كلام مهم عن سيارات المعاقين
تحمله فى بطنها بين حنايا قلبها تسعة أشهر، وتتحمل طفولته المرهقة ورزالة مراهقته، وحينما يصبح شابًا ترفض الحكومة أن تحمله سيارتها، ترفض الحكومة أن تحمله سيارة حديد، مجرد حديد، وكأن الحديد أغلى من لحم ودم وروح إنسانة، وعلى جانب آخر يحمل الرجل المعاق زوجته غير المعاقة فوق كتفه بكل ما يحمله الزواج من أعباء- يحمل همها ومشكلاتها وترفض الحكومة أن تحمل زوجته فى سيارته المعدة لخدمته، وتقف حائلًا ضد رغبة المعاق فى إراحة أسرته التى تسانده، وإدخال السعادة عليهم، وتوفير وسيلة انتقال تضامنية تعاونية للأسرة بأكملها.
بات لدىّ قناعة بأن الحكومة «باصة» للمعاقين فى هذه العطية- الكحكة فى إيد اليتيم عجبة- ولذلك تبحث فى إعاقة المعاق حتى تضمن وصول المنحة لمن يستحقها على طريقة الدبة التى قتلت صاحبها- بأكثر ما تبحث فى مسوغات التيسير على المعاقين- ربما بقصد أو بغير قصد، وللأسف يتمكن المتلاعبون بالبيضة والحجر من اختراق «السيستم» وخلق الثغرات.
ورغم الإعفاء من الجمارك، فإن الحكومة تثقل كاهلهم بأعباء مادية كثيرة عند ترخيص السيارة، فضلًا عن حظر التقسيط من البنوك، وهو الإجراء الذى إذا جرى سوف يغلق باب التنازل عن الإعفاء لمقتدر يستطيع الشراء الكاش.
نشرت الصحف قبل شهور عن نصاب اسمه الوكيل قيد السجن الآن، ومحكوم عليه بأحكام تقترب من ١٥٠ سنة فى قضايا نصب على معاقين كانوا يحلمون بركوب سيارة تعينهم على الحياة بالتقسيط المريح، ولكن الفهلوى حصل على مقدمات بالملايين من آلاف الحالمين بسيارة تريحهم من عناء الإعاقة الحركية، وتحول الحلم إلى كابوس إنسانى مؤلم، وبددت مدخرات لأناس ليس لديهم تراب حتى «يكحوه»، ما يستدعى من الدولة، ضمن دراساتها لوضع منظومة محكمة، أن تدرس إجراء التقسيط الميسر، ولو على سبيل المسئولية الاجتماعية للبنوك المصرية، وبنسبة ٥٪ ضمن مبادرة الرئيس السيسى- على أن يكون ذلك للقادرين على دفع الأقساط والإنفاق على السيارة- حتى نغلق باب غير القادرين على المبالغ الكاش الكبيرة، فليس معقولًا أو مقبولًا أن يحصل مواطن من المعاقين على قرار جمركى بسيارة فارهة ودخله الشهرى من معاش تكافل وكرامه لا يتجاوز ٧٠٠ جنيه.
النائبة نجلاء العسيلى، عضو البرلمان عن ذوى الهمم، تقدمت بمذكرة لدولة رئيس الوزراء وطلبت التقنين العاجل ودراسة العيوب والثغرات فى القانون لتنظيم استفادة المعاقين، وقالت إن البعض باع الإعفاء لميسورين اقتنوا سيارات لا يمكن للمعاقين شراءها، كما سيارات المرسيدس «فان بخ» وبى إم، وغيرهما من الموديلات الفخمة، وتقدمت النائبة بسؤال لوزير المالية حول القرار الأخير بوقف الإفراج عن سيارات المعاقين لحين وضع ضوابط تمكن المعاقين من الاستفادة بهذه المنحة التى تمنحها الدولة كحق للمعاقين، وليس غيرهم من القادرين مكتملى الصحة، الذين يتعين عليهم شكر الله على نعمة الصحة، وللأسف كثير منهم فيه جهات ظنوا أنها سوف تحميهم، وهو ما رفضه رئيس الجمهورية، حسبما أعلن، وصار الملف تحت إشراف الرئيس الذى يولى المعاقين اهتمامًا نبيلًا.
وعلى خلفية ما جرى تابعت تصريحات رئيس الوزراء حول التسرب الذى جرى لهذه المنحة والذى يتجاوز ٧٠٪، حسبما قال قبل أيام، ما يقتضى التوصل لنظام يستعصى على العفاريت العفركوشية المصرية، المطرودة من تجمعات الجن الكونية الذين تجمعوا فى مصر السخية بالدعم للغلابة، حتى يخترقوه ليستفيد القادرون به.
ومن دعم المعاقين المنهوب إلى دعم رغيف العيش المسلوب، الذى يقل وزنه عن ٩٠ جرامًا كما قررت الوزارة، ما يستدعى أن تتجه الحكومة لأن تمنح المواطن العيش بالكيلو وليس بنظام الأرغفة المنهوبة من فم الغلابة إلى جمرات فى جيوب سارقى الدعم، وفى السياق ذاته يتوجب على وزارة التموين تطبيق النظام ذاته على العيش السياحى والفينو- على أن يحدد سقف للربح لا يتجاوزه الخبازون، وكما يزن «المعلمين» البقسماط والباتيه والمقرمشات لا بد أن يزنوا للمواطن رغيف الفينو الممسوخ ذى اللقمة الواحدة.
ونختم بحديث عن السعادة عن وزير السعادة معالى الوزير هانى يونس، المستشار الإعلامى لمجلس الوزراء، وحامل الحقيبة دون قرار جمهورى ودون حلف اليمين الدستورية- تكفيه اليمين الإنسانية التى التزم بها منذ عرفته منذ ٢٥ عامًا تقريبًا.
على صفحته الشخصية على «فيسبوك» قرأت عن تمنيات الصديق العزيز الدكتور جمال شعبان، طبيب القلوب، بأن تخصص الدولة حقيبة لوزارة السعادة تعهد بها للصديق المحبوب هانى يونس صاحب أجمل ابتسامة فى الحكومة- يملك من الطاقة الإيجابية ما يكفى لإسعاد الملايين- نموذج يمكن أن تستخدمه الحكومة فى مصالحة الناس الذين تداوم الحكومة على استغضابهم، حكاية كلها نبل ورقى وأداء عظيم لصحفى خلوق- آمل أن تكرمه نقابة الصحفيين باعتباره واجهة مشرفة للصحافة والصحفيين.
إنه التأكيد الواقعى على حتمية وجود الخير والشر فى حياتنا- وجود هذا الإنسان الخير فى الحكومة، التى يحلم بها الناس كما كابوس مفزع قد يلطف من حدته ابتسامة الهانئ بن يونس.