رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فيتاميناتك يا حكومة

ليس صحيحًا أن الحكومة قلبها قاسٍ، كما الأم صخرية القلب، جلمودية الدماغ على أولادها، صحيح أنها فارضة رسوم ومكوس وضرايب ونوايب، لكن الحكومة والله قلبها حنين ورهيف وقلبها قلب «خساية»، وهذا ما بدا لى من قرار وزير التموين الجديد الدكتور شريف فاروق، الذى أمر قبل أيام بتوزيع كميات كبيرة من فيتامينات الحديد، وحمض الفوليك والبوتاسيوم على ١٥٦ مطحنًا من مطاحن الدقيق المدعم لخلطه بالدقيق الذى ينتج منه رغيف الغلابة، وللأسف الناس دائمًا متحاملين على الحكومة وعلى رأى المثل «قلبى على ولدى انفطر وقلب ولدى علىّ حجر».

الحكومة بتوزع فيتامينات «وتحبيشات» بهدف رفع الكفاءة الجسمانية للمواطنين، ناقص توزع عليهم منشطات!

ولأن الحكومة تدرك أن هذه المنشطات عديمة الجدوى مع شعب مصر المعروف بخصوبته، لذلك فهى لا تكترث بما يتواتر من معلومات حول انخفاض استهلاك المنشطات الجنسية، وإلا وزعتها على المواطنين من خلال بطاقة التموين، كما الفيتامينات تمامًا بتمام، خاصة أن مزاج المصريين يميل إلى النوم فى العسل، على حد تعبير عمنا وحيد حامد الله يرحمه، والذى استشرف قبل ٢٨ عامًا هذه الحالة فى فيلم «النوم فى العسل» بطولة الزعيم عادل إمام. 

ورغم أن خبر الفيتامينات نُشر على استحياء ولم تحتف به برامج التوك شو، المهتمة غالبًا بأخبار الفنانين ولاعبى كرة القدم، إلا أننى ورغم علاقتى غير الطيبة المحسودة بالحكومة كان لا بد أن أحتفى بالخبر الذى تستنتج منه جنوح وجموح الحكومة باتجاه المسئولية الاجتماعية، وللوهلة الأولى كان اعتراضى الذى تعوزه المعلومات الصحية، خاصة أن حمض الفوليك على ما فهمت حسب سطحيتى مشتق من الفول «المدمس والمطعمج»، وهو الصنف المتخمة به بطون أهل المحروسة صباحًا بذلك الفول المسمارى، وظهرًا كمتحور الطعمية المقلية.

وحتى تعرف يا مواطن رهافة قلب الحكومة شوف فوائد حمض الفوليك يا جاحد، يا من لا تعرف غلاوتك عند الحكومة إلا فى أيام الانتخابات.

تؤكد الأبحاث أن تناول الفوليك له دور كبير فى تكوين خلايا الدم الحمراء، وعلاج الأنيميا كما يساعد الخلايا على النمو وعلى أداء وظائفها بشكل صحى، وفضلًا عن ذلك، فإن لحمض الفوليك دورًا بالغ الأهمية أثناء المرحلة المبكرة من الحمل، إذ يسهم فى الحد من مخاطر إصابة الأجنة بعيوب خلقية فى الدماغ والعمود الفقرى، كما يقلل من مخاطر الإصابة بالسرطان والاكتئاب.

وعلى ما يبدو الحكومة لديها معلومات كافية عن الحالة النفساوية «اللى بعافية حبتين»، وقد شعرت بوخزة ضمير، وهى محاولة لاسترضاء الغاضبين ومصالحة المواطنين المقموصين.

لكن قرار الوزير يتنافى مع المقاصد العليا للدستور، والتى تنص على المساواة بين المصريين، وهى المساواة المفقودة فى القرار، إذ خص الغلابة بدعم فيتامينى عظيم، وحرم الأغنياء الذين يفتقد أولادهم هذا الغدق الكريم، ويشكو الكثير منهم مشكلات الأنيميا وسوء التغذية رغم الوفرة المالية. هذه الحالة تذكرنى بتغطية حاجة الغلابة إبان الأزمة العالمية للسكر حينما اختفى من الأسواق وتوفر بخاصية الدعم الحكومى للفقراء. 

ومن فيتامينات وزير التموين إلى يقظة وإيجابية وزير الكهرباء الدكتور محمود عصمت، الذى حقق فى شكوى مواطن نشرت عبر صفحتى على «فيسبوك» قبل أيام، واستجلى الحقيقة، وأرسلها بنفسه للعبد لله على تطبيق واتس آب، وهو تفاعل غير مسبوق يؤكد أن الحكومة تسير فى الطريق الصحيح لمصالحة الناس والتجاوب مع مشكلاتهم وليس فقط زيادة فيتاميناتهم.