مبررة فى الأسعار.
وبين أن الحفاظ على استقرار السوق يتطلب تعاونًا مشتركًا بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص لضمان توافر الأرز بأسعار معقولة، تلبى احتياجات المواطنين دون التأثير سلبًا على المنتجين أو المستهلكين.
وشدد على أن زراعة الأرز فى مصر تتم وفق خطط مدروسة تراعى موارد المياه المتاحة واحتياجات السوق المحلية، لافتًا إلى أن الإنتاج المحلى للأرز يلعب دورًا حيويًا فى تلبية الطلب الداخلى وتوفير فائض يمكن استغلاله عند الحاجة، مشددًا على أهمية الحفاظ على هذا التوازن لضمان استقرار السوق والاقتصاد الزراعى فى مصر.
خالد النجار: زيادة المعروض تعيد الاستقرار خلال أسابيع قليلة
ذكر خالد النجار، عضو غرفة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، أن الأسواق تشهد حاليًا حالة تذبذب فى أسعار الأرز، وسط تقلبات فى الأسعار بين الارتفاع والانخفاض فى فترة الحصاد، ما يزيد من حالة القلق بين التجار والمستهلكين، على حد سواء.
وأوضح «النجار» أن أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا الغموض، هو تمسك الفلاحين بمحصول الأرز، وتفضيل العديد منهم عدم بيعه على الفور، انتظارًا لتحقيق أرباح أكبر، لا سيما فى ظل توقعات البعض بارتفاع الأسعار فى المستقبل.
وأضاف: «هذا الموقف من الفلاحين يؤدى إلى تأخر تدفق الأرز إلى الأسواق، ما يخلق حالة من الشح المؤقت فى المعروض، وبالتالى يؤدى إلى زيادة الأسعار فى بعض الفترات، وهناك أيضًا فئة جديدة من المستثمرين بدأت تظهر فى سوق الأرز، وهى «المخزنون»، وهؤلاء، رغم أنهم لا ينتمون بشكل مباشر إلى قطاع الزراعة أو صناعة الحبوب، إلا أنهم بدأوا فى جمع وتخزين كميات كبيرة من الأرز كاستثمارات».
وتابع: «الأرز بالنسبة لهؤلاء يُعد سلعة آمنة للاستثمار، نظرًا لعدم وجود مخاطرة كبيرة فى تخزينه، إذ يُعتبر من السلع الأساسية التى تحافظ على قيمتها بمرور الوقت، ما يشجع على زيادة المضاربات فى السوق، وهؤلاء المستثمرون يلعبون دورًا فى زيادة الطلب على الأرز من خلال تخزينه، ما يسهم فى خلق حالة من الاحتكار النسبى، التى قد تؤدى إلى تقلبات إضافية فى الأسعار، خاصة فى الفترات التى يكون فيها المعروض أقل من المتوقع».
وقال: «رغم حالة الغموض الحالية، فإننى متفائل فيما يتعلق باستقرار السوق خلال الفترة المقبلة، بفضل زيادة المعروض المتوقع فى الأسابيع القليلة المقبلة، وأتوقع عدم حدوث أى ارتفاعات كبيرة فى الأسعار خلال هذا الموسم، لأن هناك حوالى ٢٠٪ من الأرز القديم لا يزال متوافرًا فى الأسواق، ما يسهم فى زيادة المعروض وتقليل الضغوط على الأسعار».
ولفت إلى أن أسعار الأرز شهدت حالة من الاستقرار فى الأيام القليلة الماضية، مضيفًا: «سجل سعر طن الأرز الشعير العريض حوالى ١٦٫٥٠٠ ألف جنيه، فى حين بلغ سعر طن الأرز الرفيع الشعير حوالى ١٤٫٥٠٠ ألف جنيه، وهذا الاستقرار فى الأسعار يعود إلى عدة عوامل، من بينها توافر كميات كبيرة من الأرز فى الأسواق، وعدم وجود نقص كبير فى المعروض».
