«الصراع على العرش».. كيف استعد الأهلى والزمالك بالخطط و«التكتيكات» لقمة السوبر الإفريقى؟
نزال حتى آخر رجل صامد، وصراع عروش متجدد بين ٢٢ مقاتلًا طوال ٩٠ دقيقة، قبل أن يتوج منتصر واحد باللقب، هكذا يمكن اختصار مواجهة الأهلى والزمالك فى مباراة السوبر الإفريقى، المقررة الجمعة فى التاسعة مساءً، على ملعب المملكة أرينا بالعاصمة السعودية الرياض، فى مباراة تعود بالأذهان إلى ما قبل ٣٠ عامًا، حين حدثت آخر مواجهة بينهما فى البطولة ذاتها.
فى هذه المباراة سنكون على موعد مع منافسة تكتيكية أخرى بين السويسرى مارسيل كولر، المدير الفنى للأهلى، والبرتغالى جوزيه جوميز، المدير الفنى للزمالك، للسيطرة على وسط الملعب واستغلال ثغرات الدفاع وإيقاف خطورة الأجنحة.
ولأهمية المباراة الاستثنائية، نحاول فى السطور الآتية أن نتناول عدة نقاط أساسية، منها كيف يلعب الأهلى والزمالك فى مباراة السوبر؟ وما هى نقاط قوة وضعف كل منهما؟ وهل يخاطر جوميز بالدفع بصفقاته الجديدة ضد منافسه أم يكتفى بلاعبيه المخضرمين؟ وما الخدع المتوقع أن يستخدمها كولر لحسم اللقاء لصالحه؟ بالإضافة إلى عدد آخر من النقاط التكتيكية والاستراتيجية التى نتوقع أن يعتمد عليها الفريقان.
الأحمر الأكثر جاهزية فى بداية الموسم
أولًا، الأهلى، هو صاحب الأرض باعتباره بطل دورى أبطال إفريقيا، والذى يلعب برسم تكتيكى «٤-٣-٣»، فى وجود مروان عطية كمحور دفاعى، وبجواره ثنائية إمام عاشور وأكرم توفيق، كلاعبى ارتكاز.
أدوار مروان عطية فى وسط ملعب الأهلى تتمثل فى تفعيل منظومة الضغط بالتقدم لوسط ملعب الخصم، وحرمان اللاعب من الحصول على الكرة فى المساحة أمام منطقة الجزاء، وتعطيل عملية بناء اللعب بإجبار الخصم على تحويل اللعب لأحد الجناحين، وهى منطقة خطورة الأهلى، أما فى حالة نجاح الخصم فى الخروج بالكرة فيتراجع عطية لتقديم أدواره الأساسية وتغطية عمق وسط الأهلى.
وفى حالة امتلاك الأهلى الكرة والبدء فى تحضير الهجمة يوجد عطية بالقرب من ثنائى الدفاع، وأحيانًا الحارس، للحصول على الكرة وبدء عملية تدويرها وبناء الهجمة، مع منح بعض أدواره لإمام عاشور، عبر العودة لعمق ملعب الأهلى والحصول على الكرة وتوزيع اللعب، إما بتمريرة طولية لعكس الملعب لأحد الجناحين، أو تبادل التمريرات القصيرة مع زملائه، أو استخدام مهاراته فى المرور من المواقف الفردية ضد المدافعين.
العنصر الثالث فى وسط ملعب الأهلى هو أكرم توفيق، الذى يجيد الأدوار الدفاعية أكثر من الهجومية، إلا أن وجوده يزيد من قدرة الفريق على تدوير الكرة والاستحواذ، خاصة فى وسط ملعب الخصم، بجانب قوته فى الالتحامات والضغط على المنافس.
اعتمد مارسيل كولر، خلال مباراة جورماهيا الكينى فى البطولة الإفريقية، على خدعة انطلاق يحيى عطية الله فى عمق ملعب الخصم وتسلم الكرة الطولية من وسط الملعب فى منطقة الجزاء، مع وجود حسين الشحات على أقصى الجناح، لضمان توسيع الملعب وإجبار ظهير الخصم على مراقبته، وترك المساحة لعطية الله.
أداء الأهلى الهجومى يبدأ من مرحلة امتلاك الخصم للكرة بالضغط على حاملها وإجباره على الوقوع فى الخطأ، أو على الأقل التمرير فى الزاوية المقصودة من لاعبى الأهلى، وفق تكتيك كولر، والجانب الآخر، ففى حالة امتلاك الأحمر الكرة، يتم الاعتماد على خلق مساحات بين الخطوط، بتحرك إمام عاشور وعودته لعمق الأهلى وإجبار أحد لاعبى الخصم على التحرك بجواره للضغط عليه، مع انطلاق الظهير الأيسر مع الجناح الموجود فى الجبهة ذاتها، وبمجرد نقل الكرة يتحرك إمام عاشور لنفس المساحة ويحصل الفريق على أفضلية عددية أمام الخصم.
