رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ديمقراطية الرصاص فى أمريكا

دونالد ترامب الرجل صاحب السبعة أرواح ينجو للمرة الثانية فى أقل من شهرين من محاولة اغتيال ثانية، هذه المرة جاء القاتل إلى ملعب الجولف الخاص بترامب وترصده على بعد يقترب من أربعمائة متر، ومن خلال بندقية نصف أوتوماتيكية ومنظار أطلق الرجل رصاصته الطائشة، ليرد عليه أفراد الخدمة السرية برصاص أكثر من رصاصته، وتبدأ المطاردة على طريقة أفلام هوليوود الأمريكية، حتى تم القبض على الرجل الخمسينى صاحب محاولة الاغتيال الفاشلة.
بعدها يخرج مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى «إف بى آى» ليؤكد أنه فى يوم الأحد تم إطلاق النار بالقرب من ملعب الجولف الخاص بدونالد ترامب. وقال المكتب «يبدو أنه محاولة اغتيال» للمرشح الجمهورى لرئاسة الولايات المتحدة، وأضاف مكتب التحقيقات الفيدرالى، فى بيان، أنه استجاب للحادث فى مقاطعة «ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا، ويحقق فيما يبدو أنه محاولة اغتيال للرئيس السابق ترامب».
الواقعة درامية جدًا، ترامب الشعبوى الذى يملأ الدنيا صخبًا لم يجد خصومه سوى الرصاص لإسكاته؟ ولكنه نجا وتم اعتقال المشتبه به الذى يُدعى رايان والبالغ من العمر 58 عامًا، تم القبض عليه بعد توقف حركة المرور فى المنطقة، وقالت سلطات إنفاذ القانون إن الأمريكى رايان كان مسلحًا ببندقية طراز AK-47 نصف أوتوماتيكية، وكان يخطط لتصوير محاولة الاغتيال بكاميرا GoPro كانت بحوزته.
محاولة اغتيال ومحاولة تصوير عملية الاغتيال تجعلنا نسأل هل نحن بصدد فيلم أم أن الأحداث تقول ها هى أمريكا صاحبة سرديات الديمقراطية وحقوق الإنسان؟، فى البدء والمنتهى ترامب مجرد رجل من هواياته المشى فى الطريق المعاكس، وعقوبة هذه الهواية تكون بالتصويت فى صناديق الانتخابات، ليس بالرصاص والبنادق والتربص بالرجل.
بعد اعتقال المشتبه به اشتعلت مواقع البحث تفتش عن المشتبه به رايان وعن أفكاره من خلال حساباته على مواقع التواصل، ولاحظ المراقبون أن رايان قال لصحيفة «نيويورك تايمز» فى عام 2023 إنه يريد مساعدة المجهود الحربى فى أوكرانيا. أما هيئة الإذاعة البريطانية فقد أكدت أن رايان كان يسعى إلى تجنيد جنود أفغان فروا من طالبان للقتال فى أوكرانيا، وبربط حماسة رايان فى دفاعه عن أوكرانيا بتصريحات ترامب التى تذهب إلى ضرورة إنهاء هذه الحرب وأنه قادر على إنهائها، نجد أن محاولة الاغتيال لا علاقة لها بالمصالح اليومية للشعب الأمريكى، مثل العلاج وفرص العمل، ولكن تمت المحاولة لاختلاف وجهات النظر فى طريقة معالجة الحرب فى أوكرانيا.
نقول وجهات نظر، فكيف يكون الحوار النظرى طريقًا للدم والاغتيال، رايان لا يمثل الشعب الأمريكى ولا تدعمه أدبيات الحزب الديمقراطى المنافس لترامب، رايان هو صورة مصغرة لضيق الأفق على الرغم من تخطيطه الجيد لمحاولة الاغتيال، لدرجة أنه استطاع الفرار من موقع الحادث بسيارة سوداء اللون، لكن السلطات تعقبتها بعد أن نجح شاهد عيان فى تحديدها.
حتى الآن الأمور فى إطار العادى، رجل حاول حل خلافه مع ترامب بالرصاص، ولكن دعونا نرى الأمر من زاوية أخرى، تلك الزاوية التى وقف عندها إيلون ماسك الذى رد على تغريدة عبر «إكس»، وتقول التغريدة: «لماذا يريدون قتل دونالد ترامب؟»، ليرد ماسك: «لا أحد يحاول حتى اغتيال بايدن وكامالا».
هنا سوف يذهب الخيال إلى الدولة العميقة فى الولايات المتحدة الأمريكية، ونتساءل عن خصومات أو مصالح لها قد تتهدد فى حال نجاح ترامب كرئيس لأمريكا، وبالتالى هى تدافع عن مصالحها وإنهاء خصومتها مع ترامب بالاغتيال، ولكن هذا الخيال مردود عليه بأن من طارد المشتبه به فى محاولة الاغتيال الأخيرة ليس الحرس الشخصى لترامب، ولكنهم أفراد الشرطة السرية الذين هم جزء من الدولة العميقة.
على كل حال رايان صاحب محاولة الاغتيال ما زال على قيد الحياة، والتحقيقات جارية معه، وننتظر مفاجآت وتفاصيل.