رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوم السلام العالمى.. مصر تلعب دورًا رياديًا فى استتباب السلام إقليميًا وعالميًا

مصر
مصر

تحى مصر اليوم، جنبًا إلى جنب مع منظمة الأمم المتحدة، يوم السلام العالمي، لتطالب من خلاله باضطلاع المجتمع الدولى بمسئولياته لإنهاء الحروب الجارية وتعزيز عمليات السلام اللازمة طبقًا لقواعد القانون الدولى القائمة وتفعيلًا لمبادئ ومقاصد المنظمة العالمية.

وكانت مصر في طليعة الدول المساهمة في إحلال السلام عالميًا، بدءًا من دورها كمؤسس للأمم المتحدة، ولتجمعات الجنوب العالمى،  وعلى رأسها حركة عدم الانحياز ومجموعة الـ77 المطالبة بنظام دولى منصف عادل يحترم القانون الدولى ويحقق التطلعات التنموية لشعوب العالم أجمع، وهى الضمانة الأوثق لصيانة السلم والأمن الدوليين.

ويعد هذا الدور الرائد في جهود إحلال السلام امتد أيضًا إلى جميع الأزمات في الدول المجاورة، وعلى رأسها ليبيا والسودان والصومال من خلال الحفاظ على المؤسسات الوطنية في دول الجوار وتمكينها من أداء المسئولية المنوطة بها لخدمة لشعوبها وتحقيقًا لتطلعاتها. 

ولا تقتصر مساهمة مصر على المشاركة النشطة في جميع محادثات السلام ذات الصلة، وإنما تقوم كذلك بتسخير كل قدراتها في دعم تلك الدول الشقيقة المجاورة لتجاوز محنتها الحالية واستعادة السلام والاستقرار المنشودين.

رؤية مصر لتحقيق السلام العالمى 

أما على الصعيد المفاهيمى، فقد كانت مصر رائدة في طرح رؤية لتحقيق السلام عالميًا، إذ كانت أول من طالب بمقاربة شاملة لبنية السلم والأمن الأممية، بمكونات صنع، وحفظ، واستدامة السلام، وذلك إبان عضويتها الأخيرة في مجلس الأمن عامي ٢٠١٦/٢٠١٧ ليتجاوز تعامل المجتمع الدولى التناول الجزئى الضيق للأزمات الدولية، وعلى نحو ما ساهمت به مصر في إقامة بنية السلم والأمن الأفريقية بتلك الأركان الثلاثة. 

وكذلك لم تبخل مصر بأفكارها في طرح رؤية شاملة متسقة عن الحوكمة العالمية، إذ استضافت منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة في يوليو الماضي استعدادًا لقمة المستقبل، بعنوان "إفريقيا في عالم متغير: إعادة تصور الحوكمة العالمية من أجل السلام والتنمية". 

وتناولت استنتاجات المنتدى أولويات التعددية، والحوكمة العالمية، وأجندة الوقاية العالمية والسلام المستدام، والترابط بين السلام والأمن والتنمية، ومستقبل عمليات السلام في إفريقيا، ودور الشباب من خلال التعليم لبناء السلام. 

وفى سياق مُكمل، تشارك مصر في المجموعة الاستشارية لصندوق بناء السلام.

تكامل المنظومة الإفريقية 

وتعمل مصر على تكامل المنظومة الأممية والإفريقية لصيانة السلم والأمن الدوليين، من خلال عضويتها الحالية بمجلس السلم والأمن الإفريقي والاجتماعات التي سيعقدها تحت رئاسة مصر مع مجلس الأمن الأممى، جنبًا إلى جنب مع تكامل دور مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد الصراعات، الذي تستضيفه مصر، مع لجنة وصندوق بناء السلام الأممى، بما يعظم من الموارد المتاحة ويحقق التناغم والتنسيق المطلوبين.

ولم يقتصر دور مصر في ربط الجهود الإقليمية بالأممية على النطاق الإفريقي، فقد قامت مصر خلال رئاستها الأخيرة لمجلس الأمن في ٢٠١٦ بمبادرة لعقد أول اجتماع مشترك مع مجلس جامعة الدول العربية بمقرها في القاهرة بعد سنوات طويلة من إنشاء المنظمتين، ليستكمل ذلك التشاور بين أمانتى المنظمتين.

وعلى صعيد بناء القدرات، فقد أسست مصر مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام في عام ١٩٩٤، بهدف المساهمة الفعالة في تدريب وتأهيل الكوادر المصرية والعربية والإفريقية والفرانكفونية، سواء العسكرية أو الشرطية أو المدنية في مجال حفظ السلام الذى كانت مصر، ولا تزال، رائدة فيه وهو ما ستحتفل به مجددًا في اليوم العالمى لحفظة السلام في ٢٩ مايو المقبل.

زرع ثقافة السلام 

أخيرًا وليس آخرًا، يتم الاحتفال هذا العام تحت عنوان " زرع ثقافة السلام"، إذ تؤكد مصر-في هذا اليوم العالمي الذي تتصادف ذكراه مع مرور ربع قرن على اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة خطة عمل ثقافة السلام- أهمية الدور الذي تضطلع به منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في بناء حصون السلام في عقول البشر، وهو الدور الذي بات اليوم أكثر إلحاحًا من أي وقت مضي. 

ولقد كانت مصر من أوائل الدول المشاركة في تأسيس هذه المنظمة الدولية المهمة، وأولتها اهتمامًا كبيرًا من خلال مشاركتها النشطة في مجالسها ولجانها المختلفة، اقتناعًا منها بأن نشر السلام وتعزيز القيم الإنسانية لا يمكن أن يأتي دون توظيف التربية والعلم والثقافة والاتصال والمعلومات لتعزيز التعاون والاحترام المتبادل بين كل شعوب العالم دون تفرقة. 

وفى هذا السياق، فقد رشحت مصر الدكتور خالد العناني لمنصب مدير عام منظمة "اليونسكو" في الانتخابات المقرر عقدها العام المقبل، إذ تعول كثيرًا على شركائها وأصدقائها للحصول على التأييد لهذا الترشيح المصري، الذي تم اعتماده عربيًا وإفريقيًا على مستوى القمة.

وختامًا، وبمناسبة اليوم العالمى للسلام، تتعهد مصر مجددًا بمواصلة إسهامها الريادى في تحقيق تلك المقاصد الأممية على مختلف الأصعدة، إيمانًا منها بأهدافها النبيلة واضطلاعًا من جانبها بمسئولياتها الأصيلة. وتذكر مصر بمبادرتها إقليميًا، إذن كانت أول من فتح الباب أمام عملية السلام في الشرق الأوسط بأكمله، الذى يتحقق بتلبية حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وسائر حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف، من خلال إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. 

ولا تزال مصر تقوم بدورها الريادى لتحقيق السلام المنشود من خلال إسهامها الأصيل في الوساطة لإنهاء العدوان على غزة، إذ تشدد مصر مجددًا، بمناسبة يوم السلام العالمى، على الوقف الفورى لإطلاق النار في غزة ونفاذ المساعدات الإنسانية كاملة وإعادة الإعمار الفورية وتحقيق التسوية الشاملة بإحلال السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط.