الوالدان أصل الحكاية.. سر الكتاب الأول في حياة أهل الأدب والرواية
شغف القراءة والكتاب، وعوالم المعرفة والأدب، تبدأ معنا منذ نعومة أظفارنا. من حكايات الأمهات قبل النوم، وقصص الجدات. ولا يختلف الكتاب الأول في حياة المبدعين والمثقفين عن غيرهم، إلا أنهم اختاروا مسار الإبداع.
وتستقصي “الدستور” حكايات الكتاب الأول الذي شكل عوالم الأدباء والروائيين.
الأمهات وجهن لشغف الكتاب والقراءة
بداية أشار الكاتب الروائي المستشار أشرف العشماوي إلى أن: أول كتاب اشترته لي أمي وكنت طفل في الخامسة وربما لازال في مكتبتي كان بعنوان "الأمير المسحور" من إصدارات المكتبة الخضراء، وأول كتاب اشتريته من مصروفي وانا طفل كنت في السابعة من عمري وكان مغامرات أرسين لوبين.
وهو ما يتكرر مع الشاعر سمير الأمير: “أمي كانت شغوفة بالقراءة وبتنظيم المكتبة واقتناء الجديد من الكتب”.
ومن ناحيته قال الكاتب د. زين عبد الهادي: أول كتاب اشتريته كان أظن أحد كتب سلسلة المغامرات اللص الظريف أرسين لوبين، وكان عنوانه غريب (حاميها حراميها) للكاتب الفرنسي موريس لوبلان وكنت وقتها أحب الروايات البوليسية وروايات المغامرات نتيجة قراءاتي لمجلات الكوميكس، وأظن أنني اشتريت معه رواية الرجل ذو القناع الحديدي في روايات الجيب ترجمة عمر عبد العزيز أمين.
وقالت الشاعرة د. سارة حواس: كان أبي أول من اشتري لي كتبًا منذ كنت طفلة ذات خمس سنوات أي منذ بدأت تعلُّم القراءة، اعتاد أن يقرأ لي دوما قصصا قصيرة ذات مغزى ورسالة. وكانت أمي تحكي لي حكايات قبل النوم، وقد تعلمت منها الكثير منذ نعومة أظفاري، فكانا لهما الفضل في حبي القراءة وهما أول من زرعا فيَّ حبُّ المعرفة.
وأضافت الكاتبة الروائية السورية “ريما بالي”: في طفولتي ومراهقتي لم أضطر لشراء الكتب، إذ كنت أعتمد على مكتبتنا المنزلية التي جمع والدي كتبها من كلاسيكيات الأدب والفكر العربي والعالمي، أما أول كتاب رغبت باقتنائه فقد كان "نظرية الرواية" ولم أشتره بنفسي، بل حصلت عليه كهدية من أختي وزوجها.
مجلات الأطفال محرك للقراءة
وقال الناقد سيد الوكيل: قبل أن أعرف شراء الكتب، كنت أحرص على شراء مجلتي سمير وميكي، كان فيها صفحة خاصة بالشعر باسم سمير عبد الباقي، فوقعت في غرام الشعر، وظننت أنه سمير عبد الباقي هذا صاحب مجلة سمير. وبدأت أكتب الشعر في كراسة، بالطبع كنت أقلده، وذات يوم وقعت على كتاب للشاعر محمود حسن إسماعيل، وكان هذا أول كتاب اشتريه، فأسهم في تطور علاقتي بالشعر، وما زلت اقرأه وأقف على أسراره وأكتب عنه، ولكني لا أكتبه. وبعد أكثر من 25 عاما على الأقل التقيت الأستاذ سمير عبد الباقي في أتيليه القاهرة، ظننت أنه مجرد تشابه أسماء، وحكيت له قصتي مع مجلة سمير فدمعت عيناه، وأخبرني أنه الذي كان يكتب الشعر في مجلة سمير، وأن فرح بكلامي هذا، دهشت وقبلت رأسه، وربت عليه.هذه واقعة لن أنساها.
وبدوره قال الكاتب الروائي محمد إسماعيل: بعد آخر امتحان للمرحلة الإعدادية، عدت سيرًا على الأقدام من مدرستي بالظاهر للبيت. وكان هذا بهدف المرور على مكتبات الفجالة لشراء أول كتاب لي أقضي معه إجازتي الدراسية وكان “الإلياذة” بترجمة دريني خشبة. أنا قد تأخرت في شراء الكتب بسبب وجود مكتبة والدي في غرفتي، بالأحرى كان سريري في مكتبته، مما وفر على عناء البحث وتكلفة الشراء. كما تكفلت أمي بشراء كتب طفولتي كالمكتبة الخضراء والألغاز.
وعن أول كتاب له قال الروائي حمدي الجزار: اشتريت أول كتاب وأنا في الحادية عشرة من عمري تقريبًا، كنت في الصف الخامس الابتدائي، وفي يوم سوق الأربعاء الذي يقام كل أسبوع بمدينة "البدرشين" بجنوب الجيزة، حيث وُلدتْ، ومن يد العم "علىّ". كان رجلا عجوزًا سمح الملامح، يأتي إلى السوق كل أسبوع، قائدًا عربته الكارو الصغيرة، المحملة بأجولة من الصحف القديمة، والمجلات والكتب، العم على يبيعها كورق للباعة ليستخدم في لف الكثير من السلع والبضائع التي يعرضها السوق الهائل، الممتد من المحطة في مدخل المدينة، وحتى المقابر في آخرها.
أعطيه ربع جنيه فيسمح لي بتفريغ الأجولة على الأرض، والتقليب فيها بحثًا عن كتاب أو مجلة أقتنيها، من هذه الأجولة وقعت على روايات لإحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ ويوسف السباعي، وطه حسين، ومجلات الهلال والموعد والشبكة وطبيبك الخاص والمختار من ريدرز دايجست وغيرها. بعد أكثر من أربعين عامًا ما ظلت أحتفظ ببعض هذه الكتب والمطبوعات على رفوف مكتبي، وملامح وجه عم عليّ، العجوز الطيب السمح، الذي يشبه الكتب القديمة.
حكايات الجدات
وقال الروائي مصطفي البلكي: أرجع سبب شغفي بالكتاب إلى جدتي، فهي التي ورطتني في حب الحكاية، فمنحتني سلاحا لم أفعل ما يلزم من أجل نزعه. وأعتبر هذه البداية مع السرد الشفاهي هي البداية الملكية لعشق الحكاية المكتوبة، وهذا الأمر زاد حينما رأيت مكتبة مدرسة ناصر الثانوية العسكرية بأسيوط في ثمانينيات القرن الماضي، حلمت بأن تكون لي واحدة مثلها.
ومن جانبه قال الكاتب ماجد وهيب: أول كتاب اشتريته وأنا في المرحلة الثانوية، كانت رواية الرصاصة لا تزال في جيبي لإحسان عبد القدوس، واشتريتها بسبب مشاهدتي للفيلم وحبي له وقتها، فأردت أن أقرأ الرواية، ثم توالت القراءات وتنوعت.