كما يلعب الأهلى هجوميًا على اختراقات الجناحين ودخولهما إلى العمق، مع استغلال تحركات وسام أبوعلى فى عمق منطقة الجزاء وتمرير الكرة له فى حالة مواجهة للمرمى.
ويعد الأهلى الأكثر جاهزية لمباراة اليوم، سواء على المستوى الفنى أو الفردى للاعبيه، لكن أبرز عيوبه تتمثل فى انطلاقات يحيى عطية الله المستمرة، وتأخر ارتداده لتأدية الأدوار الدفاعية، بالإضافة إلى أخطاء رامى ربيعة وياسر إبراهيم فى المراقبة الفردية، خاصة فى الكرات العرضية.
وإلى جانب ذلك، هناك تأخر الارتداد الدفاعى لإمام عاشور، لاعب وسط الفريق، واعتماده فقط على تأدية أدوار الخروج بالكرة وتقلص أدوار الدعم للظهير الأيسر، وكذلك تأخر ارتداد بيرسى تاو، الجناح الأيمن للأهلى، فى حالة افتقاد فريقه الكرة، وهو ما يصعب من مهمة محمد هانى الظهير الأيمن للأحمر.
فى مواجهة بيراميدز بالدور الثانى من دورى نايل بالموسم الماضى، اعتمد مارسيل كولر على اختراقات أكرم توفيق المساحات بين دفاع الخصم ودخوله فى العمق بطريقة مشابهة لما فعله مع عطية الله فى مباراة جورماهيا، لكن انطلاق أكرم توفيق هذه المرة لن يكون بغرض تسلم الكرة فى العمق وإنما لجذب انتباه الظهير الموجود وتفريغ المساحة خلفه لجناح الأهلى، لتسلم الكرة والتحرك فى المساحة.
وبالتأكيد، سيفكر كولر فى إسناد هذا الدور لأكرم توفيق فى مباراة الزمالك، لاستغلال المساحات بين مدافعى الأبيض وكذلك خلف وسط الملعب، وزيادة المساحات بإجبار المنافس الأبيض على توسيع الملعب.
كما قد يعتمد كولر على انطلاقات وسام أبوعلى فى المساحة بين قلبى دفاع الزمالك، مع استغلال المساحات بين وسط الملعب والدفاع بانطلاقات إمام عاشور، وكذلك تحركات بيرسى تاو وحسين الشحات على جانبى الملعب.
الأبيض.. الاعتماد على الضغط المتقدم والبدلاء الأقوياء
ثانيًا، الزمالك، يأتى متسلحًا بدكة بدلاء مدعومة بصفقات جديدة متميزة، يعتمد جوزيه جوميز، المدير الفنى للأبيض، على اللعب بطريقة «٤-٣-٢-١»، مع اللعب على التحولات الهجومية، بتقدم ناصر ماهر من مركز الارتكاز، لتقديم أدوار مركبة بين الدخول فى العمق واللعب كصانع ألعاب أو الخروج على الجناح الأيمن، بدلًا من أحمد مصطفى زيزو المنطلق فى العمق، لخلق جبهة بجوار محمد شحاتة، لزيادة الحلول الهجومية للأبيض.
وبجانب انطلاقات ناصر ماهر على الجناح، فإن وجوده بالقرب من منطقة الجزاء يزيد من احتمالية استرداد الفريق الكرة، وكذلك يقدم حلًا هجوميًا وهو تسديداته من خارج المنطقة مباشرة ناحية المرمى، كما أنه يفيد فى عملية الضغط على الخصم وإفشال عملية بناء الهجمة.
بالإضافة إلى ذلك، يتحرك عبدالله السعيد وأحمد مصطفى زيزو إلى عمق منطقة جزاء الخصم، لتشكيل الخطورة الهجومية على دفاعاته وحرمان لاعبيه من الخروج بالكرة والبدء فى أولى خطوات منظومة الضغط.
وفى حالة افتقاد الزمالك الكرة، يتراجع عبدالله السعيد للدعم الدفاعى مع دونجا، بجانب عودة مصطفى شلبى لدعم عمر جابر، الظهير الأيسر.
