الإبادة العرقية هدف الصهيونية الأمريكية
كل المؤشرات والدلائل تؤكد بما لا يدع أدنى مجال للشك أن الصهيونية الأمريكية تريد أن تقضى تمامًا على الشعب الفلسطينى من خلال ما يتم حاليًا من عمليات إبادة واسعة، سواء كانت فى غزة التى تحولت إلى ركام على قاطنيها أو ما بدأ بالفعل من خلال العمليات العسكرية الجديدة التى تمت مؤخرًا على الضفة الغربية.
هذا يذكرنا بكارثة حقيقية وهى ضياع الأندلس، فما أشبه الليلة بالبارحة.. ما يحدث الآن هو عمليات إبادة واسعة للشعب الفلسطينى وضياع أرضه وحقوقه من أجل بقاء آمن لإسرائيل بمساندة الولايات المتحدة وبمباركة المجتمع الدولى! وليس عجيبًا فى هذا الأمر أن الدولة الوحيدة فى العالم التى تتصدى لهذه الكارثة كلها هى مصر التى تحمل على كاهلها عبء عدم تصفية القضية الفلسطينية، وضرورة حصول الفلسطينيين على حقوقهم الدولية المشروعة فى إقامة الدولة الفلسطينية. المشهد بكامله يؤكد أن ما يتم هو إبادة، فبعد تدمير غزة بدأ العدوان الغاشم الإسرائيلى على الضفة الغربية.. وكل هذا من كوارث تتم على الأرض تؤكد حقيقة راسخة، وهى أن الدولة العبرية حولت الأمور برمتها إلى حرب دينية.. وتلك هى الكارثة الكبرى ذات العواقب الوخيمة.
الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية تعدت كل الحدود الحمراء، ولم يعد الصراع الإسرائيلى- الفلسطينى محصورًا فقط فى تصفية القضية الفلسطينية، كما تريد إسرائيل، ولأن المجتمع الدولى، وعلى رأسه الولايات المتحدة، لا يقف فقط متفرجًا على ما يحدث، وإنما يؤيد الصهيونية فى جرائمها البشعة بهدف التطهير العرقى للأشقاء فى فلسطين. ونستطيع أن نجزم بأن شبح الصراع بدأ يأخذ منحى خطيرًا جدًا، وهو صراع عقائدى كما تريد إسرائيل أن تصدره للدنيا كلها. وتلك مصيبة خطيرة تضرب الإنسانية فى مقتل، لأنها تحول العالم كله إلى بؤرة صراع لا يحمد عقباه.
فى الوقت الذى تبذل فيه مصر الجهود الواسعة والشاقة من أجل وقف الحرب الإسرائيلية، والسعى إلى تنفيذ هدن جديدة، حتى الوصول إلى الوقف الدائم للحرب، نجد إسرائيل تزداد جرمًا ضد الفلسطينيين من أجل إجبارهم على الرحيل وتصفية القضية الفلسطينية واحتلال المزيد من الأراضى العربية، وإلا ما تفسير ما يحدث؟
بعد اتفاق الفصائل الفلسطينية على رؤية واحدة، والاستعداد لهدنة ثم الدخول فى مفاوضات، نجد هذا التوغل الإسرائيلى البشع فى قطاع غزة، وعمليات عسكرية واعتقال المواطنين فى الضفة الغربية، وكل الجرائم التى تقوم بها إسرائيل حاليًا تعنى أنها تريد إشعال المنطقة بأسرها.
وتأتى على الجانب الآخر تصريحات الرئيس الأمريكى بايدن المتناقضة، والتى يريد بها إشعال المنطقة بشكل خطير، لأن هذه التصريحات لا تبشر بخير على الإطلاق، ففى الوقت الذى تريد إسرائيل إشعال المنطقة نجد الولايات المتحدة تزيد هذا الاشتعال بطرق أخرى، وهذا يعنى أنها تريد دخول أطراف أخرى فى هذا الشأن. وبذلك يتحقق هدف الصهيونية العالمية فى المزيد من الكوارث بالمنطقة، بما يحقق حلم الدولة العبرية الذى لا ينتهى فى إقامة دولتهم الكبرى من النيل إلى الفرات، وهيهات لهم أن يحدث فى ظل الوعى المصرى والعربى الذى يدرك كل هذه الأبعاد الخطيرة لما يحدث فى المنطقة. لكن يبقى على حكومات الدول العربية أن تكون أكثر حرصًا على ما يحدث بدلًا من الدخول فى صراعات لا نهاية ولا حصر لها وعواقبها وخيمة وكارثية.
ونحمد الله، سبحانه وتعالى، أن فى مصر شعبًا عظيمًا يتمتع بكياسة وفطنة ويدرك كل هذه الأبعاد، وكذلك قيادة سياسية تتمتع بالحكمة والرشد وتتصرف فى هذا الشأن بمهارة بالغة، وهذا ما حدث منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة فى ٧ أكتوبر الماضى، وتعاملت مع الأمور بالكياسة البالغة، ولم تُمكّن كل الأطراف المختلفة من تحقيق الأهداف الخبيثة التى تسعى إلى جر البلاد فى متاهات، بل إن الدولة المصرية فوتت الكثير من المخططات والمؤامرات التى تريد النيل من مصر. فى دائرة الصراع كانت إسرائيل والمجتمع الدولى، وعلى رأسه أمريكا، يريدان توريط مصر، لكن القاهرة تعاملت بذكاء ومهارة سياسية بالغة. ويجب أن يعرف الجميع أن مصر التى تعيش فى بؤرة ملتهبة من حولها، بعد سقوط عدة دول عربية فى براثن الفوضى والاضطراب والحرب بالوكالة. كل هذا لا يشفى غليل المتآمرين إنما العين على مصر، والله حفظها بقدرته بفضل وعى الشعب وحكمة القيادة السياسية ورشدها.
إسرائيل والمجتمع الدولى، وعلى رأسه أمريكا، أعدا العدة لنقل دائرة الصراع العربى- الفلسطينى إلى ما يشبه شبح الحرب فى المنطقة، حتى تدخل دول أخرى فى دائرته، من أجل إحلال المزيد من الفوضى والسعى بكل السبل إلى تصفية القضية الفلسطينية، وحتى ينشغل العرب بمشاكلهم فقط.. المطلوب هو الحذر من الوقوع فى الفخ الإسرائيلى- الأمريكى لأن العواقب كارثية ومخيفة.