رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدكتور طارق فهمى: أى توتر أو قلق فى البلدان المجاورة يؤثر سلبًا على تكلفة معيشة المواطن المصرى

الدكتور طارق فهمى
الدكتور طارق فهمى

قال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الدبلوماسية المصرية تلعب دورًا كبيرًا فى احتواء كثير من التوترات والأزمات الواقعة على حدود مصر، سواء فى ليبيا أو السودان أو غزة، أو إقليم البحر الأحمر.

وأضاف «فهمى»، فى حواره مع «الدستور»، أن مصر تتحرك فى مسارات متعددة وتحافظ على ما تبقى من القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية رئيسية ومهمة ومرتبطة ارتباطًا مباشرًا بأمنها القومى، وركيزة أساسية لسياساتها الخارجية.

وتابع أن أى قلق أو توتر فى أى من دول الجوار يمثل بطبيعة الحال تهديدًا للأمن القومى المصرى، مضيفًا أن هذه التحديات تؤثر على تكلفة معيشة المواطن، وتؤثر بدورها على معدلات التنمية بشكل عام.

■ بداية.. كيف ترى ما يحدث على كل الحدود المصرية؟

- هناك ما يُسمى بالنطاقات الاستراتيجية للدولة المصرية، وهى الآن تعانى مشكلة كبيرة نتيجة التوترات المتلاحقة فى السودان ودول حوض النيل وفى غزة، وكذلك التوترات المرتبطة بإقليم البحر الأحمر ومنطقة الخليج العربى.

كل هذه النطاقات تمثل تحديات كبيرة أمام صانع القرار، ما يتطلب بطبيعة الحال إعداد استراتيجية التحرك التى تنفذها الدولة المصرية والأجهزة المعنية فى هذا الإطار، من وساطة فى مختلف الصراعات، والعمل على فرض سبل التهدئة والتفاوض واللجوء لمائدة الحوار، من أجل طرح بدائل وسبل جديدة للحل تسهم فى تهدئة الأوضاع المشتعلة، ومن ثم إرساء مبادئ الأمن والسلم الدوليين اللذين تحرص عليهما الرؤية المصرية عند تناولها أو معالجة أى تحدٍ من هذه التحديات.

■ ما التأثيرات والخسائر المباشرة لتلك الأوضاع؟

- هناك تأثيرات عديدة ليس على مصر فقط، بل على الإقليم بأكمله، منها على سبيل المثال أزمة الحوثيين وشنهم هجمات واسعة باستخدام مسيرات وصواريخ على السفن الإسرائيلية، ولم يتوقف الأمر على الهجمات، بل أقدموا على احتجاز السفن لديهم.

وبناء على هذه التوترات فى إقليم البحر الأحمر، لجأ العديد من شركات الشحن البحرى حول العالم إلى تحويل مسار رحلاتها بعيدًا عن البحر الأحمر وخليج عدن، ما ألقى بظلاله على حركة التجارة البحرية عبر قناة السويس، وأدى لتراجع إيراداتها.

وكذلك التحركات فى ليبيا أثّرت بطبيعة الحال، ولكن لوحظ أن تحرك مصر مستمر ودائم فى هذه الملفات من خلال اتصالات مباشرة ومستمرة مع ليبيا والسودان، وفى غزة هناك محاولات للوساطة، وذلك كله يأتى فى محاولة لتحجيم هذه التأثيرات والارتدادات على الأوضاع فى مصر بصورة أو بأخرى.

■ ماذا عن الخسائر أو التأثيرات غير المباشرة؟

- المقصود بالخسائر هنا ليست فقط الاقتصادية المباشرة، ولكن فكرة التعامل مع وجود تهديدات أمنية أو عسكرية أو استراتيجية، أمر له تأثيراته، فهذه التأثيرات أو التحديات كلفتها عالية وتدفعها مصر وعدد كبير من الدول داخل الإقليم، ما يؤثر بطبيعة الحال على حجم التحديات والمخاطر.

■ هل ترى أن تلك التحديات أثرت على ملف التنمية فى مصر؟

- بالفعل أى قلق أو توتر بشأن أى دولة من دول الجوار يمثل، بطبيعة الحال، تهديدًا للأمن القومى المصرى، فهذه التحديات تؤثر على حالة الاستعدادات والتكلفة العامة، وكذلك تكلفة معيشة المواطن، فضلًا عن أن أى توتر يؤثر تأثيرات مباشرة، ومن ثم يتم التأثير على معدلات التنمية بشكل عام.

■ ننتقل للحدود الشرقية وما يحدث فى قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر.. ما تأثير ذلك على الداخل المصرى؟

- منذ السابع من أكتوبر هناك تحديات كبيرة، نتابع التحركات المصرية الجارية من الدبلوماسية المصرية، وأعمال الإغاثة المكثفة التى تنفذها مصر، فكل هذه التحديات بطبيعة الحال مكلفة على مستوى الداخل.

والتحركات التى نفذتها مصر فى هذا الإطار كبيرة ومدروسة، ولكن تحتاج لجهد ورصد كبيرين ورفع لحالة الاستعداد فى الجيش، وكل هذه تكلفة تدفعها مصر، والآن نتحرك فى هذا الملف بصورة كبيرة وبجهود ظاهرة للعالم أجمع.

■ ماذا عن رؤيتك للدبلوماسية الرئاسية فى هذا الملف؟

- تحركات مدروسة ولعبت دورًا مهمًا جدًا فى ملف غزة، بالاضافة إلى أجهزة الإعلام، فعلى سبيل المثال إعلام الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أدى دورًا مهمًا، ولا يزال، وكان أول من حضر أمام معبر رفح، فلدينا أدوات سياسية وإعلامية لعبت دورًا كبيرًا فى القضية الفلسطينية.

الإعلاميون أنفسهم وقفوا أمام المعبر ليؤدوا عملهم، ولتوصيل رسالة للعالم عن حجم المعاناة التى يعيشها الأشقاء فى فلسطين.

الإعلام المصرى، وعلى رأسه قناة «القاهرة الإخبارية»، اهتم بتناول مستجدات القضية الفلسطينية ووضعها أولوية على مدار ٢٤ ساعة، على عكس كثير من القنوات العربية.

■ هل تتوقع أن تكون هناك صفقة ووقف لإطلاق النار فى غزة قريبًا؟

- سيحدث، ولكن بطبيعة الحال سيأخذ بعض الوقت، ولكن ربما تحدث التسوية النهائية والوصول إلى حل فى غزة بعد الانتخابات الأمريكية.

ومصر تتحرك فى مسارات متعددة وتحافظ على ما تبقى من القضية الفلسطينية؛ باعتبارها قضية رئيسية ومهمة ومرتبطة ارتباطًا مباشرًا بأمنها القومى، وركيزة أساسية لسياساتها الخارجية.

■ ما تقييمك للقاء الأخير بين الرئيس السيسى ووزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن؟

- الرئيس السيسى حرص على نقل رسالة حاسمة للوزير الأمريكى بضرورة إيقاف الهجوم الإسرائيلى على قطاع غزة، وحذر من أن استمراره سيؤثر سلبًا على الاستقرار فى المنطقة بشكل عام.

ورسائل مصر للإدارة الأمريكية كانت واضحة ومباشرة فيما يتعلق بالحاجة الملحة إلى إنهاء الصراع الدائر فى غزة، بجانب رفضها بشدة وجود إسرائيل فى منطقة محور فيلادلفيا، وأن لديها الإمكانات اللازمة للعب دور حاسم فى تحقيق وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى.