رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اللواء عادل العمدة: صراعات الحدود تؤثر على مخططات التنمية واللاجئون عبء كبير على الموارد الاقتصادية والمرافق الخدمية

اللواء عادل العمدة
اللواء عادل العمدة

- المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال إن مصر تتبنى «صوت العقل» 

-  المفاوض المصرى يبذل جهدًا كبيرًا لتقريب وجهات النظر بين إسرائيل و«حماس»

- أى نجاح يطمح فيه «نتنياهو» سيكون انعكاسه سلبيًا على الأمن القومى المصرى

- مصر تعمل بشكل مكثف لحل الصراع العسكرى فى السودان دون انحياز لأى طرف من الأطراف

- القاهرة ترعى التهدئة فى ليبيا وتدعم القوات المسلحة الليبية لتأمين الاتجاه الاستراتيجى الغربى

قال اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، إن هناك تصعيدًا غير مسبوق بمنطقة الشرق الأوسط على جبهات عدة، على خلفية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة منذ أحداث السابع من أكتوبر، ما ينذر بتوسع الصراع وإشعال الإقليم بصورة تؤثر على العالم أجمع، فضلًا عن التوترات والصراعات فى دول الجوار.

وأكد «العمدة»، فى حواره مع «الدستور»، أن أعداء الدولة المصرية دبروا العديد من المكائد والمؤامرات وأشعلوا الصراعات على كل الحدود المصرية لمواجهة التنمية الاقتصادية والإنجازات التى تحققت فى السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن حجم تداعيات هذه الصراعات الحدودية المفتعلة غير مسبوق ولا تتحمله أى دولة.

 

■ بداية.. كيف ترى الصراعات الملتهبة فى الآونة الأخيرة على كل الحدود المصرية؟

- أرى أن الشعب المصرى استطاع بوعيه أن يواجه المخططات التى تستهدف الدولة المصرية بعد أن خاض تجربة ثورتىّ ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، ومع استقرار الدولة وتثبيت أركانها مرة أخرى، ودوران عجلة الإنتاج وإعادة تأهيل البنية التحتية والعسكرية وتعزيز عمق مصر الإفريقى والعربى والدولى، والعودة إلى قيادة الإقليم مرة أخرى، بدأت المؤامرات تحاك من الأعداء للنيل من الدولة ومحاصرتها، وظهر ذلك جليًا منذ حادثة مقتل الباحث الإيطالى جوليو ريجينى.

والمتابع للأوضاع آنذاك؛ لاحظ أن رئيس الوزراء الإيطالى كان متواجدًا فى مصر خلال المؤتمر الاقتصادى الذى عُقد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، قبل الحادث، وصرّح رئيس الوزراء الإيطالى بأن مصر تمثل إحدى الدول الواعدة اقتصاديًا خلال السنوات المقبلة، ويجب التعاون معها بصورة أكبر، وبالفعل بدأت وفود رجال الأعمال الإيطاليين تتدفق إلى مصر، حتى وقع الحادث الأليم، ما تسبب فى زعزعة العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبى وترويج وسائل الإعلام الغربية والأخرى المعادية للدولة روايات كاذبة لضرب مصالح مصر والتأثير عليها على المستويين الاقتصادى والدولى بادعاءات وافتراءات لا تمت للواقع بصلة.

وفى الواقع، إن الإنجازات التى تحققت فى السنوات الأخيرة على المستوى العسكرى والاقتصادى وتطوير البنية التحتية وتحويل مصر إلى مركز إقليمى لتصدير الطاقة ومحاولات تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، بخلاف تنمية سيناء- أثارت القلق لدى أعداء الدولة، وأصبحت المصالح الغربية لا تتفق مع مصلحة وإرادة مصر، ما خلق العديد من التحديات أمام الدولة، ومن ثم بدأت مكائد الأعداء تطفو على السطح، بإحداث صراعات فى الحدود الجنوبية والغربية، وتأجيج الوضع الأمنى الحدودى لمصر للضغط على الدولة، وصولًا إلى ما يحدث فى الحدود الشمالية الشرقية من إبادة جماعية بقطاع غزة.

■ ما حجم تداعيات هذه الأحداث على الأوضاع فى الداخل المصرى وعلى استكمال مسيرة التنمية؟

- بالتأكيد حجم تداعيات هذه الصراعات الحدودية المفتعلة كبير للغاية، ويؤثر على التنمية داخل البلاد وعلى اقتصاد الدولة، فمثلًا يتدفق الملايين من اللاجئين السودانيين والليبيين الهاربين من ويلات الحروب والنزاعات، إضافة إلى ضيوفنا اليمنيين والسوريين ومن دول أخرى، ما يشكل عبئًا وضغطًا على الموارد الاقتصادية والمرافق الخدمية للدولة ويكبح مسيرة التنمية الاقتصادية التى تشهدها مصر فى الآونة الأخيرة.

