رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمن والأمان فى زمن السوشيال ميديا

مع التطور الرقمي المتسارع في مصر خلال السنوات الأخيرة، وإنشاء العديد من الوزارات والجهات الحكومية صفحات لها على مواقع التواصل الاجتماعي للتفاعل مع المواطنين وحل مشكلاتهم، لاحظت تفاعلًا مكثفًا من قبل الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية بشكل خاص مع كل ما ينشر على السوشيال ميديا، سواء قُدمت لها بلاغات رسمية أم لا. تهتم الوزارة بمتابعة الجرائم التي ينشرها المواطنون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتقوم بالتحقيق فيها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بما يحقق الأمن والاستقرار.

خلال اليومين الماضيين، وبينما كنت أتصفح فيديوهات السوشيال ميديا وأتنقل بين فيسبوك وتيك توك وإنستجرام، لاحظت فيديو لأحد الأشخاص يتحدث فيه عن سيارة نقل ثقيل تسير بسرعة جنونية على إحدى الطرق الرئيسية بالقاهرة. ظهر الرجل وهو يعبر عن غضبه مما يفعله قائد السيارة، وشرح الوضع بأن تلك السيارة تسير بسرعة مفرطة في منتصف الطريق، دون أن تعير السيارات المارة بجوارها اهتمامًا. والأسوأ من ذلك أن قائد السيارة كان يتحدث في هاتفه المحمول أثناء القيادة، وكانت السيارة بلا لوحات معدنية وعليها رمال ومواد بناء تتطاير على السيارات المجاورة، مما يعرض حياة المواطنين للخطر. تساءلت بيني وبين نفسي عن تلك الواقعة، وقلت لو رصدت وزارة الداخلية تلك الواقعة لتحركت على الفور وتمكنت من خلال الأجهزة الحديثة من التوصل للسيارة وقائدها، ولكن هل الوزارة فعلًا تتابع كل هذه الصفحات؟ وهل يمكنها تتبع كل الفيديوهات والمشاكل؟

وبصفتي متابعًا للملف الأمني والقضائي، وبينما كنت أتابع صفحة وزارة الداخلية على فيسبوك، فوجئت برؤية نفس السيارة التي ظهرت في الفيديو السابق. أرفقت الوزارة تعليقًا مفصلًا حول الواقعة، تضمن كشف ملابسات تداول مقطع الفيديو عبر "فيسبوك"، والذي أظهر سير سيارة نقل "بدون لوحات معدنية" برعونة على الطريق الدائري بمنطقة البساتين بالقاهرة وتساقط أجزاء من حمولتها على الطريق. وأوضحت الوزارة أنه تم تحديد وضبط السيارة وقائدها، الذي تبين أنه مقيم بالبساتين، وتبين ارتكابه مخالفات تتضمن عدم حمل رخصة قيادة، وتجاوز السرعة المقررة على الطريق، وعدم تشميع الحمولة، والقيادة بدون لوحات معدنية، والقيادة برعونة مما عرض حياة المواطنين للخطر. وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال قائدها.

لا تكتفي الوزارة بما ينشر على الصفحات، بل تتفاعل مع المواطنين من خلال التعليقات، وتحثهم على تقديم الشكاوى الخاصة بهم من خلال رابط الشكاوى الخاص بالوزارة، وترسل لهم الرابط مباشرة. ولم تكن تلك الواقعة هي الوحيدة التي شهدتها على مدار السنوات الماضية، بل بصفة دورية وشبه يومية، تصدر وزارة الداخلية بيانات تعلن فيها عن كشف ملابسات فيديو أو منشور تم تداوله على الفيسبوك أو مواقع التواصل الاجتماعي، وتبين ما توصلت إليه من خلال ضباطها على مستوى الجمهورية والتحريات التي تجريها للوقوف على الأسباب والجرائم التي ارتكبت، وتعلن عن التفاصيل والإجراءات القانونية التي اتخذتها.

تحرص الوزارة على التفاعل مع المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتلعب دورًا كبيرًا في كشف الحقائق، وهي سُنة حسنة تستحق الشكر والتحية لما تقوم به. إن هذا التعاون بين المواطنين ووزارة الداخلية يمثل نموذجًا يحتذى به في مكافحة الجريمة، ويؤكد على أهمية دور التكنولوجيا في تحقيق الأمن والأمان للبلاد.