رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفردوس على شكل مكتبة

سعدت بالمبادرة التى أطلقتها جريدة «الدستور»، التى ستوفر عشرة كتب يوميًا لعشرة قراء، بواقع ١٠٠ كتاب أسبوعيًا، وسعدت بتجاوب دور النشر لها، أولًا لمعرفتى بتعطش الناس للقراءة، خصوصًا الشباب، الذين يجدون صعوبة فى اقتناء الكتب بسبب ارتفاع الأسعار، وأتمنى أن تظهر مبادرات أخرى فى الأقاليم، التى يحتاج شبابها من يوفر لهم الكتاب دون أن يضطروا للمجىء إلى القاهرة ويتحملوا مشقة السفر وتكاليفه.

ونعرف جميعًا حاجتنا للثقافة والمثقفين، الذين يشكلون حائط الصد فى مواجهة المتطرفين من جهة، ومن جهة أخرى إفشال مخططات تجريف مصر وصناعة نخبة جديدة على مزاج مستهدفيها.

يستشهد كثيرون بما جاء فى تقرير التنمية الثقافية الصادر عن مؤسسة الفكر العربى لعام لعام ٢٠١١، الذى جاء فيه أن المواطن العربى يقرأ بمعدل ٦ دقائق سنويًا، بينما يقرأ الأوروبى بمعدل ٢٠٠ ساعة سنويًا، فى حين أن أحدث قائمة خرجت عن اليونسكو قبل عامين بمناسبة اليوم العالمى للكتاب فى أبريل بالدول التى أنتجت كتبًا، التى تصدرتها الصين، جاءت مصر فى مكان لا بأس به ولكنه أقل من حجمها ومكانتها، متقدمة على أستراليا والنمسا والبرتغال والمكسيك وإسرائيل واليونان وجنوب إفريقيا.

بالطبع نتمنى أن نكون فى مكان أفضل، لأننا نملك المبدعين ولنا تاريخ عظيم فى صناعة الكتاب، ولكن النبرة التشاؤمية التى تتنامى فى أوقات الأزمات تسبب الإحباط.

نحن نفتقد بالطبع المطبوعات العراقية والسورية، وتراجع النشر اللبنانى لأسباب نتمنى أن تزول قريبًا، ولكن حركة النشر صامدة فى مصر وتتنامى فى بلدان أخرى، مثل الإمارات والسعودية والكويت وتونس والمغرب، عشرات الناشرين يدخلون المجال سنويًا، والنشر الحكومى لم يتوقف عندنا رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، من الكتب الجميلة التى تناولت الموضوع كتب الأرجنتينى ألبرتو مانجويل «تاريخ القراءة» «يوميات القراءة»، «الفضول»، هو يقتفى آثار النصوص المكتوبة والمقروءة والمطبوعة عبر مختلف العصور التاريخية، بحث عنها فى الكثير من مكتبات العالم، ويروى قصة علاقته بالكاتب الأرجنتينى العظيم بورخيس، الذى كان يعتبر الكون مكتبة، وقد تخيل الفردوس على شكل مكتبة، كان يعتبر نفسه قارئًا فى المقام الأول، لم يكن يقرأ سوى للمتعة، ولم يجد نفسه أبدًا مرغمًا على قراءة كتاب حتى الصفحة الأخيرة.

يقول صاحب المرايا والمتاهات: «أنا قارئ ينشد المتعة: لم أشأ أن يكون للشعور بالواجب يد فى شأن شخصى كشراء الكتب»، «تاريخ القراءة» يجيب عن الأسباب التى دفعت الإنسان إلى حب الكتب والقراءة منذ أقدم العصور، من خلال كتابات أشهر الأدباء والفلاسفة الذين عرفوا بحبهم للقراءة والكتب.

استعرض مانجويل نخبة من عظماء العالم الذين كانوا يكتبون ويحبون القراءة، يحدثنا عن الأمير الفارسى الذى كان يصطحب مكتبته المؤلفة من ١١٧٠٠٠ كتاب على ظهر قافلة من الجمال مصنفة حسب الأحرف الأبجدية، ولا ينسى حكاية أكبر سارق للكتب فى العالم، الدوق ليبرى، أو قصة عمال التبغ فى كوبا الذين كانوا يحبون الاستماع إلى قراءة الكتب، ما جعلهم يطلقون أسماء أبطال الروايات على أنواع السجائر.

فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية توجد معلومات غريبة ومثيرة عن القراءة والكتب، نقلًا عن الدكتور أنور ابراهيم، بينها أن القراءة هى واحدة من أكثر مسكنات التوتر فعالية، وجد الباحثون فى جامعة ساسكس أن ست دقائق فقط من القراءة يمكن أن تقلل من هرمونات التوتر فى الجسم بنسبة تصل إلى ٦٨٪ مقارنة بألعاب الفيديو التى تقلل من التوتر بنسبة ٢١٪ فقط، والمشى بنسبة ٤٢.

تتكون أطول كلمة فى العالم من ١٨٩٨١٩ حرفًا، هو اسم بروتين ونطقه يستغرق ثلاث ساعات ونصف الساعة، أطول جملة تجدها لدى ڤيكتور هوجو تتكون إحدى الجمل فى روايته «البؤساء» من ٨٣٢ كلمة، أغلى كتاب فى العالم هو كود ليستر، نسبة إلى إيرل ليستر، الذى اشترى فى عام ١٧١٧ جميع الملاحظات والرسومات المتبقية التى تركها ليوناردو داڤنشى ودمجها فى كتاب واحد من ٧٢ صفحة، واشتراه بيل جيتس سنة ١٩٩٤ بـ٣٠٫٨٠٠ مليون دولار.

أطول رواية هى «البحث عن الزمن الضائع» لمارسيل بروست تضم نحو ١٫٣ مليون كلمة، الكتب الأكثر مبيعًا والأكثر شهرة لملكة الرواية البوليسية أجاثا كريستى، تمت ترجمة ٨٧ رواية لها إلى٤٤ لغة وباعت أكثر من مليار نسخة.

دخلت الأختان ديلانى موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر الكاتبات سنًا، لقد نشرا كتابيهما الأول عندما كان عمر الأولى ١١٣ عامًا والثانية ١٠٥ أعوام. الكاتب الذى يحمل الرقم القياسى للكتب المنشورة هو البرازيلى خوسيه كارلوس ريوكى دى البويم إينو، الذى كتب ١٠٤٦ رواية خيال علمى وأفلام تشويق نشرت فى عشر سنوات.