وأكد أن مساحة الأرز المزروعة هذا العام لم تختلف عن المساحة التى زُرعت فى العام الماضى، وبالتالى فإن قرار الحكومة بتقليص مساحة زراعة الأرز فى المستقبل ليس له تأثير مباشر على أسعار الأرز الحالية.
واختتم: «الحديث عن تقليص المساحات المزروعة بالأرز يجب ألا يؤثر حاليًا على أسعار الأرز فى السوق المحلية، وإنتاج هذا الموسم كافٍ لتلبية الطلب المحلى، خاصة فى ظل وجود كميات من الأرز من الموسم السابق. والحكومة، من خلال سياساتها الزراعية، تهدف إلى تحقيق التوازن بين توفير الأرز بكميات كافية والحفاظ على الموارد المائية».
حسين أبوصدام: المساحة المزروعة تجاوزت الـ1.5 مليون فدان
شدد حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين والخبير الزراعى، على عدم صحة الشائعات التى تتحدث عن ارتفاع أسعار الأرز فى السوق المحلية، مشيرًا إلى أن أسعار الأرز الحالية أقل بكثير من مستوياتها فى الموسم الماضى، ما يعكس استقرارًا نسبيًا فى السوق.
وأشار إلى أن سعر طن الأرز الشعير رفيع الحبة يتراوح بين ١٤ و١٤.٥ ألف جنيه، بينما يصل سعر طن الأرز الشعير عريض الحبة إلى ١٥ و١٦ ألف جنيه، ويعتبر هذا السعر مناسبًا جدًا مقارنة بالموسم السابق، وهو ما يبعث على التفاؤل لدى المزارعين والمستهلكين على حد سواء.
وأضاف أن البلاد تشهد، حاليًا، موسم حصاد الأرز، حيث يتوقع أن يكون الإنتاج هذا العام أكثر من كافٍ لتلبية الاحتياجات المحلية، موضحًا أن كميات كبيرة من محصول الموسم الماضى لا تزال متوافرة لدى التجار، ما يعزز من وفرة المعروض فى السوق.
وفيما يتعلق بأسعار الأرز الأبيض، أوضح أن سعر الطن رفيع الحبة يتراوح بين ٢٢ و٢٣ ألف جنيه، بينما يتراوح سعر طن الأرز الأبيض عريض الحبة بين ٢٤ و٢٦ ألف جنيه، أما بالنسبة للمستهلك، فإن أسعار الكيلو يتراوح بين ٢٥ و٢٨ جنيهًا حسب النوع والجودة ونسبة الكسر، وهذا يدل على أنها لا تزال فى متناول اليد، ما يسهل على الأسر المصرية الحصول على احتياجاتها من هذه السلعة الأساسية. كما أشار إلى أن المساحة المزروعة بالأرز هذا الموسم تجاوزت المليون ونصف المليون فدان، ما يعكس الجهود المبذولة من قبل الفلاحين، ومن المتوقع أن يبلغ إنتاج الأرز الشعير من ٦ إلى ٦.٥ مليون طن، ما يعنى أن هناك فائضًا قدره ٣.٥ مليون طن من الأرز الأبيض، وهو ما يكفى لتلبية الاستهلاك المحلى، بل يزيد عنه. ولفت إلى أن هناك بعض أصحاب المصالح الخاصة الذين يتمنون ارتفاع الأسعار لتحقيق مكاسب شخصية، ومع ذلك فإن الأسعار الحالية توفر هامش ربح مرضيًا للمزارعين، وهو ما يشجعهم على الاستمرار فى الزراعة.
وأضاف: «كميات الأرز المنتجة محليًا تكفى لتلبية احتياجات السوق، ولا حاجة لاستيراد أى كميات من الخارج، باستثناء بعض الأنواع، مثل الأرز البسمتى الذى لا يتوافر محليًا، وهذا يعكس قدرة مصر على الاكتفاء الذاتى من الأرز، ما يعزز من الأمن الغذائى ويقلل من الاعتماد على الواردات».