بيتر ماهر لـ"الدستور": روايات نجيب محفوظ جسدت قهر المرأة بواقعية بدون تجميل
علي كثرة الموضوعات التي خاضها عبر إبداعه السردي، شغلت المرأة حيزا كبيرا في أدب نجيب محفوظ. وعن صورة المرأة وكيف عبر عنها محفوظ، تحدث الكاتب بيتر ماهر الصغيران، في تصريحات خاصة لـ"الدستور".
روايات نجيب محفوظ جسدت قهر المرأة بواقعية دون محاولة تجميل
واستهل “الصغيران” حديثه مشيرا إلى: “رصدت روايات كثيرة تطورات المرأة المصرية طوال القرن العشرين وتحولت إلى أفلام سينمائية”، ومن ضمنها بعض روايات الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس "لا أنام، أنا حرة، النظارة السوداء" وغيرها من الأعمال، وتحدثت أيضًا بعض أعمال الكاتب الكبير يوسف السباعي عن المرأة، ورصدت تلك التغيرات التي طرأت عليها نذكر على سبيل المثال “نادية”، ولا يمكن أن نذكر الأفلام التي تحدثت عن المرأة ونغفل فيلم بقيمة وقدر “الباب المفتوح” للكاتبة الكبيرة لطيفة الزيات.
واستدرك “الصغيران”: “لكن روايات نجيب محفوظ غاصت في الواقعية أكثر من الغوص في الحلم أو استشراف المستقبل، وجسدت قهر المرأة بكل واقعية دون محاولة تجميل أو بث أمل ما في التغيير، ورصدت مشكلات كثيرة وقليل من الطموحات، ولكن يبدو أن هناك مفهوم خاطيء عن سينما الأعمال الروائية لنجيب محفوظ حيث تصور المرأة كائن مغلوب على أمره أو كائن ماجن ولكنها كانت نظرة سطحية للأمور، لماذا؟”
وأوضح “الصغيران”: “لأن روايات محفوظ صورت نظرة الرجل للمرأة، فأغلب الأعمال كانت تؤكد أن الرجل له دورًا كبيرًا فى تلك الصورة وفي تحويلها إلى هذا الركون والكساد فى نمو شخصيتها، ولعب الإخراج السينمائي أحيانًا دور في تعظيم تلك الصورة والاكتفاء ببعض الأطروحات من أفكار العمل الروائي، ولكن حتى في ذلك فهمنا منها وعرفنا جزء ليس بالقليل عن رؤية محفوظ عن المرأة”.
البداية السينمائية لأعمال محفوظ الروائية فيلم بداية ونهاية ونموذج البطلة نفيسة التي جسدتها سناء جميل بكل براعة صورت الفتاة المغلوبة على أمرها وقدمت نظرة المجتمع لفتاة متوسطة الجمال وفقيرة، ولكن أشهر الأدوار على الإطلاق التي صورت تلك النظرة هي أمينة الدور الذي جسدته بكل اقتدار الفنانة القديرة آمال زايد والدة الفنانة معالي زايد، إذ جسدت دورها بكل ما تملك من موهبة تلقائية حتى نبرات الصوت جاءت متوافقة تماما مع الدور، بل حتى نظرات الانكسار كلما جاء سي سيد.
وعلى مستوى آخر جاءت أدوار المرأة اللعوب أو فتاة الليل مع شادية في زقاق المدق واللص والكلاب ونادية لطفي فى السمان والخريف وقصر الشوق، ثم تطورت فكرة المرأة المغلوبة على أمرها في فيلم الحب تحت المطر فتيات جامعيات مدركات احتياجات الزمن المعاصر فى حقبة السبعينات وعملن بمزاجهن مع قواد.
ولفت “الصغيران” إلى أن: “كان هناك نقلة نوعية للمرأة فى الأفلام المأخوذة عن روايات نجيب محفوظ مع أفلام مثل الكرنك سعاد حسني دور طالبة كلية الطب المناضلة التي تتكلم فى السياسة وتقف إلى جوار حبيبها حتى النهاية، كل تلك الأدوار السابقة كانت علامات مميزة فى تاريخ كل بطلة من بطلات أعمال محفوظ السينمائية”.
جاءت أدوار البعض منهن جديدة مثل دور شادية فى فيلم الطريق لأول مرة في دور شر وامرأة خائنة، حيث جاءت بمثابة أدوار تجسد فكر ازدواجية الرجل وكمراَه ترصد شكل المرأة في عيون المجتمع المصري والعربي.
في الواقع لم تقدم الحل أو شكل أو نموذج تسير عليه بالمستقبل البعيد؛ لكن مجرد الحديث نفسه وعرضه يكشف بواطن تلك الازدواجية الخبيثة لدى الرجل، وتضعه في مواجهة أمام نفسه وتجعله يسأل كيف أقهر المرأة وهي الحبيبة والزوجة والصديقة والأم والأخت والإبنة.