رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اللواء سمير فرج: مصر تتعرض إلى مؤامرة.. وحدودنا لم تواجه هذا الشكل من الاشتعال والتهديد فى وقت واحد منذ 4 آلاف سنة

اللواء سمير فرج
اللواء سمير فرج

قال اللواء الدكتور سمير فرج، المفكر والخبير الاستراتيجى، إن الحدود المصرية لم تتعرض لهذا الشكل من التهديد منذ أكثر من ٤ آلاف عام، وهناك مؤامرات تحاك ضد الوطن، وتؤثر على خطط التنمية.

وأضاف «فرج»، فى حوار مع «الدستور»، أن ما يدور فى منطقة الشرق الأوسط من حروب وصراعات، خاصة فى قطاع غزة، سيؤدى إلى توسيع دائرة الصراع بالمنطقة، وستكون أكثر اضطرابًا، مؤكدًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لا يريد وقف إطلاق النار، خوفًا من المحاكمة، بعد فشله فى تحقيق أى أهداف عسكرية.

وشدد على أن مصر لعبت ولا تزال تلعب دورًا كبيرًا فى دعم القضية الفلسطينية، وتسعى بكل الطرق لوقف آلة الحرب فى قطاع غزة، حفاظًا على أرواح الأبرياء من المدنيين، كما تجتهد لإيجاد حل للأزمات فى ليبيا والسودان.

 

■ بداية.. كيف ترى ما يحدث حول مصر من كل الاتجاهات؟

- هناك مؤامرات تحاك ضد مصر، ولأول مرة منذ أكثر من ٤ آلاف سنة تكون كل الحدود المصرية مهددة فى وقت واحد.

لو نظرنا إلى الاتجاه الشمالى الشرقى ناحية سيناء، سنرى ما يحدث فى غزة منذ نحو عام من عمليات قتل وتدمير مستمرة يرتكبها الكيان الصهيونى ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، فى ظل التعنت الإسرائيلى أمام أى تفاوض بشأن وقف إطلاق النار.

وإذا نظرنا غربًا، سنجد أن ليبيا- منذ رحيل القذافى قبل ١٣ عامًا- تعانى من انعدام الاستقرار؛ فهناك حكومتان إحداهما فى الشرق والأخرى فى الغرب.

فى الشرق الليبى نجد أن الجيش الليبى موجود بزعامة خليفة حفتر، وفى الغرب توجد ميليشيات استعارتها تركيا من سوريا، وأصبح لتركيا هناك قاعدة بحرية وقاعدة جوية.

الأمن القومى المصرى يتأثر بعدم الاستقرار فى ليبيا.. وأود أن أشير إلى أن لدينا سادس أقوى أسطول بحرى فى العالم لحماية الاستثمارات فى البحر المتوسط، وهذا ما يجعلنا أصحاب قوة ونفوذ فى البحر المتوسط.

وإن نظرنا على الجبهة الجنوبية، سنجد أن السودان قد دخل إلى نفق مظلم، وأصبح يعيش حالة اقتتال بين العناصر العسكرية وحميدتى، وليست هناك أى مؤشرات على وقف إطلاق النار أو السعى لتحقيق السلام، وعلى الرغم من كل المؤتمرات التى عقدت فى القاهرة وفى جدة وحتى فى سويسرا لإنهاء الأزمة ووقف الصراع بين كل الأطراف، فإنه ليست هناك أى بوادر لوقف إطلاق النار.

وهناك الأزمة اليمنية التى تؤثر بالسلب على الملاحة فى البحر الأحمر، فالحوثيون يهاجمون السفن، وبالتالى فقد تأثر دخل قناة السويس وانخفض بنسبة نحو ٥٠٪، ولم يستطع التحالف البريطانى الأمريكى الفرنسى أن يتصدى لتلك الأعمال.

ومن ناحية الشمال، منطقة البحر المتوسط، نجد أن هناك تحرشًا من تركيا، بهدف الكشف عن الغاز، بعدما قامت مصر بترسيم الحدود البحرية، وأجهضت أى خطط جهزتها تركيا مع الجانب الليبى.. لذلك فالموقف مشتعل على كل الحدود المصرية، وليس فقط من ثلاث جبهات، بل من أربعة اتجاهات استراتيجية.

■ كيف أثرت هذه التحديات على ملف التنمية فى مصر؟

- على سبيل المثال، تأثرت إيرادات قناة السويس، فضلًا عن تأثر السياحة، لأن السائح سيخاف على نفسه من زيارة بلد محاط بالصراعات.

■ منذ السابع من أكتوبر يعانى الشعب الفلسطينى من هجمات إسرائيل.. كيف أثر ذلك على مصر؟

- مصر تبذل كل الجهود الممكنة فى ملف الوساطة بين حركة حماس والكيان الإسرائيلى، لكن علينا أن ندرك جيدًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لا يريد تحقيق السلام.

التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار فى غزة، يعنى أن نتنياهو سيخضع للمحاكمة من قبل المحكمة الإسرائيلية العليا؛ بسبب تقصيره فى حرب غزة التى لم يحقق فيها أى انتصار.

