المستقبل الآن.. ماذا يستفيد الطالب المصرى من دراسة «البرمجة»؟
توقيع عقود نهائية ومذكرات تفاهم لحزمة من المشروعات الجديدة
كثيرًا ما تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن «البرمجة»، مُلقيًا الضوء على أهميتها الكبيرة، ومطالبًا بضرورة تدريسها للطلاب كمادة أساسية فى مرحلة التعليم قبل الجامعى، فى ظل دخولها كل مجالات الحياة وقطاعات سوق العمل، بالتزامن مع تقدم تكنولوجى كبير ومتسارع ولا يتوقف فى عالمنا الراهن.
واتساقًا مع ذلك، أعلن محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، فى أغسطس الماضى، عن تدريس «البرمجة» للطلاب كمادة أساسية، اعتبارًا من العام الدراسى ٢٠٢٥/٢٠٢٦، بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فى ظل احتياج سوق العمل إليها، مشددًا على أن «تعليم الطلاب العديد من المهارات المعرفية، مثل لغة البرمجيات، هو المطلوب حاليًا للتنافس مع الدول الخارجية».
وقررت «التعليم» عقد تدريب على «البرمجة» لمعلمى الحاسب الآلى، تطبيقًا لاستراتيجية الدولة لتطوير التعليم، واستعدادًا لبدء تدريس مادة «البرمجة» فى الثانوية العامة.
«الدستور» سألت مدرسين وطلابًا ومبرمجين وخبراء تربويين عن أهمية هذا القرار، ودوره فى تطوير التعليم ونقله إلى المكانة التى يريدها الجميع، فكانت هذه إجاباتهم.
«التعليم» تنفى مد اليوم الدراسى فى الفترة المسائية ساعتين
نفى المركز الإعلامى لمجلس الوزراء صحة ما انتشر من أنباء بشأن إصدار قرار بمد اليوم الدراسى فى المدارس المطبق بها نظام الفترة المسائية إلى الساعة ٧:٣٠ مساءً خلال العام الدراسى الجديد. وأوضح المركز، فى بيان أمس، أنه تواصل مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى التى نفت تلك الأنباء، مُؤكدةً أنه لم يتم إصدار أى قرارات بهذا الشأن. وأشارت الوزارة إلى أن المدارس التى ستعمل بنظام الفترتين، فى بعض الإدارات التعليمية على مستوى الجمهورية، وفقًا لطبيعتها وظروفها، ينتهى اليوم الدراسى فى الفترة المسائية بها الساعة ٥:٣٠ مساءً، مُناشدةً الطلاب وأولياء الأمور عدم الانسياق وراء تلك الأخبار المغلوطة، مع استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية.
مُدرِّسة حاسِب: المادة الجديدة تشمل الأساسيات وهياكل البيانات وتحليل الخوارزميات
أشادت منال السيد، مُدرِّسة حاسب آلى، بحرص الدولة على تنشئة أجيال واعية قادرة على استخدام التكنولوجيا بالشكل الأمثل، وهو ما تجسد فى العديد من الخطوات، كان آخرها إقرار مادة «البرمجة» كمادة أساسية لطلاب الثانوية العامة، والذى من شأنه نقل الطالب المصرى إلى «العصر الرقمى». وأضافت مُدرِّسة الحاسب الآلى: «الطالب المصرى بطبيعته يحب استخدام الحاسوب والأجهزة الإلكترونية الحديثة، والكثير منهم بعد التخرج يرغب فى إتقان كل شىء عنها، ما يوفر عليهم تكلفة التدريبات باهظة الثمن فى هذا المجال، وينمى لديهم رغبة الاستكشاف». وواصلت: «إقرار مادة خاصة للبرمجة يجعل الطالب أكثر اهتمامًا بالاطلاع على هذا المجال والاستزادة منه، وبالتالى تحقيق أكبر استفادة بهذه المادة المستحدثة، لتتفتح آفاقه حول ما يُدرس من وسائل تكنولوجية وتقنية تناسب العصر الرقمى الحالى».