وجود عبدالله السعيد فى عمق الملعب بجوار دونجا يفيد الفريق فى موضعين، الأول هو الدعم الدفاعى، والثانى هو أن وجوده بالقرب من الكرة يزيد من احتمالية خروج الأبيض بالكرة بشكل صحيح، عن طريق تمريراته الطولية خلف مدافعى الخصم ورؤيته الجيدة للملعب، والتى يعتمد عليها جوميز فى عملية الخروج بالكرة وبناء الهجمة.
ويعتمد جوميز فى منظومة الضغط الخاصة بالزمالك على سرعة الثنائى أحمد مصطفى زيزو وناصر ماهر، بجانب وجود سيف الدين الجزيرى فى عمق منطقة الجزاء، مع ضغط كل من ناصر ماهر ودونجا على لاعبى الخصم، لإغلاق كل فرص التمرير.
جوميز سيحاول بالتأكيد استخدام منظومة الضغط الخاصة به فى مباراة الأهلى، مع إعطاء لاعبيه تعليمات بالضغط على دفاع الخصم لمنعه من الخروج بالكرة، خاصة ثنائى الدفاع، بالإضافة إلى الاعتماد على انطلاقات زيزو فى المساحة خلف يحيى عطية الله، وأيضًا التحركات العكسية للجناحين، سواء زيزو أو مصطفى شلبى.
ففى حالة الهجوم من الجانب الأيمن، سيدخل شلبى فى عمق الملعب لاستغلال المساحات خلف الظهير، والعكس صحيح مع زيزو، مع استغلال أخطاء ظهيرى الأهلى فى تغطية هذه المساحة.
ولكن يعد استخدام منظومة الضغط على دفاعات الأهلى سلاحًا ذا حدين، إذ إنه فى حالة نجاح لاعبى الأهلى فى الخروج بالكرة من ضغط هجوم الأبيض سيكون الفريق فى أزمة، بسبب تأخر ارتداد ناصر ماهر وزيزو لدعم دونجا، الذى سيجد نفسه وحيدًا أمام ثلاثى وسط ملعب الأهلى.
كما يعد تأخر عودة إمام عاشور لتقديم أدوار الدعم الدفاعى ليحيى عطية الله فى الظهير الأيسر إحدى أهم النقاط التى قد يفكر جوميز فى استغلالها، سواء بانطلاقات أحمد زيزو ومحمد شحاتة، أو بوجود ناصر ماهر فى هذه المساحة.
الزمالك، رغم فوزه فى مباراتى البوليس الكينى، ما زال يعانى على مستوى منظومة الدفاع، والضغط من الخط الثانى، أى ما بعد ثلاثى الهجوم، وعدم وجود كثافة عددية تتيح استكمال منظومة الضغط، بالإضافة إلى ضعف الأدوار الدفاعية التى يقدمها محمد شحاتة، الظهير الأيمن للفريق الذى يشارك فى غير مركزه.
وجود دونجا وحيدًا فى وسط الملعب يقلل من جودة الأداء الدفاعى للفريق الأبيض، خاصة فى حالة افتقاد الكرة، فى ظل وجود ثنائى بجواره يجيدان الأدوار الهجومية أكثر من الدفاعية، بالإضافة إلى الأخطاء الفردية للخط الدفاعى فى عملية المراقبة الفردية، وكذلك التغطية العكسية لظهيرى الجنب.
ومع وضع كل ذلك فى الاعتبار، وعلى الرغم من عيوب كلا الفريقين الدفاعية وقدراتهما الهجومية، إلا أن العامل الأساسى الذى سيكون حاسمًا لبطل السوبر هو الهيمنة على وسط الملعب، خاصة أثناء فقد الكرة، بالإضافة إلى الحفاظ على الهدوء وعدم التسرع فى اتخاذ القرارات، وبالتحديد قرارات الضغط على حامل الكرة، خاصة مع امتلاك الأهلى لاعبين يجيدون أدوارًا عديدة فى وسط الملعب بين محور الوسط الدفاعى والارتكاز، سواء فى الملعب أو على دكة البدلاء.
أيضًا دكة بدلاء الزمالك ستكون أحد أهم عوامل قوة الفريق فى المباراة، خاصة فى ظل استقرار جوميز- حتى لحظة كتابة هذه السطور- على الدفع بنفس التشكيل الذى لعب به مباراتى البوليس الكينى، وهو ما يعنى وجود الصفقات الجديدة على دكة البدلاء، والتى قد يضطر لاستخدامها أثناء سير المباراة، خاصة كونراد ميشالاك، والمهاجم الفلسطينى عمر فرج.