■ نشاهد حرب إبادة جماعية فى غزة منذ قرابة العام.. ما مدى تأثيرها على الأمن القومى المصرى؟

- القضية الفلسطينية من أولويات مصر، وتمثل أمنًا قوميًا لنا، ولن يستطيع أحد خيانة دماء المصريين التى بُذلت دفاعًا عن القضية الفلسطينية والأراضى المصرية فى الصراع العربى الإسرائيلى.

ما يحدث الآن أننا نرى دعمًا غير مسبوق من الولايات المتحدة الأمريكية للاحتلال الإسرائيلى، وهو ما بدا جليًا أمام العالم بتحريك الأساطيل البحرية الأمريكية الموجودة حاليًا فى البحر المتوسط لحماية إسرائيل مما يسمونه بالتهديدات، وهو الأمر الذى يدفعنا إلى الاستنفار والاستعداد لمواجهة أى تحدٍ تتعرض له الدولة.

نتعرض لمخاطر دفع الأخوة الفلسطينيين إلى سيناء، نتيجة الضغط العسكرى عليهم، بهدف تصفية القضية الفلسطينية، وموقفنا هنا ثابت، وأعلنته الدولة مرارًا وتكرارًا برفضه وعدم السماح به، وقال ذلك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة.

مصر هى الداعم الأول للقضية الفلسطينية، وتقدم الخدمات والمساعدات للأخوة الفلسطينيين فى ظل أزمة اقتصادية تمر بها البلاد، فضلًا عن دور مصر فى استقبال المصابين جراء العدوان الإسرائيلى ودورها الدبلوماسى لإنهاء الأزمة.

■ كيف ترى التحركات الدبلوماسية المصرية ودور الوساطة من أجل التوصل لوقف إطلاق النار؟

- مصر تتحرك فى ملف الوساطة على أكثر من مستوى من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار فى قطاع غزة، فعلى المستوى الرئاسى نرى تحركات الرئيس عبدالفتاح السيسى بفتح قنوات اتصال دائمة مع رئيس الولايات المتحدة ورؤساء الدول الأوروبية للضغط على إسرائيل للقبول بالتهدئة فى قطاع غزة.

كما يبذل المفاوض المصرى دورًا كبيرًا لتقريب وجهات النظر بين إسرائيل وحركة حماس للوصول إلى صفقة تفضى إلى وقف إطلاق النار، فضلًا عن الدبلوماسية الشعبية المتمثلة فى مجلس النواب المصرى وأعضائه.

ومصر تسعى جاهدة إلى حلحلة الموقف المتأزم من خلال العمل مع الوسطاء الآخرين؛ الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وقطر من جهة أخرى، والعمل على التوافق مع حركات المقاومة الفلسطينية لوقف إطلاق النار، إلا أن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، لديه إصرار على تفجير كل الجهود التفاوضية.

■ ما رأيك فى تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بعدم السماح بانتهاء العدوان على قطاع غزة؟

- فى الواقع، بنيامين نتنياهو يدفعه غروره لتحقيق أغراضه الخبيثة بالقضاء على القضية الفلسطينية، وأى نجاح يطمح فيه «نتنياهو» سيكون انعكاسه سلبيًا على الأمن القومى المصرى لأنه ضد الرغبة والإرادة المصرية.

ومصر وفلسطين على قلب رجل واحد للدفاع عن القضية الفلسطينية، وهذه التصريحات التى يطلقها «نتنياهو» فى كل جولة مفاوضات سببها خشيته من نهاية الحرب، لأن مستقبله السياسى سينتهى بانتهائها، وسيخضع للمحاكمات داخل إسرائيل فى اتهامه بالفساد والتسبب فى أحداث السابع من أكتوبر، وربما يحاسب على جرائمه ضد الشعب الفلسطينى أمام المحكمة الجنائية الدولية.

■ ما رؤيتك للمفاوضات من أجل التوصل لوقف إطلاق النار؟

- فى رأيى أن يواصل المفاوض المصرى حث المجتمع الدولى على تحمل مسئولياته بشأن ما يحدث فى قطاع غزة واشتعال الإقليم بأكمله، خصوصًا الدول التى تستطيع الضغط على الاحتلال الإسرائيلى والمنظمات الإقليمية والدولية التى لا تستطيع إسرائيل تجاوزها، وأقصد هنا دولًا مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، لأنها تستطيع الضغط على «نتنياهو» المتعجرف، الذى يسعى لتحقيق مخططاته على حساب القضية الفلسطينية.

