وزير الأوقاف: المرأة الفلسطينية فى مقدمة نساء العالم صبرًا وصمودًا
قال الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، إن المؤتمر الدولي الخامس والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف وهو المؤتمر الأول للواعظات وعنوانه "دور المرأة في بناء الوعي".
وأضاف الأزهري خلال كلمته بالجلسة الافتتاحية: يسعدني ويشرفني بداية أن أنقل لحضراتكم جميعًا تحيات الدكتور المهندس مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء الموقر والذي شرفني بالإنابة عن سيادته في افتتاح هذا المؤتمر وفي أن أنقل لحضراتكم ترحيبه الحار وخالص دعمه وأمنياته لمؤتمرنا هذا كل التوفيق واسمحوا لي أن أوجز كلامي في عدة نقاط.
والتي جاءت كما يلي..
الأولى: قبل 135 سنة من الزمان وفي شهر سبتمبر 1889 من الميلاد الموافق سنة 1336 من الهجرة انعقد مؤتمر علمي مشابه لمؤتمرنا هذا ووفد إلى ذلك المؤتمر وفد مصري من علماء مصر ورجالاتها العظماء، وكان منهم العالم الأزهري الجليل الأستاذ الشيخ حمزة عبدالله المفتش الأول للعلوم العربية بوزارة المعارف المصرية، وقدم ذلك العالم الجليل ورقة بحثية ممثلة في كتاب من تأليفه اسمه باكوره الكلام على حقوق النساء في الإسلام وقد حظي هذا الكتاب بترحيب وتقدير دولي رفيع ما دفع دولة الوزير مصطفى رياض باشا رئيس مجلس الوزراء المصري في ذلك الوقت أن يأمر بطباعة هذا الكتاب ليكون أثرًا علميًا مصريًا خالدًا وباقيًا وليخرج للتاريخ نسخة منيرة نذكرها اليوم ونشيد بها وكأن مؤلفه حي بيننا يشاركنا اليوم في مؤتمرنا هذا دور المرأة في بناء الوعي.
لم يكن هذا إسهامًا مصريا فقط، بل كان عملًا نشترك فيه جميعًا كمسلمين لنقدم للعالم رؤيتنا لتكريم المرأة وتعزيزها بما يعبر عن المسلمين جميعًا في العالم، ويتجدد بنا اليوم العهد بهذه المعاني لننسج على منوال ما سبق.
والقضية الثانية: يمضي زمن وتأتي سنة ثماني وتسعمائة وألف من الميلاد قبل قرن وثلث من الزمان وتعاني جامعة القاهرة معاناة كبيرة حينئذ لعدم وجود مقر لها وتعثرت إجراءات تأجير مقر مؤقت، فعلمت الأميرة الكريمة فاطمة إسماعيل بهذا فقررت التبرع حينئذ بستة أفدنه لإنشاء مباني الجامعة الأهلية وأوقفت ستمائة وستين فدانًا من أجود الأراضي المزروعة ليدخل إيرادها إلى ميزانية الجامعة وتحملت سائر تكاليف البناء، وتبرعت بجواهرها وحليها النفيس لبناء المقر الجديد للجامعة.
وأوكلت الجامعة حينئذ الدكتور محمد علوي باشا في عملية بيع مجوهراتها، فباعها وضخ المبلغ المتحصل منها في ميزانية الجامعة، ولم يقف دعم الأميرة للجامعة عند هذا القدر بل تحملت نفقات وضع حجر أساس الجامعة والذي كان سيحمل الجامعة نفقة باهظة خصوصًا أن الخديو عباس حلمي الثاني أعلن عن أنه سيحضر حفل الافتتاح وكتب أمير الشعراء أحمد شوقي حينئذ قصيدة عصماء في هذا الحدث وفي تلك الأميرة، وإلى يوم الناس هذا تبقى في جامعة القاهرة في كلية الآداب نقش على مدخل كلية الآداب "هذه من آثار حضرت صاحبة السمو الأميرة فاطمة إسماعيل" ونحن اليوم في مؤتمر دور المرأة في بناء الوعي، نقدم تحية إكبار لروح هذه الأميرة الجليلة التي صنعت الوعي في أجل صوره، حيث أنشأت مباني الجامعة الصانعة للعقول.
وأوضح وزير الأوقاف أن المؤتمر يدور حول ستة محاور:
المحور الأول: دور المرأة في بناء الوعي الديني.
المحور الثاني: دور المرأة في بناء الوعي الثقافي.
المحور الثالث: دور المرأة في خدمة المجتمع.
المحور الرابع: دور المرأة في بناء الأسرة وتنشئة الطفل.