نتنياهو لم يستطع القضاء على حركة حماس أو تحرير الرهائن أو حتى الاستيلاء على قطاع غزة، فضلًا عن أنه يواجه ٣ قضايا فساد أخرى.

إن ترك نتنياهو منصبه سوف يدخل السجن، لذا يسعى وبكل قوة إلى تعطيل أى محاولات لتحقيق السلام لحين انتهاء الانتخابات الأمريكية؛ أملًا فى أن يفوز دونالد ترامب فى تلك الانتخابات، لأنه أكبر عدو للقضية الفلسطينية.

ترامب هو الرئيس الأمريكى الوحيد الذى نقل السفارة إلى القدس، على عكس الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن، الذى يريد الوصول إلى صفقة يجرى من خلالها إنهاء الحرب فى قطاع غزة ووقف إطلاق النار.

كل هذا يؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلى لا يؤمن بحل الدولتين، ويريد أن تستمر الأزمة لأطول وقت ممكن، حتى يصل المرشح الرئاسى دونالد ترامب إلى الحكم.

■ ما تقييمك للجهود المصرية لحل الأزمة الفلسطينية؟

- مصر تحاول بكل السبل الممكنة حل القضية الفلسطينية، وإيجاد حل عادل يحقق طموحات وآمال الشعب الفلسطينى، ويعمل على حقن الدماء وحماية الأرواح والتوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار فى كل أراضى القطاع.

ووفرت مصر معسكرى إيواء للشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، بجانب إمدادهما بالخبز يوميًا، وتستضيف ألف فلسطينى للعلاج بخلاف ذويهم من المرافقين.. خلاصة القول إن مصر قدمت للقضية الفلسطينية ما لم تقدمه أى دولة عربية أخرى فى المنطقة.

كما تتحمل مصر، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الكثير من الأعباء فى إطار مساعدة الأشقاء فى غزة؛ فقد قدمت ٨٠٪ من المواد الغذائية التى تدخل القطاع، وفقدت نصف إيرادات قناة السويس بسبب الحرب فى غزة، هذا بخلاف تأثر السياحة سلبًا.

ومصر أكبر مفاوض لإعادة الحقوق المسلوبة إلى الشعب الفلسطينى منذ أن دعا الرئيس الراحل محمد أنور السادات الفلسطينيين، بعد اتفاقية كامب ديفيد، للجلوس فى مينا هاوس للتفاوض مع الجانب الإسرائيلى، ورفضوا.. ولو جلسوا وقتها لحصلوا على الحكم الذاتى فى الضفة الغربية والقطاع، لكنهم رفضوا، لذلك مصر تسعى بكل الطرق لحل هذه الأزمة، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يرفض أى سلام.

■ كيف رأيت التصدى المصرى لمخطط تهجير الفلسطينيين؟

- مصر تقف أمام مخطط التهجير بكل قوة، وأعلنت عن موقفها من هذا الأمر بشكل واضح وقاطع؛ بأنه لا لتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه.

■ هل تتوقع عقد صفقة لوقف إطلاق النار قريبًا فى غزة؟

- لتحقيق هذا يجب أن يزيد ضغط الرئيس الأمريكى جو بايدن على الجانب الإسرائيلى الذى يستغل انشغال أمريكا بالانتخابات الرئاسية، ولا يبدى أى مرونة فى التفاوض.

■ مصر حذرت من توسيع رقعة الصراع، وتحدث الرئيس السيسى عن ذلك فى كل اللقاءات والاتصالات والمحافل الدولية.. هل ترى أن الأمور تتجه نحو الحل؟

- مصر حاولت بكل الطرق ألا تكون طرفًا فى النزاع، كما أنها حذرت من توسيع رقعة النزاع، ولكن للأسف رئيس الوزراء الإسرائيلى يرفض هذا الكلام، ويدفع باتجاه توسيع رقعة الصراع.. وإمكانية نشوب حرب إقليمية وارد.

■ كيف ترى التحركات المصرية فى ليبيا من أجل لم الشمل؟

- مصر لم توقف تحركاتها لدعم استقرار ليبيا، وعقدت مؤتمرين فى سبيل تحقيق هذا الهدف، وللأسف كل طرف متمسك بوجهة نظره، ومقتنع بأن القتال هو الوسيلة الوحيدة لتوحيد البلاد. ناهيك عن أن هناك حكومتين.. مصر قدمت كل ما تستطيع بهدف تحقيق الاستقرار فى ليبيا. 

■ ما مستقبل ما يحدث فى السودان؟

- السودان دخل النفق المظلم، ولا أحد يريد الاستجابة لمطالب وقف إطلاق النار، ونتيجة لذلك بدأت تنتشر الأمراض هناك، مثل الكوليرا، هذا بجانب انهيار سد مياه وتسببه فى غرق ما يقرب من ٢٠٠ قرية، ما خلف وراءه عددًا من القتلى، وتسبب فى تشريد آلاف الأسر، وترتب على تلك الحرب أيضًا غياب الدولة، وفى النهاية يمكننا القول إن الأوضاع فى السودان إلى الأسوأ. مصر عقدت مؤتمرين بهدف إنهاء النزاع فى السودان، وللأسف كل طرف متمسك برأيه.