■ كيف ترى تحركات الاحتلال الإسرائيلى العدوانية فى الضفة الغربية الآن؟

- الاحتلال الإسرائيلى لديه تخوفات كبيرة بعد العملية الاستشهادية التى وقعت فى تل أبيب يوم ١٨ أغسطس الماضى، وتبنى حركة «حماس» وحركات المقاومة الفلسطينية الأخرى لها، وإعلان تصعيد العمليات الاستشهادية خلال الفترة المقبلة بسبب المجازر التى يرتكبها الاحتلال الإسرائيلى فى كل الأراضى الفلسطينية، وهو ما دفع إسرائيل إلى ضرب البنية التحتية ومحاصرة المستشفيات وتجريف الطرق فى الضفة الغربية كخطوة استباقية لمنع هذه العمليات الاستشهادية.

■ هل تتوقع التوصل لصفقة تفضى لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة قريبًا؟

- أتمنى بكل تأكيد أن تسفر المفاوضات الحالية، سواء فى القاهرة أو الدوحة، عن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق نار دائم بقطاع غزة، ولكن للأسف أنا أرى أن غرور وصلف «نتنياهو» يتحكمان فى المشهد الإسرائيلى؛ فهو يعمل على استغلال المفاوضات لكسب الوقت حتى انتهاء فترة الانتخابات الأمريكية، ونجاح دونالد ترامب، ما يعزز من موقفه، لأن «ترامب» غير مقتنع بحل الدولتين ويعارض الاعتراف بالدولة الفلسطينية كاملة السيادة، ما يتوافق مع طموحات «نتنياهو» الخبيثة.

والغريب أن هذا التعنت يأتى بالتزامن مع التهاب الداخل الإسرائيلى والخسائر غير المسبوقة لجيش الاحتلال واستنزافه وانخفاض معدلات النمو الاقتصادى، فجيش الاحتلال يعتمد على تجنيد كل المواطنين من كل المهن، ما دمر العديد من الصناعات الإسرائيلية، وهذا يفسر انخفاض التصنيف الائتمانى لها خلال الفترة الماضية.

■ مصر حذرت كثيرًا من توسيع رقعة الصراع، وكانت هذه النقطة هى محور حديث الرئيس السيسى فى كل اللقاءات والاتصالات والمحافل الدولية.. هل ترى أننا نقترب من تطور ما فى الشرق الأوسط؟

- مصر تبنت صوت العقل والحكمة منذ بداية الأزمة فى قطاع غزة، ولكنها تعى تمامًا المخططات الخبيثة التى تحاك من قبل الاحتلال الإسرائيلى لإشعال المنطقة والإقليم بأكمله.

أنا أندهش، وأتساءل: كيف لإسرائيل أن تستطيع اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، فى قلب العاصمة الإيرانية، رغم كل وسائل التأمين المتبعة ولا تستطيع معرفة أماكن الرهائن أو الأسرى الإسرائيليين فى قطاع مساحته ٣٦٠ كيلومترًا؟ وهو الأمر الذى يؤكد أن بنيامين نتنياهو رجل مراوغ ولديه أطماع أخرى غير ما هو معلن فى تصريحاته اليومية، رغم ضغط أسر الرهائن الإسرائيليين بشكل يومى على عقد صفقة تبادل للأسرى وإنهاء الحرب.

■ يوميًا يقع ضحايا من المدنيين فى السودان على مدار أكثر من عام.. كيف ترى الجهود المصرية لحل الصراع القائم هناك؟

- بالطبع، مصر تعمل بشكل مكثف لحل الصراع العسكرى فى السودان؛ لما يمثله من خطورة على الأمن القومى المصرى، فالسودان امتداد مباشر للاتجاه الاستراتيجى الجنوبى، ونحن نقف بكل قوة لحماية الشعب السودانى، ونعمل على إيجاد نقطة تلاقٍ بين أطراف الصراع، ولا ننحاز إلى طرف دون الآخر، ونعمل على تحقيق توافق ينهى دائرة الصراع من خلال اللقاءات المتواصلة مع كل الأطراف.

■ كيف ترى تحركات مصر لإحداث التوافق فى ليبيا؟

- مصر ترعى فكرة التهدئة فى ليبيا من خلال أعمال التأمين المشترك بين مصر وليبيا لتأمين الاتجاه الاستراتيجى الغربى، وفى نفس الوقت تعمل على دعم القوات المسلحة الليبية، وكل محاولات وأد الفتنة داخل ليبيا، وإرساء دعائم مؤسسات الدولة الليبية من خلال خريطة الطريق التى تم توقيعها بين جميع الأطراف عام ٢٠٢٠.