وعن طريقة تدريس المادة، توقعت أن تشمل تعليم الطلاب «أساسيات البرمجة»، غالبًا باستخدام لغات البرمجة مثل «Python» أو «Java»، إلى جانب دراسة هياكل البيانات، مثل المصفوفات والقوائم المرتبطة والمكدسات والرسوم البيانية والخوارزميات، بما فى ذلك تصميم وتحليل وتنفيذ الخوارزميات
تربويون: من أهم أدوات إعداد التلميذ للمستقبل وتأهيله لسوق العمل
وصف الدكتور عاصم حجازى، أستاذ علم النفس والقياس والتقويم التربوى بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، تدريس «البرمجة» كمادة أساسية بالخطوة شديدة الأهمية، مشيرًا إلى الإيجابيات العديدة التى يمكن تحقيقها من وراء ذلك. وقال «حجازى»: «من المهام الأساسية لوزارة التربية والتعليم إعداد الطالب للمستقبل، وتخريج جيل قادر على التعامل مع معطياته والتفاعل مع مكوناته، وإذا كانت المؤشرات جميعًا تدل على وجود ثورة رقمية كبيرة ومستقبل يحكمه الذكاء الاصطناعى، ويتجه نحو التحول الرقمى فى كل المجالات، فإن تدريس البرمجة من أهم أدوات إعداد الطالب للمستقبل». وأضاف الخبير التربوى: «من بين مهام وزارة التربية والتعليم الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وإذا كان الاهتمام بالتاريخ واللغة مهمًا للحفاظ على الهوية الثقافية، وربط الطالب بماضيه، فالاهتمام بتدريس البرمجة مهم لبناء مجتمع مواكب للتطورات العصرية، وربط الطالب بالمستقبل».
وواصل: «سوق العمل فى المجالات الرقمية، خاصة ما يتعلق منها بالبرمجة والذكاء الاصطناعى، أكثر رحابة واتساعًا، ويمكنها استيعاب أعداد كبيرة من الخريجين، وتعطى فرصًا كبيرة للنمو والتطور المهنى. كما أن تدريس البرمجة فى حد ذاته مهم لتنمية مهارات التفكير والقدرات المعرفية للطلاب، خاصة التفكير المنطقى».
وأكمل: «الدول تتجه للقضاء على الأمية الرقمية، والاهتمام بتدريس البرمجة من الخطوات المهمة فى هذا الإطار. كما أنه يضع مصر فى مراكز متقدمة على التصنيفات الدولية للتعليم، ويسهم فى جعل اتجاهات الطلاب أكثر إيجابية نحو التحول الرقمى فى التعليم، وأكثر قبولًا لأنماط حديثة من التعليم، مثل التعليم المدمج».
وأيد الدكتور حسن شحاتة، الخبير التربوى وأستاذ المناهج بجامعة عين شمس، تدريس «البرمجة» ضمن مناهج التعليم، باعتبارها من المواد التى تتفق مع عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى الحالى، ولمساهمتها فى توفير الوقت والجهد لدى مستخدميها، وكونها مادة أساسية وليست ثانوية لجميع الطلاب فى دول العالم.
وأضاف «شحاتة»: «لا بد من إضافتها إلى المواد الأساسية للطلاب، حتى تساعدهم فى حياتهم العملية والدراسية والجامعية. كما أنها أصبحت مهارة أساسية فى سوق العمل، ولم يعد أى مجال يخلو من الاحتياج إليها، على ضوء استخدامها فى كل المناحى الاقتصادية والاجتماعية».
ونبّه الخبير التربوى إلى أن تدريس «البرمجة» كمادة أساسية يتطلب إعداد معلمين متخصصين فى هذا المجال، ومن خريجى كليات التربية تحديدًا، بحيث تكون لديهم القدرة على تدريس الجانب الأكاديمى والمهنى للبرمجة.
