من القصة إلى الشعر.. نظرة إلى ما وصل إلينا من الأدب بمصر القديمة
اهتم المصريون القدماء بتنمية لغتهم وصقلها، لأنها غنية بالاستعارات والتشبيهات، وكانت طبقة الكتاب هم المثقفة وعماد الأدب المصري القديم، وعلى الرغم إن ما وصل إلينا من الأدب بمصر القديمة ليس بالكثير، ولكنه كان غني بالقصة والشعر والحكم والتأملات والمساجلات الأدبية.
ونستعرض في السطور التالية، نظرة إلى الأدب في مصر القديمة، وفقًا لموسوعة مصر القديمة للعالم الأثري سليم حسن.
الكُتاب عماد الأدب في مصر القديمة
اعتبر المصريون القدماء أنه للكاتب فضل السبق على غيره من أصحاب المهن الأخرى، بل إنك لتجد فجوة كبيرة تفصل بين المصري المتعلم وغير المتعلم، ومَن يبرعْ في الكتابة ينلْ أسمى المراكز، بل لم يكن للحاكم نفسه قيمة إلا بكتابه.
ومن هنا تدرك السر في رغبة كبار الموظفين القدماء أن يصوِّروا أنفسهم في هيئة الكتاب؛ لأن الكتابة في نظرهم سلم يرقى فيه المرء إلى أقوى المراكز وأعلاها، والرجل الذي يستطيع الإبانة عما في ضميره بأسلوب جميل مهذب يجد الطريق أمامه مفتوحة لأكبر المناصب وأعلى الدرجات.
وكانت آراء الكاتب تُحترم في مجلس الشورى، في مصر القديمة، وكل قول له يجب أن يُقدر ويُميز عن العامة.
فن القصة في مصر القديمة
يعود تأليف القصص في مصر القديمة إلى قوم عرفوا ميول العامة وأذواقهم فاستهووهم بها، وإذا كانت هذه القصص قد جاءت في بعض الأحيان على شكل أساطير دينية، كأسطورة "إيزيس" و"أوزير"، وخرافة "هلاك الإنسانية"، والآلهة التي لم تستطع العودة ثانيةً إلى مصر.
ويشير العالم الأثري سليم حسن إلى أن هذه القصص عامية، خلقت للعامة لتغذية ميولهم، ولإشباع عواطفهم وأهوائهم، هذا وقد طالعتنا الكشوف الحديثة بلون جديد من القصص كان يظن أنه من اختراع اليونان، وهو القصص الخرافي الذي تدور حوادث أبطاله حول الآلهة دون البشر، إذ تم العثور على قصة للمخاصمة بين "حور" و"ست"، وكان كل أبطالها من الآلهة، وتعتبر هذه القصة تجديدًا في الأدب المصري القديم.
ومن أشهر القصص في مصر القديمة، ما وُجد في الأوراق البردية الديموطيقية مثل قصة الملك "بيتوبستس"، وحكاية رئيس الكهنة "خاموس"، وفي نهاية الدولة الحديثة نجد قصة الملك "تحتمس الثالث"، وقصة ملك الهكسوس "أبوفيس"، ومن أواخر عهد الهكسوس نطالع قصة "الملك خوفو والسحرة".
الشعر عند المصريين القدماء
تميز الشعر المصري بالصور الخيالية والأوزان الخاصة به، وإذا تكررت المقطعات، واتحدت في عدد سطورها، وتناسبت معانيها، كان ذلك علامة على أنها قصائد شعرية مؤكدًا لا نثر، وتكون القطعة عادة من ثلاثة أسطر أو أربعة، كالأمثلة الآتية:
أنت تنزل في سفينة من خشب الصنوبر
تحرك من المقدم إلى المؤخر
وتصل إلى قصرك الجميل
الذي بنيته لنفسك
وفي قصيدة أخرى:
فمك مفعم بالنبيذ والجعة
والخبز واللحم والفطير
وتذبح الثيران وتفتح أباريق النبيذ
وأمامك الشدو الجميل
كما عثر على قصيدة أخرى تقول:
ورئيس معطريك يضمخك بعطر «كمي»
وساقيك يحمل تيجان الأزهار
ورئيس فلاحيك يقدم الدجاج
وصيادك يقدم السمك.