لبيروت.. من قلبى سلام
عندما نتكلم عن «حزب الله» فنحن نتكلم عن إيران بشكل غير مباشر، لذلك علينا، ونحن نتابع الحرب الدائرة الآن بين حزب الله وإسرائيل، أن نفتح عيوننا على العاصمة الإيرانية طهران لنعرف إلى أين ستتجه هذه الحرب، هل تذهب إلى تصعيد من «حزب الله» وأن نستعد لدفع الأثمان المطلوبة لهذه الحرب، أم تتجه إلى التهدئة وتفعيل السياسة بما يعنى ابتعاد «حزب الله» عن الحدود الإسرائيلية وإنقاذ ما تبقى من ترسانته العسكرية؟
المؤشرات التى تصلنا من طهران غامضة، فهى تلوك التصريح الذى ينجح إلى السلم ثم تنسفه فى تصريح آخر، وهو ما يعنى ارتباك «حزب الله» وتعثر خطواته فى وقت لا يجب فيه التعثر، معروف أن إسرائيل لا تحتاج إلى ذرائع كى تخوض حربًا هنا وتدير مصيبة هناك ولكنها تحتاج دائمًا إلى تجميل وجهها القبيح من خلال مبررات قد تنطلى على الرأى العام العالمى.
ومن تلك المبررات رفض «حزب الله» تنفيذ القرار الأممى 1701 الذى يقضى بضرورة ابتعاده عن الحدود الإسرائيلية وعبوره نحو شمال نهر الليطانى، وهنا مربط الفرس إذ تسعى إسرائيل إلى التوسع على حساب الأراضى اللبنانية لتنقل حدودها مع النهر وهنا تسقط حجتها التى تدعى فيها أنها تحارب بهدف تأمين حدودها الحالية وعودة مواطنيها المهجرين من شمال إسرائيل إلى بيوتهم.
لا نرى ضوء فى نهاية النفق، لأن الدائرة مغلقة إيران التى تزعم مساندتها لـ«حزب الله» قد تتخلى عنه فى أى لحظة، إذا ما ظهر لها وعد أمريكى فى السر أو فى العلن يرتبط إيجابيًا مع مشروعها النووى، و«حزب الله» الذى دفع الدماء النازفة من أجساد قياداته لا يحب السياسة لأنه يعرف أن السياسة مراوغة ومطاطة وأنها لن تعيد أمجاد الحزب فى الضاحية الجنوبية لذلك يمضى الحزب فى طريق الحرب معتمدًا على قوته الذاتية، يمضى وهو واثق أنه لن يخسر أكثر مما خسره فى الأيام الماضية، أما إسرائيل المدعومة أمريكيًا التى ترتبط مشاريع حروبها بمعتقدها اليمينى الذى يرى أن قتال العرب، أيًا أن كانت جنسيتهم فلسطينيًا أو لبنانيًا، لا فرق هذا القتال هو الطريق الوحيد لهذا اليمين المتطرف لكى يثبت شرعية وجوده فى حكم إسرائيل.
دع عنك المظاهرات شبه اليومية فى إسرائيل التى تطالب بوقف العدوان على غزة وعقد صفقة مع حماس، لأن أصوات البنادق دائمًا هى الحاكمة فى اتخاذ القرار، وسوف تخرج مظاهرات إسرائيلية جديدة تدعم بيروت وتطلب وقف إطلاق النار ولكن لن يستمع إليها أحد فى حكومة نتنياهو الذى أشعل الأرض فى الشرق الأوسط ويحاول بكل السبل تحويل الأمر إلى حرب إقليمية شاملة.
رسميًا أمريكا ترفض الحرب الشاملة وكذلك إيران لن تفعلها، ليتبقى فى المشهد بشكل عام دماء الضحايا والأرض المحروقة التى تنعى من عاش عليها، وتسير كل قوة قريبة أو بعيدة من الحدث نحو أجندتها التى ترى أنها تحقق مصالح أبناء شعبها، أما الجانب العربى وهو المفعول به دائما فهو لا حول له ولا قوة.
هى ورطة وقد حلت بالمنطقة، العدوان الإسرائيلى لا يحتاج إلى مبررات كما أسلفنا لأن إسرائيل لم تعرف حتى هذه اللحظة معنى كلمة السلام وهى كضيف ثقيل على منطقتنا العربية لا تعرف واجبات الضيف، لذلك نراها وقد احتلت نشرات الأخبار فى كل فضائيات العالم لتقدم نفسها كدولة حرب بامتياز.
نقترب الآن من عام كامل ونحن نشهد من اسرائيل الحجة تلو الأخرى بأن حروبها لا تستهدف الدول العربية وإنما حروبها موجه ضد منظمات وأحزاب وميليشيات تصفهم إسرائيل بأنهم إرهابيون، وتتعامى عن حقيقة علمية مؤكدة وهى أن أسوأ أنواع الإرهاب هو إرهاب الدولة، ولكن فيما يبدو أنها نسيت أنها عضو بالأمم المتحدة وعادت إلى طبيعتها الأولى كعصابة أو مجموعة عصابات تحالفت ضدنا.