رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس وفد الحكومة السودانية التشاورى: مصر الجارة الوحيدة التى لا تتردد فى دعمنا

محمد بشير عبدالله
محمد بشير عبدالله

كشف رئيس وفد الحكومة السودانية للتشاور مع الوفد الأمريكى فى جدة وزير المعادن السودانى، محمد بشير عبدالله أبونمو، عن أن جرائم الدعم السريع تضمنت الاتفاق مع مرتزقة من غرب إفريقيا لإسقاط الدولة من أجل نهب ثروات السودانيين، ونقلها إلى دول مجاورة.

وأكد «أبونمو»، فى حواره لـ«الدستور»، أن مصر هى الجارة الوحيدة التى لم تتردد فى تقديم الدعم المستمر للسودان فى محنته، هذا غير عبء استقبال مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين الهاربين من الحرب، مشيرًا إلى رفض الحكومة السودانية المشاركة فى مفاوضات جنيف كونها تنصف فصيلًا دون آخر، فى إشارة إلى «الدعم السريع»، وتتجاوز ما تم التوافق عليه فى منبر جدة.

■ لماذا رفضت حكومة السودان المشاركة فى مفاوضات جنيف؟ 

- المفاوضات، عادة، لها أطراف للصراع ووسطاء، واختيار الزمان والمكان والأجندة شأن تنسيقى يتم بموافقة الأطراف، ويسبق الإعلان عنها، أما ما جرى فى جنيف فكان تنفيذًا لرغبة أحد أطراف الصراع مع حليفه الرئيسى، بمساندة واضحة من أحد الوسطاء، والأمر لا علاقة له بمفاوضات، وإنما كان نوعًا من الهروب وكسب الوقت لتجاوز التزامات اتفاق جدة الموقع فى مايو ٢٠٢٣. 

■ ما أبرز الشروط التى تتمسك بها الحكومة خلال التفاوض؟ 

- نحن جاهزون بوفد يمثل الحكومة السودانية للمشاركة فى أى زمان ومكان، وشرطنا الوحيد لبدء أى تفاوض مع الطرف الآخر هو التنفيذ العملى لمقررات اتفاق جدة، ومن ثم التقدم بأى خطوة أخرى للأمام من أجل تحقيق السلام الدائم. 

■ ما الانتهاكات التى ارتكبها الدعم السريع بحق المدنيين؟

- ٨٠٪ من الحرب التى يشنها الدعم السريع الآن تستهدف المواطن وممتلكاته، وبالتالى هى انتهاكات واضحة ضد المدنيين، بدءًا من الاستيلاء والسكن فى دور المواطنين فى العاصمة والأقاليم التى استولى عليها الدعم السريع، فى مدنى ونيالا وزالنجى وسنجة والجنينة.

وعندما يفشل الدعم السريع فى الاستيلاء على المدن، نتيجة لاستبسال الجيش والقوات المشتركة والمستنفرين، تقصف من بعيد تجمعات المواطنين والمستشفيات والمدارس فى هذه المدن وتتسبب فى موت العشرات كل يوم، وذلك لتهجير المواطنين قسريًا من هذه المدن، وللأسف كل هذه الجرائم موثقة ولا تجد الإدانة الكافية من المجتمع الدولى والوسطاء.

■ لماذا تصر الولايات المتحدة الأمريكية على عقد مسار جديد فى جنيف بدلًا من مسار جدة؟ 

- هذا سؤال وجيه، وجّهناه للمبعوث الأمريكى الخاص للسودان فى جدة، توم بيريلو، ولم نجد منه الإجابة الشافية.

قناعتنا أن الوسيط الأمريكى يهدف بهذا التصرف للانفراد بالقرار فى المنبر الجديد، ومحاولة تجريد المملكة العربية السعودية من دورها فى الوساطة المشتركة التى كانت سائدة فى جدة، وأوكلوا لها دورًا هامشيًا فى المنبر الجديد، وهو الاستضافة المشتركة مع الحكومة السويسرية، وهو أمر مؤسف. 

■ لماذا تتمسك الحكومة السودانية بمسار جدة وترفض الانخراط بمسار آخر مثل مفاوضات جنيف؟ 

- الأمر ليس التمسك بمنبر محدد ورفض غيره، كل ما طالبنا به هو أن تتم مشاورتنا وإقناعنا بأى خطوة مقترحة من الوسطاء بأى أمر يختص بالتفاوض، سواء كان الزمان والمكان والأجندة، باعتبارنا طرفًا أساسيًا فى المفاوضات، ولكن الطرف الأمريكى يريد تغيير المنبر إلى بلد جديد واختيار المراقبين فى هذا المنبر دون الاتفاق مع الحكومة السودانية.