المحور الخامس: دور المرأة في تعزيز قيم التسامح والتعايش وصنع وبناء السلام.
المحور السادس: التجربة المصرية في تمكين المرأة.
وقال الأزهري، إنه في محاور السداسية ستدور أبحاث المؤتمر وأطروحاته ومناقشاته وسوف نوصل معًا المعاني والآفاق الكريمة التي نريد إيصالها للعالم من اعتزازنا بالمرأة وتكريم ديننا الحنيف لها والإبانة عن دورها الجليل تاريخًا وواقعًا ومستقبلًا في صناعة الوعي وفي خدمة المرأة لديننا ووطننا والإنسانية كلها.
القضية الثالثة في هذا المؤتمر، السيدة الجليلة الكريمة حرم رئيس إندونيسيا الأسبق الرئيس عبدالرحمن واحد والتي أرحب بها ترحيبًا خاصًا، وأعرب عن سعادتي البالغة وسروري بتشريفها لنا اليوم، وأشكرها لقبول دعوتنا لحضور المؤتمر، حيث قامت بدورها الوطني سيدة أولى، ثم قامت بدورها الإنساني راعية لمبادرات إنسانية وأعمال خيرية ممتدة لمختلف أنحاء إندونيسيا، فهي رمز نسائي جليل يقدم للعالم صورة مشرفة للمرأة المحبة لوطنها المؤمنة بالإنسان مهما كان عرقه ودينه، فكل التقدير والود والاحترام.
القضية الرابعة: كم ربط القرآن الكريم وجداننا جميعًا كمسلمين بالسيدات العظيمات، فكم حدثنا عن حواء عليها السلام وعن بنات سيدنا لوط وعن سيدتنا سارة، وكم حدثنا القرآن عن سيدتنا هاجر وكم حدثنا عن أم موسى، عن أخت موسى وعن زوجة موسى وعن امرأة عمران وعن امرأة أيوب وعن مريم ابنة عمران وعن ملكة سبأ وعن صاحبة سورة المجادلة وسيدات البيت النبوي من أمهات المؤمنين، وحديث القرآن عنهن في سورة الأحزاب حتى نصل إلى سورة أخرى كاملة من سور القرآن الكريم سميت باسم امرأة وهي سورة المجادلة إلى أن يتوج القرآن الكريم ذلك بقوله جل جلاله "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"، ثم يأتي الهدي النبوي الشريف في قوله صلى الله عليه وسلم "اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا" وفي قوله "خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي" وفي قوله "النِّساءُ شقائقُ الرِّجالِ" وفي قوله صلى الله عليه وسلم "فإنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بأَمَانِ اللهِ" وفي قوله صلى الله عليه وسلم "أُحَرِّجُ عليكم حقَّ الضعيفينِ: اليتيمُ، والمرأةُ" مع إجلال الشرع لقدر الأم وهذا نداء السماء في وجداننا شاهد علينا بما ينبغي أن نتخلق به في معاملة المرأة وفي دعم القيام بدورها ورسالتها على أكمل وجه.
القضية الخامسة: إذا كان المؤتمر عن المرأة ودورها في بناء الوعي، فإن المرأة الفلسطينية في مقدمة نساء العالم صبرًا وتحملًا.
وقال وزير الأوقاف إن المرأة الفلسطينية في مقدمة نساء العالم صبرًا وتحملًا وصمودًا، وقد حفرت في وعي الأجيال المتعاقبة اسم فلسطين، وإن هذا الاسم لن يمحوه عدوان صارخ ولا قتل ولا حصار ولا تجويع ولا إبادة ولا تنكيل، وقد تحملت المرأة الفلسطينية مرارة فقد الزوج والأب والأهل، ومرارة ثكل الولد وقامت وما زالت تقوم ببناء الوعي في الأجيال على الثبات على الأرض، وعدم قبول التهجير والنزوح، وتقدم الابن تلو الآخر شهيدًا فداء للأرض والوطن، فتحية احترام وإجلال لهذه المرأة العظيمة.
وتابع: "بكامل الوفاء والاحترام والإكرام حتى تنحسر معدلات الطلاق وتزول كافة صور الانتقاص والأذى والتعدي لفظيًا ومعنويًا على المرأة، حتى تستقر الأسر وتسكن النفوس وتأتلف القلوب وتؤدى الحقوق وتعمر الأوطان، وأجدد الترحيب الحار بحضراتكم جميعًا في بلدكم الثاني مصر داعيًا لكم بطيب الإقامة، متمنيًا لكم سلامة العود إلى أوطانكم".