ضربة إسرائيل فى قلب حزب الله.. سيناريوهات الرد والتصعيد
تنذر الضربة التي شنها الجيش الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية "بيروت"، والتي استهدفت 6 بنايات كانت المقر الرئيسي لقيادة حزب الله، بتداعيات خطيرة على مسار التصعيد الحالي في المنطقة، خاصةً أن هدفها الأساسي كان تنفيذ عملية اغتيال لحسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، والذي يعد أقوى ذراع لإيران في المنطقة.
ووافق بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، على تنفيذ عملية محاولة اغتيال نصر الله داخل بيروت، خلال وجوده في نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تلقى التحديثات حول العملية عبر الهاتف الأحمر الذي كان بحوزته.
حرب المعلومات وبنك الأهداف الإسرائيلي
يؤكد الهجوم الأخير أن إسرائيل كانت تمتلك معلومات استخباراتية مؤكدة عن مقر حسن نصر الله، حيث إنها في أعقاب نجاح تنفيذ الضربات، صرحت رسميًا بأن الهدف منها هو اغتيال الأمين العام لحزب الله، بالتزامن مع معلومات تناقلها الإعلام الإسرائيلي بأن تل أبيب حصلت على معلومات بحضور نصر الله إلى مقر القيادة.
وخلال الفترة الماضية نفذت إسرائيل عدة استهدافات أكدت قدرتها على امتلاك معلومات استخباراتية مهمة حول قيادات حزب الله في لبنان، حيث استهدفت الهيكل القيادي في الحزب.
وكان آخر تلك الاستهدافات، منذ أيام، حيث شنت ضربة ضد مبنى في بيروت الجنوبية كان يقيم فيه القيادي الثاني في الحزب "علي كركي"، ولكن ليس هناك أي معلومات مؤكدة عن نجاح عملية اغتياله.
وتمتلك إسرائيل بنك أهداف واسعًا في لبنان، لاسيما داخل الضاحية الجنوبية، وهو ما أعلنه هرتسي هاليفي رئيس الأركان الإسرائيلي، في وقت سابق، وهى أهداف من شأنها أن تحدث نوعًا من الأضرار الجسيمة في قدرة حزب الله على إحداث نوع من التوازن في هذه الحرب المفتوحة.
الانتقال لـ"حرب مفتوحة" بين إسرائيل وحزب الله
ولم يتم– حتى الآن– تأكيد إذا نجحت العملية الإسرائيلية لاغتيال نصر الله أم لا، ولكن أيًا كانت النتيجة، فالمنطقة تقف في الوقت الحالي أمام مرحلة جديدة من المواجهة بين إسرائيل وحزب الله.
ويؤكد الهجوم الإسرائيلي الأخير، وهو الأكبر ضد حزب الله منذ 2006، أن التصعيد الحالي انتقل إلى مربع الحرب المفتوحة، حيث من المتوقع أن يصعد حزب الله من مستوى هجماته في العمق الإسرائيلي متجاوزًا حدود الهجمات التي شاهدناها خلال الأيام الماضية.
وما يعزز سيناريو الانتقال الفعلي لمربع الحرب المفتوحة أيضًا هو تكثيف الهجوم الجوي الإسرائيلي ضد أهداف حزب الله داخل لبنان، بالإضافة إلى الاستعدادات في الجبهة الشمالية الإسرائيلية مع حدود لبنان.
وليس مستبعدًا أن تكون إسرائيل بصدد عملية اجتياح بري جزئي لجنوب لبنان، خاصةً أن استعداداتها في الجبهة الشمالية تضمنت تدريبات على الاجتياح البري، وتعزيز القوات بلواءين إضافيين.
هل يرد حزب الله على إسرائيل؟
من المؤكد أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة في الضاحية الجنوبية ستؤثر على كفاءة القيادة والسيطرة لدى حزب الله، وستؤدى لإضعافها بشكل كبير خلال أي مواجهة مقبلة.