بمعنى آخر، أمريكا تريد أن تفرض ما تريد من أجل تحقيق أهداف غير معلومة لأصحاب الشأن وهم السودانيون، وبالتأكيد هذه الأهداف لا علاقة لها بالسلام الذى ينتظره الشعب السودانى.

■ هل جرى حصر خسائر السودان بسبب جرائم الدعم السريع؟

- خسائر حرب السودان يصعب تقديرها الآن بالأرقام، وربما يصعب حتى تخيلها، لأنه لا يمكن أن يتخيل أى شخص بعيد عن السودان ما حصل من تدمير ونهب كالذى حصل فى السودان.

جرى تدمير كل مرافق الدولة والوزارات والمصانع والجامعات، ونهب وحرق المراكز التجارية والأسواق بشكل ممنهج، وهدم الأبراج السكنية والتجارية وإتلاف وتدمير المتحف القومى ومراكز البحوث وحرق كل مكتبات الجامعات بشكل مقصود.

بعد ذلك، جرى نهب كل العربات الخاصة والعامة بالعاصمة والمدن التى استولوا عليها فى الأقاليم، وتجريد المكاتب التجارية والحكومية من كل أثاثها وتحميلها بالناقلات المنهوبة وتسفيرها إلى غرب إفريقيا.

ومن الطرائف المضحكة والمبكية فى نفس الوقت منظر طائرة هليكوبتر جرى شحنها فى إحدى الناقلات وعبروا بها الحدود نحو الجارة تشاد، وهو منظر مألوف تداولته المنصات.

باختصار، الميليشيا المجرمة حشدت مئات الآلاف من المرتزقة من غرب إفريقيا، واتفاقها مع هولاء المرتزقة هو تسليحهم للقتال والدخول بهم إلى المدن فى السودان وإسقاطها ثم نهب هذه المدن من عربات وأثاث وبيوت ومكاتب، وفك ماكينات المصانع وشحنها والرجوع بها إلى بلادهم.

والأسوأ من كل هذا أن جحافل المرتزقة عادوا إلى بلادهم بالمئات من بنات السودان كسبايا، وهى جريمة لم تُرتكب فى العهد الحديث إلا فى حرب الميليشيا الآن فى السودان ممن يطلق عليهم «عربان الشتات» القادمين من عدة دول فى غرب إفريقيا.

■ كيف تتعامل الحكومة السودانية مع انتشار الأوبئة والأمراض؟

- وزارة الصحة فى تواصل مستمر مع الدول والمنظمات المعنية لتقديم الدعم المطلوب، وهناك استجابات من العديد من الدول والمنظمات حتى الآن، ولكن الفجوة كبيرة والأمل معقود بتلقى المزيد من العون من المجتمع الدولى. 

■ كيف دعمت مصر السودان فى مواجهة التحديات التى تمر بها؟

- مصر الشقيقة هى الجارة الوحيدة- إذا استثنينا الشقيقة إريتريا- التى لم تتردد أبدًا فى تقديم الدعم المستمر للسودان فى محنته، هذا غير العبء الثقيل من استقبال مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين الهاربين من الحرب، ويضاف إلى هولاء مئات الآلاف الذين يملكون عقارات فى مصر، ذهبوا وسكنوا فى مصر فى بيوتهم بعد الحرب.

وقد حضرت اجتماعًا فى الأيام القليلة الماضية دُعِى له رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، وأشاد بموقف مصر الصامد والمساند للشعب السودانى فى مأساته التى تسبب فيها وكان من وراءها بعض الأشقاء للأسف الشديد، وشتان بين مصر المؤمنة وهؤلاء. 

■ كيف انعكست الأزمة فى السودان على دول الجوار؟

- دول الجوار أدرى بتأثير الأزمة عليهم، ولكن المؤكد أن الانعكاسات كلها سلبية، مع أن بعض دول الجوار أسهمت بالعدوان على السودان من خلال فتح حدودها ومطاراتها لإمداد الميليشيا بالمؤن والمرتزقة العابرين للحدود. 

■ كيف يخرج السودان من هذا النفق المظلم؟

- الحل هو تراجع الميليشيا المتمردة وداعميها، بعد أن فشلت مخططاتهم بالفعل، وعليهم الاستماع لصوت العقل والإقرار بفشل كل السيناريوهات المرسومة للاستيلاء على السلطة أو غزو السودان وإقامة «دولة العطاوة» العنصرية القائمة على الميليشيا، والجلوس مع الحكومة للوصول إلى السلام الذى يرضى الشعب السودانى وينهى أى وجود لميليشيا الدعم السريع فى السودان.