طالبة: ينبغى تدريسها بدءًا من المرحلة الإعدادية
أيدت بسمة مسعود، طالبة فى المرحلة الإعدادية، تدريس «البرمجة» فى مناهج التعليم، مطالبة بأن يكون ذلك بدءًا من المرحلة الإعدادية، حتى يمكن تأسيس الطالب فيها بالشكل الأمثل، قبل دخوله الثانوية العامة.
وقالت «بسمة»: «كل مجالات العمل الآن تقوم على لغات البرمجة والحواسيب، ما يتطلب تأهيل الطالب وزيادة مهاراته فى هذه المجالات، حتى يمكنه مواكبة العصر الرقمى ومتطلبات سوق العمل فى الوقت الحالى، وأهمها اللغات بأنواعها المختلفة، وإتقان المهارات التقنية الجديدة».
وأضافت: «البرمجة لا تقل أهمية عن اللغة العربية، رغم صعوبتها، لكن لا بد من تدريسها فى سن صغيرة للطلاب، حتى تساعدهم على اتخاذ القرار الصحيح، عند اختيار الكلية المناسبة بعد الثانوية العامة، خاصة أن أغلب الكليات أصبحت لها علاقة بالبرمجة».
مبرمجون: تسهم فى إنشاء جيل يواكب التقدم التكنولوجى الحالى
رأى أحمد السيد، أخصائى البرمجة ومحلل البيانات، أن قرار وزارة التربية والتعليم بإضافة «البرمجة» إلى المواد الأساسية للمرحلة الثانوية خطوة فعالة لزيادة وعى الطالب وتوسيع مداركه تجاه الابتكار والإبداع، وإنشاء جيل قادر على الإبداع ومواكبة التقدم التكنولوجى.
وقال «السيد»: «يشهد العالم تطورًا تقنيًا هائلًا فى الوقت الحالى، بسبب وجود الحواسيب والأجهزة الذكية، التى أصبحت تلعب دورًا مهمًا فى حياتنا وأعمالنا اليومية، ولولا البرمجة لما كانت كل هذه الأجهزة والتقنيات قادرة على العمل بالشكل المطلوب».
وأضاف: «البرمجة عبارة عن عملية كتابة تعليمات وتوجيه أوامر إلى الحاسوب أو أى جهاز آخر، لتوجيه هذا الجهاز وإعلامه بكيفية التعامل مع البيانات، أو كيفية تنفيذ سلسلة من الأعمال المطلوبة فيما يسمى الخوارزمية؛ لذلك هى أهم العمليات الحاسوبية التى يجب تعلمها، خاصة فى ظل اتجاه الدولة لدخول العصر الرقمى بقوة».
وواصل أخصائى البرمجة ومحلل البيانات: «تدريس هذه المادة يزيد من إدراك الطلاب بأهمية كليات أخرى غير ما تسمى كليات القمة، إلى جانب توعيته بأن دراسة أساسيات البرمجة يمكن أن تساعده على التعلم الذاتى لهذا المجال، ثم العمل بشكل مستقل فيما بعد».
وأكمل: «تدريس البرمجة يسهم فى توسيع مدى التفكير عند طالب الثانوية، ومنع اقتصاره على الحفظ لكتابة ما حفظه فى الامتحانات، وذلك لاعتمادها على مشروعات يطبق من خلالها الطالب ما تعلمه بشكل عملى».
وتابع: «كما يسهم تدريس البرمجة، أيضًا، فى تطوير الذات لدى الطلاب، وإشباعها بالمعلومات وطرق تنمية المهارات والتواصل، وكيفية حل المشكلات، والوقوف على الأسباب الحقيقية لأى مشكلة، واتخاذ القرار الأنسب والأصح».
واتفق أيمن عمرانى، مبرمج وأخصائى دعم فنى للتطبيقات، على أهمية البرمجة فى الوقت الحالى، فى ضوء حاجة العالم كله إلى أجيال قادرة على استخدام التكنولوجيا والأجهزة الحاسوبية بشكل فعال، بعدما أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا ومتداخلة فى كل التخصصات.