31 عامًا على وفاة زكى نجيب محمود.. وهذه أبرز أعماله الفكرية
31 عاما مرت على وفاة الفيلسوف والكاتب الأكاديمي زكي نجيب محمود، الذي رحل عن عالمنا في 8 سبتمبر لعام 1993، واستطاع أن يحتل مكانة كبيرة في الوسط الأدبي والثقافي والفكري، بجانب العديد من عمالقة الأدب أمثال عباس العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم وغيرهم، فقد لعب دورًا رائدًا وحيويًا لا يقل بأي حال من الأحوال عن أي دور قام بأدائه أعظم المفكرين بالأمة العربية، فكتاباته تعد تعبيرًا عن منارة الفكر، عن الشعلة الخالدة، شعلة العقل الذي يعد أعظم الأشياء قيمة بين البشر.
كتب العديد من المؤلفات في مجال الفلسفة منها "المنطق الوضعي" و"خرافة الميتافيزيقا"، وبالإضافة إلى مؤلفاته، فقد ترجم كتبًا لفلاسفة عظام مثل برتراند راسل وديفيد هيوم، كما أرخ قصة تطوره الفكري في كتبه: "قصة نفس" و"قصة عقل" وأتم سيرته في كتاب "حصاد السنين" وهو آخر مؤلفاته.
وخلال السطور التالية؛ يستعرض "الدستور" أبرز كتبه عن الحياة الفكرية والثقافية..
"قشور ولباب"
يتحدث كتاب "قشور ولباب" عن شقين؛ الأول هو النقد الأدبى، والثانى فى الفلسفة وثورتها المعاصرة وأسطورة الميتافيزيقا وغير ذلك، ويتناول بين فصوله: الشعر وألفاظه - النقد الأدبي بين الذوق والعقل - اللحظة المسحورة - الأدب العلمي - الليلة والبارحة - العرب والأدب المسرحي - شيوخ الأدب وشبابه - الفكر العربي المعاصر - صفة المغبون - قراءة الكتب - ثورة في الفلسفة المعاصرة - أسطورة الميتافيزيقا - وجهة الفكر المعاصر - الشك الفلسفي - المدرك الحسي - عينية ابن سينا - نزعتان - في عالم الفلسفة.
تجديد الفكر العربي
وقعت الثقافة والمثقفون العرب في فخ التنافر حين تم إعلان الحرب على كل ما هو قديم، واعتباره شيئًا ولى زمانه، وانقضت أوقاته، ومات زخمه بموت رجاله من ناحية، والإقبال على ثقافة الغرب إقبال العطشى المعدمين من ناحية أخرى، ومضى زمان وكل فريق يسوق لمرِيديه ما يثبت صحةَ ما ذهب إِليه، وبين هذا وذاك ضاعت الثقَافة العربية، وتاه المثقفون وسط معركة الجديد والقديم.
وفي هذا الكتاب يحاوِل زكي نجيب محمود أن يجيب على سؤالٍ مُلِح يَبحَثُ من خلاله عَن طَرِيقٍ يَقُودُنا إِلى ثقافةٍ موحدة مُتسقة، تندمج فِيها الثَّقافة المَنقولة عن الغرب وتلك التِي ورِثناها عَن تُراثنا العربي الأصيل.
قيم من التراث
قيمة من التراث تستحق البقاء هي حقيقة توشك أن تكون واضحة بذاتها، ليست بحاجة إلى برهان يقام على صوابها، لأنها حقيقة يدركها الإنسان بفطرته إدراكًا مباشرًا، أو تكاد؛ وأعني بها أن الولد إذا أراد أن يحيا على نهج والده، فهو لا يطالب أن تجيء المحاكاة قولًا بقول وفعلًا بفعل، فذلك في منطق الحياة ضرب من المحال، فشجرة الورد تجيء على صورة شجرة الورد التي سبقتها، لكنها لا تجيء مطابقة لها مطابقة كاملة في فروعها وأوراقها وورودها؛ وإن أصحاب المعرفة بدنيا النبات ليزعمون لنا بأنك لن تجد في ملايين الملايين من وحدات النبات، ورقتين تطابق إحداهما الأخرى في كل أجزائها؛ وذلك هو سر الحياة في شتى كائناتها: أن يكون لكل كائن على حدة فردية لا يشاركه فيها كائن آخر؛ وحتى التوائم، فمهما بلغ التشابه بينهم، فيكفي لاختلافهم اختلاف البصمات.
وإذا كان ذلك هو مبدأ الحياة فى تصويرها للأحياء من أدناها إلى أعلاها، فكيف بالإنسان الذى جعله الله مسئولًا عما يفعل، لا يشفع له أن يكون قد جرى فى فعله مجرى السالفين وإذن فهي- كما قلت- حقيقة توشك أن تكون من البداءة الأولية، لا يكون المقصود بمحاكاة الآخر للأوائل، محاكاة لا تدع مجالًا للإبداع وللإرادة الحرة تختار لتقع عليها تبعة اختيارها.
المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري
يتساءل المؤلف حول موضوع حيوي طالما تساءل عنه المثقفون والمصلحون وهو كيف السبيل إلى ثقافة نعيشها اليوم بحيث تجتمع فيها ثقافتنا الموروثة مع ثقافة هذا العصر الذي نحياه بدون تنافر.. وقد أراد المؤلف في هذا الكتاب أن يقف مع الأسلاف في نظراتهم العقلية واللاعقلية كذلك، وقد وقف معهم عند لقطات التقطها من حياتهم الثقافية ليرى من أى نوع كانت مشكلاتهم الفكرية وكيف التمسوا لها الحلول، ولكن بدون معاصرتهم وتقمص أرواحهم مع الاحتفاظ بعصره وثقافته، وقد قسم الكتاب إلى قسمين؛ الأول جعله لرحلته على طريق العقل، والآخر لبعض ما رآه عندهم مجافيًا للعقل إذا بما ظنوه أعلى منه.
نافذة على فلسفة العصر
ينقسم هذ الكتاب إلى ثلاثة فصول؛ الأول بعنوان "قضايا فلسفية"، اهتم الكاتب فيه بعدد من القضايا التي أثارها في الكثير من كتبه خاصة قضيته الأثيرة لديه وهي ضرورة تبني فكر جديد يلائم عصرنا الحاضر، فالركون إلى سلفية جامدة بعيد تمامًا عن طريق الحضارة الحديثة، كما أن التغريب تضييع لذاتيتنا وشخصيتنا.
قضايا أخرى أثارها الكاتب في هذا الفصل منها تشابه الناس في هذا العصر هو آفة هذا العصر، فنظم التعليم تخرج تلاميذ متشابهين تمامًا في عقولهم وطرق تفكيرهم حتى لا تجد نابغة أو متفردًا في مواهبه من بينهم، وهذه آفة عصر كما وصفها الكاتب الكبير.
وجاء الفصل الثاني بعنوان "فلاسفة معاصرون"، تحدث فيه عن 4 فلاسفة هم: هويتهد، وأرنست كاسيرر، وبرتراند راسل، وتشارلز بيرس. شرح فيه أهم ما اهتموا به في فلسفاتهم، بينما الفصل الثالث جاء بعنوان "إشكاليات تواجه الفكر العربي المعاصر"، وفي الحقيقة فإن هذه المسألة - مسألة الفكر العربي المعاصر - تعتبر من أهم المسائل التي شغلت فكر الكاتب وأثارها في العديد من كتبه وتكاد تكون لب مشروعه الفكري.