وخلال الأيام القليلة الماضية، أظهرت نوعية الهجمات الأخيرة التي شنها حزب الله ضد إسرائيل، والتي تنوعت بين صواريخ ومسيرات وتخطت جنوب حيفا، أن الحزب لا يزال ملتزمًا بحدود اشتباك متدرجة، وأنه لا يرغب في استخدام مخزونة من الصواريخ الباليستية لضرب أهداف استراتيجية في العمق الإسرائيلي قد تحدث خسائر كبيرة.
ولكن بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير، من المتوقع أن يصعد حزب الله من مستوى وحدود ضرباته ضد العمق الإسرائيلي، والتي قد تشمل أهدافًا تمثل ضرارًا بشكل ما لإسرائيل.
ومن المتوقع أيضًا أن تتزايد الهجمات ضد إسرائيل من الجبهة اليمنية والعراقية، بالصواريخ والمسيرات، لكن يظل تأثير هذه الهجمات ضعيفًا ولن يمثل عامل ضغط على إسرائيل لإجبارها على وقف التصعيد.
توقيت محاولة إسرائيل اغتيال نصر الله
تزامن الهجوم الإسرائيلي ومحاولة اغتيال نصر الله، مع خطاب نتنياهو أمام الجمعية العامة الأمم المتحدة، والذي أعلن فيه رسالة تهديد واضحة لإيران وحزب الله بأنه إذا شنوا حربًا سترد إسرائيل، وأن أي هدف في طهران ليس ببعيد عن أيادي تل أبيب.
هذه الرسالة وتوقيت العملية لا يشير سوى إلى أن إسرائيل ليست لديها خطط للتجاوب مع مبادرات ومقترحات وقف إطلاق النار الحالية، وأن لديها استراتيجية للتصعيد الشامل مع حزب الله حتى تحقيق "الهدف المعلن" وهو عودة السكان الإسرائيليين لمناطق الشمال وتدمير القدرات العسكرية للحزب اللبناني ومنع أي تهديد مستقبلي لإسرائيل من الجبهة الشمالية.
ولكن خطاب نتنياهو وتزامنه مع الهجوم الإسرائيلي كشف موقف تل أبيب الحقيقي من أي مبادرة مطروحة لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد، وأن الهدف الإسرائيلي من هذه الحرب يتجاوز الرغبة في عودة السكان لمستوطنات الشمال.
مصير نصر الله.. من يقود حزب الله؟
من المتوقع أن تتزايد المعلومات والشائعات في الصحافة الإسرائيلية والأمريكية خلال الساعات المقبلة حول مصير حسن نصر الله بعد الضربة الإسرائيلية لمقر قيادة حزب الله في الضاحية الجنوبية.
وقد يصدر حزب الله بيانًا ينفي فيه صحة إصابة أو اغتيال نصر الله، وقد يحتاج الأمر لخروج حسن نصر الله نفسه في خطاب قصير ليعلن فيه حدود المواجهة الجديدة مع إسرائيل.
وفي حال التأكد من اغتيال حسن نصر الله، فإن نائبه، الشيخ نعيم قاسم سيتولى رئاسة حزب الله خلال الفترة المقبلة، لكن مع الاختراق الإسرائيلي الواسع للحزب وهياكله التنظيمية حتى مستوى القيادة، قد تقوم إسرائيل أيضًا بتنفيذ عملية لاغتيال نعيم قاسم.
موقف أمريكا من الحرب المفتوحة في لبنان
لا تقف الإدارة الأمريكية على مسافة بعيدة من التصعيد الإسرائيلي الحالي، بل أن هناك تنسيقًا واسعًا ومستمرًا بين واشنطن وتل أبيب، وهو ما جدد تأكيده إعلان البنتاجون أن لويد أوستن وزير الدفاع الأمريكي، تحدث بالفعل مع نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت، خلال تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملية محاولة اغتيال نصر الله.
وترى أمريكا أن التصعيد العسكري الإسرائيلي، وحتى الغزو البري الجزئي، سيمثل عامل ضغط واسع على حزب الله ولبنان لقبول تراجع قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني.
وكذلك، فإن السياسة والمواقف المعلنة لإدارة جو بايدن الرئيس الأمريكي، هى نفسها المواقف التي اتخذتها وأعلنتها مع بدء إسرائيل الحرب ضد قطاع غزة قبل نحو عام.